لا أمان للصحافيين التونسيين

لا أمان للصحافيين التونسيين

15 أكتوبر 2016
لا أمان للصحافيين في تونس (فرانس برس)
+ الخط -
رغم تعدد وسائل الإعلام التونسية وتنوعها بعد ثورة 14 يناير/ كانون الثاني 2011، لم يحصل الصحافيون التونسيون على الأمان المهني حتى اليوم. فبعد الثورة تحول عدد وسائل الإعلام من بضع تلفزيونات وإذاعات كانت ملكاً للدولة ولأصهار عائلة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، إلى 14 قناة تلفزيونية، منها قناتان رسميتان، يضاف إليها قناة "الزيتونة" التي تبث بشكل غير قانوني، و41 محطة إذاعية، منها تسع إذاعات رسمية و50 صحيفة ورقية (العدد كان قبل الثورة 228 صحيفة)، و50 موقعاً إخبارياً مصنّفاً ووكالة أنباء رسمية.
رغم هذا التنوع الكمي والنوعي، لا تخفى معاناة الصحافيين التونسيين من هشاشة وضعيتهم المهنية ومستوى "التأجير" الضعيف الذي يعانون منه، فيقول الإعلامي الشاب محمد أمين بن هلال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "سوق الشغل التونسية في مجال الإعلام محدودة. إضافة إلى ذلك، فإن أصحاب المؤسسات الإعلامية الخاصة يفكرون فى جني المكاسب المالية دون مراعاة الأوضاع الاجتماعية للصحافيين الشبان"، ويضيف: "كما أن الغلق والطرد التعسفي بات اليوم عملة متداولة في سوق الشغل الإعلامية التونسية".
عمليات طرد وإقفال للمؤسسات الإعلامية يصعب حصرها، ففي الصحافة الورقية أغلقت منذ 2011 أكثر من 178 مؤسسة إعلامية، ما نتج عنه طرد العاملين في هذه المؤسسات، من صحافيين وتقنيين وإداريين، وجدوا أنفسهم في بطالة إجبارية. وآخر هذه المؤسسات التي أغلقت كانت صحيفة "التونسية" اليومية التي اعتصم العاملون فيها لأكثر من ثلاثة أشهر في مقر الصحيفة من دون التوصل إلى حلول تضمن لهم حقوقهم، ما جعل الكثيرين منهم اليوم يعانون من البطالة والطرد التعسفي ويطالبون الأطراف الفاعلة، من حكومة ونقابات مهنية، بإيجاد حلول سريعة لأوضاعهم.
القنوات التلفزيونية لم تكن بمنأى هي الأخرى عن عمليات الطرد لصحافيين مثلما حصل أخيراً مع قناة "شبكة تونس الإخبارية"، التي قامت بطرد عدد من العاملين بحجة الأزمة المالية التي تعانيها المؤسسة. لكن الأسوأ، حسب ما صرح به بعض العاملين في قنوات تلفزيونية كبرى في تونس، لـ"العربي الجديد"، هو البطالة المقنعة التي يعانيها هؤلاء، فهم يعملون في بعض التلفزيونات وبعض المحطات الإذاعية من دون وجود ضمانات قانونية تحفظ لهم عملهم وبأجور زهيدة لا يحصلون عليها إلا بعد 3 أشهر، ما يجعل وضعيتهم الاجتماعية صعبة، خاصة لدى بعض الصحافيات والصحافيين من المحافظات الداخلية والذين يعملون في العاصمة التونسية ويستأجرون شققاً جماعية لإيوائهم، ومع ذلك قد لا يجدون حتى ثمن إيجار لهذه الشقق.
هذه الوضعية الصعبة للإعلاميين التونسيين يرجعها بعض المختصين إلى الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس منذ سنوات والتي انعكست بالضرورة على وسائل الإعلام، خاصة أمام تراجع سوق الإعلانات التجارية والتي يقدرها البعض بمائة مليون دينار تونسي (50 مليون دولار أميركي سنوياً)، وهو مبلغ سنوي زهيد لا يستطيع تغطية نفقات وسائل الإعلام التونسية مجتمعة. وضع اقتصادي صعب برزت ملامحه بداية هذا الأسبوع بإعلان إدارة راديو "كلمة" نيتها غلق المحطة الإذاعية، علما أن العاملين فيها لم يتلقوا أجورهم منذ ثلاثة أشهر.
وضع الصحافيين التونسيين الهش نبّه له تقرير الحريات الصحافية الذي أصدرته النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين يوم 3 مايو/ أيار الماضي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، معتبرة أن هذه الوضعية أكبر تهديد لحرية الصحافة في تونس، وأعادت التنبيه إليه الأربعاء الماضي، من خلال قرارها ببعث "مرصد الحقوق المهنيّة للصحافيين التونسيين" بهدف فضح كلّ التجاوزات لحقوق العمل للزملاء الصحافيين وتعزيز تضامنهم في أفق تنقية المناخ الاجتماعي الصحافي ودعم صحافة الجودة.