الإعلام اللبناني يعلن حالة الطوارئ إثر تفشي كورونا: "#خليك_بالبيت"

الإعلام اللبناني يعلن حالة الطوارئ إثر تفشي كورونا: "#خليك_بالبيت"

12 مارس 2020
إجراءات وقائية للمراسلين أيضاً (يوتيوب)
+ الخط -
قرّرت المؤسسات الإعلامية في لبنان إعلان حالة طوارئ "ذاتية"، في قرار يعتبر اللبنانيون أنّ الدولة عجزت عن اتخاذه، رغم تسجيل حالتي وفاة لمواطنَيْن لبنانيَيْن بفيروس كورونا وتجاوز عدد المصابين الستين.

الأجواء "التفاؤلية" التي كانت سائدة بالأمس عند اللبنانيين بإمكان إعلان الحكومة حالة طوارئ في البلاد، سرعان ما نسفتها مقررات لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا التي أعلنها رئيس الحكومة، حسان دياب، فور انتهاء الاجتماع في السرايا الحكومية. إذ اقتصرت على التمنيات للقطاع الخاص وتشديد إجراءات المرفق العام وإقفالات طاولت مراكز تجارية ومنتجعات وحدائق عامة ومتاحف ودور التعليم وغيرها من أماكن سهر وترفيه، مع إيقافٍ "متأخر" للرحلات من وإلى الصين وكوريا الجنوبية وإيطاليا.

هذه التدابير "الهشة" لحكومةٍ وزير صحتها حمل شعار "لا داعي للهلع" مع وصول الفيروس إلى لبنان قبل إعلان انتشاره في البلاد، دفعت مؤسسات إعلامية إلى اتخاذ إجراءات استثنائية منها العمل في المنزل تنفيذاً لقرار بعض المواقع الإلكترونية. وأطلقت صحيفة "النهار"، قبل يومين، حملةً بعنوان "ما تستهتر" نشرت فيها على صفحاتها صوراً تدعو للالتزام بالإرشادات الوقائيّة من الفيروس.

كذلك، عمدت مؤسسات الإعلام المرئي إلى التخفيف من مناوبات المراسلين وتوزيع المهام بحسب أهمية الحدث وتفادي الأماكن المكتظة، واتخذ قسم منها قراراً بوقفِ تغطية التظاهرات والمسيرات والمؤتمرات التي تشهد اكتظاظاً.

وبدأت المؤسسات بتطبيق الفحوصات المطلوبة قبل دخول الموظفين والعمال والصحافيين إلى مبنى المؤسسة، أبرزها قياس الحرارة، استخدام المواد الوقائية وتعقيم المكاتب والمداخل. كما أوقف عدد منها استخدام آلة البصم عند تسجيل الدخول تفادياً لانتقال البكتيريا التي تتركها الإصبع.

وأعلنت قناة "أم تي في" اللبنانية حالة طوارئ "بعد تقاعس الدولة اللبنانية في اتخاذ هكذا خطوة"، متمنيةً على المواطنين الالتزام بالبقاء في منازلهم وعدم التنقل إلا للضرورات القصوى.

وقالت "أم تي في" في مقدمة نشرتها المسائية أمس: "أيها اللبنانيون، أم تي في حال الطوارئ، وتدعوكم الى إعلانها والتزام مفاعيلها وتطبيقاتها طوعا، فتحجروا على أنفسكم وأطفالكم، لأن دولتكم فقدت جرأتها، وتخلت عن سيادتها غير عابئة بمصيركم، وقد قررت الهروب الى الأمام مرة جديدة، بامتناعها عن إعلان حال الطوارئ".


وأثارت الخطوة ردود فعلٍ واسعة، إذ اعتبرها البعض جريئة وضروريّة، فيما تساءل قسم من اللبنانيين عن الصفة التي تخوّل وسائل إعلاميّة إعلان حالة الطوارئ. 

وسرعان ما ردّ المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع على خطوة MTV، من خلال بيان، معتبراً فيه أنّ المؤسسة "ترفع من وتيرة مخاوف اللبنانيين وقلقهم على مستقبلهم ومستقبل البلد"، متمنياً على رئيس مجلس إدارة القناة ميشال المر تصحيح هذا الخطأ. بيان أتى مخيباً جداً من قبل "مرجع" من المفترض أن يقف هو والنقابات السائدة للمجال الإعلامي، إلى جانب وسائل الإعلام والمراسلين الذين يؤدون مهامهم بإنسانية رغم المخاطر التي تواجههم لتوعية الناس ومحاربة ظاهرة الـFake News أي الأخبار الزائفة، وإيصال الحقيقة كما هي.

من جهتها، أصدرت وزيرة الإعلام منال عبدالصمد بياناً ردت فيه على خطوة "أم تي في"، وقالت "ما أحوجنا الى حس المسؤولية في زمن الأزمات، وما أبعدنا عنه في بعض الإعلام. لقد هالنا ما رأيناه على بعض شاشات التلفزة المحلية من افتراء على الدولة واتهامها بالتقاعس، ودعوة إلى إعلان حال الطوارئ". وأضافت: "لم تتقاعس الدولة في متابعة أزمة كورونا المستجدة والإحاطة بكل جوانبها، بشهادة العديد من السفراء الذين أبلغوا المسؤولين اللبنانيين أنّ بلادهم اتخذت من إجراءات لبنان نموذجاً لاعتمادها"، لافتةً إلى أن إعلان حال الطوارئ منوط حصراً بالحكومة، وتحديداً بثلثي أعضائها، متسائلةً "فكيف تعلن محطة تلفزيونية حال الطوارئ؟".


بدورها، أطلقت المؤسسة اللبنانية للارسال LBCI وقناة "الجديد" حملة "خليك بالبيت" شارك فيها إعلاميون من مختلف المؤسسات الإعلامية للحد من انتشار "كورونا" وحث المواطنين على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة.

وقالت "الجديد" في مقدمة نشرتها مساء أمس الأربعاء "البلاد اليوم دولة ومجتمعاً ومواطنين وإعلاماً وقطاعات رسمية وخاصة.. كلهم مسؤول، وهذه المرة لن تكون الإرشادات صادرة من السلطات المحلية المعنية وحسب بل من كل مواطن يمتلك صفة الوعي ويهتم لحياة الناس فلا يتهاون أو يستخف بالخطر لأنه سيساهم في نشر الوباء وقبل الدولة فإن الإعلام وجد نفسه في المقدمة وعليه مسؤولية نشر هذا الوعي خدمة للصحة العامة".

وأضافت "من هنا بدأت حملات إعلامية موحدة تحت هاشتاغ #خليك_بالبيت. فلبنان الذي انتفض وانتصر على الأمراض السياسية .. لبنان الثائر قادر اليوم على قيادة ثورة منزلية لمنع انتشار فيروس كورونا. ومن تنفس الحرية يوما فليجعل نفسه راحة لمن يحب وحرصا على محيطه والأهل وحماية للبلد".

وتابعت "هي حالة طوارئ إعلامية للإرشاد والتوقي اقترحتها الجديد وLBCI على محطات التلفزة ولا تتضمن أي سبق صحافي ولا أي مصارعة إعلامية حرة.. لأننا جميعا تحت خطر واحد.. عدونا وعدو العالم مشترك".

من جهتها، قالت قناة "LBCI" في مقدمة نشرتها المسائية: "الوقت ينفد أمامنا جميعاً، وساعة المواجهة دقت، ولكي نقول الأمور كما هي، لا إمكانية لدينا لاستيعاب الأعداد متى كبرت، وهي حتما ستكبر، فـ"خليكن بالبيت"، لأن هذه الطريقة هي الحل الوحيد المتبقي لكي نتمكن من تخفيض سرعة انتشار المرض. "خليكن بالبيت" وساعدوا بتخفيف سرعة انتشار المرض".


وأعلنت القناة عن سلسلة إجراءات وقائية لحماية صحافييها، بينها التوقف عن تغطية التجمعات والمؤتمرات المكتظة وإجراء مقابلات وجهاً لوجه. وظهر العاملون في القناة في تقريرٍ لها يرتدون أقنعة وجه (كمامات) لكن من دون ارتداء كفّين، وهو المعيار الهامّ للوقاية من كورونا.

وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب، مساء أمس الأربعاء، إلغاء الرحلات الجوية والبرية إلى إيطاليا والصين وإيران وكوريا الجنوبية، واتخاذ جميع التدابير لمنع التجمعات العامة والخاصة، وطلب من أرباب العمل في القطاعات كافة اتخاذ التدابير لحماية العمّال.

وقال: "نواجه مرضاً يتفشى في معظم الدول بالعالم، والحكومة لم تتأخر عن أي إجراءات لحماية اللبنانيين"، مضيفاً: "حفاظاً على الصحة العامة، طلبت من الإدارات العامة والبلديات وضع جدول مناوبة بالحد الأدنى من الموظفين، وطلبت اتخاذ جميع التدابير لمنع التجمعات العامة والخاصة، كذلك طلبت من أرباب العمل في القطاعات كافة اتخاذ التدابير لحماية العمل".

وفور انتشار معلومات تتحدث عن أن لجنة الوقاية ستتخذ قرارات مهمة أمس، سارع المواطنون إلى المحال التجاريّة (السوبرماركت) لشراء المواد الغذائية الأساسية، ما أدى إلى تسجيل توافد آلاف الناس، وخلق حالاً من الهلع والبلبلة أدت إلى فقدان مواد مثل الطحين والبن والخبز والمعكرونة والسكر وغيرها.

وأعلنت منظّمة الصحة العالمية، الأربعاء، أنّها باتت تعتبر فيروس كورونا المستجدّ الذي أصاب أكثر من 110 آلاف شخص حول العالم منذ كانون الأول/ديسمبر 2019، "جائحة"، لكنها أكّدت أنّ هذا الوباء العالمي ما زال من الممكن "السيطرة عليه". وبحسب المنظّمة التابعة للأمم المتحدة فقد تضاعف في الأسبوعين الأخيرين عدد الإصابات بالفيروس خارج الصين 13 مرة، كما تضاعف عدد البلدان التي وصل إليها الوباء ثلاث مرّات.