إعلاميّات أمّهات: مهنة المتاعب حقاً

إعلاميّات أمّهات: مهنة المتاعب حقاً

21 مارس 2015
تجد الإعلاميّات صعوبةً في التوفيق بين البيت والعمل (Getty)
+ الخط -
بالنسبة لكثيرين، فإنّ خيار خوض المرأة للإعلام لا يتوافق مع خيار الأمومة. فيرى هؤلاء أنّ المرأة لن تستطيع أن تُوفّق بين كونها إعلاميّة، مع ما يتطلّب ذلك من مهام، ومع أولادها، لتقوم بدورها كاملاً كأم. لكنّ إعلاميّات كثيرات في العالم العربي خضن التجربة، رغم كُلّ الأقاويل والصعوبات.

ريمي درباس: لا أستطيع التوفيق

تقول المذيعة اللبنانية في قناة LBCI، ريمي درباس سليمان، أنّ "التوفيق بين الأمومة والمهنة أمر صعب جداً". لدى ريمي ابنتان، الأولى 4 سنوات، والثانية سنتان. توضح أنّها عندما أصبحت أماً، طرحت تساؤلاتٍ عن إمكانيّة نجاحها في العمل والأمومة معاً. وتضيف: "فكّرتُ في ترك العمل في البداية، لأنّه أمر صعب، خصوصاً عندما يكون الأولاد في سنّ صغيرة".

تؤكّد درباس أنّ الأولويّة هي لأولادها. وتقول: "أولادي بالطبع هم أولوية عن أي حدث قد يحصل".

لكنّ هذا الأمر، لا يمنع درباس من شغفها في خوض تجارب قد تكون خطرة في العمل، لأنّها تعرف أنّها لن تقدم على فعل غير مدروس. فقد شاركت مثلاً في تغطية معارك طرابلس (شمال لبنان). وتضيف لـ"العربي الجديد": "لم أفكّر في السابق إن كنتُ سأختار بين العمل والأمومة. فقط خضتُ التجربتين. حبّي للصحافة يفوق كُلّ شيء، ولكن هناك أيضاً أولويات".


أحلام اليعقوب: لا أحد أهم من أبنائي

عندما يكون الخيار بين رعاية طفل مريض أو سبق إعلامي مهم، يكون خيار المذيعة السعودية أحلام اليعقوب البقاء إلى جوار طفلها حتى يتحسن، على أمل أن تنجح في إيجاد سبق صحافي آخر. اليعقوب أم لطفلين: فيصل (9 سنوات) وطلال (ثلاث سنوات)، ونجحت في التوفيق بين عملها كمذيعة في mbc-fm وأم وربَّة منزل من خلال وضع أولويات لها، فهي تعمل في فترة الظهيرة لكي تكون متفرغة لعائلتها مساء، وتصرّ على أن تفرغ نفسها في عطلة الأسبوع لطفليها فقط.

تعتبر اليعقوب عيد الأم فرصةً للدلال. وتقول لـ"العربي الجديد": "أدلل أمي لدلالها لي، وأحب أن يدللني أبنائي لدلالي لهم"، ولأنها تعتبر الأسرة هي "السعادة" فهي قادرة على "دمج المهام بالحياة"، حسبما تقول. وتضيف: "الأَوْلى من ذلك العطاء بمحبة ورضا، لا أن يشعر الإنسان
أنه يقدم واجب المسؤولية فقط".

ولكي تفرّغ نفسها لرعاية أطفالها الصغار أكثر، فهي تسعى إلى أن تجدد مع زملائها لتبادل الخبرات والفترات البرامجية كل ستة أشهر، والهدف منذ ذلك ألا تُقصّر في دورها كأم. وتقول: "حالياً أقدّم برنامجاً إذاعياً يومياً من الساعة الثالثة وحتى الخامسة مساءً، وهو موعد يناسبني تماماً، خاصةً وأن نوعية البرنامج الاجتماعية تستهويني". وتضيف: "هي محاولة لنقل ما أتقنه".

وتؤكد اليعقوب التي تزوجت وهي صغيرة أن الأولوية في حياتها لأبنائها، وتقول: "أولويتي المطلقة بالتأكيد للأبناء، ولحسن الحظ جهة العمل متفهمة جداً لمسؤولياتنا الأسرية". وتعترف أنها لو اضطرت للاختيار بين رعاية ابنها المريض أو محاورة شخصية مهمة عبر الأثير فستختار البقاء إلى جوار ابنها بلا تردد، وتضيف: "المهم ستزيد أهميته في اليوم التالي، فلا داعي لتأجيل أجمل لحظات الأمومة لأجل كائن من كان".

زينة برجاوي: الأمومة والعمل لا يتعارضان

رغم أنّها تُعاني بسبب عدم وجود دوام عملٍ محدد، ولصغر سنّ ابنتها سيال (عام واحد)، تؤكّد الصحافية اللبنانية في جريدة "السفير"، زينة برجاوي، أنّ "العمل كإعلاميّة هو عمل، كأي عمل آخر له متطلّبات وصعوبات، وهذا لا يعني أنّه قد يكون سبباً في التقصير كأمّ، أو أن
تكون أمومتي سبباً لأترك العمل". وتضيف لـ"العربي الجديد": "يُمكن العمل والتوفيق بين الأمرين حتى لو كان صعباً جداً".

تروي برجاوي أنّها في البداية وجدت صعوبة قصوى لأنّ ابنتها كانت تحتاج رعايةً كبيرة. وتقول: "أهلي وأهل زوجي يُساعدونني في التوفيق، فلو حصل أمر طارئ في العمل، عليَّ الذهاب لأنّ لا خيارات في ذلك". تؤكّد برجاوي في الوقت نفسه أنّ "عدم وجود دوام عمل محدد يُصعّب الأمر، ولكنّ الأولويّات موجودة، فابنتي أولويّة بالتأكيد". وتضيف: "مع الوقت اعتدتُ وتأقلمتُ مع كوني أمّاً وإعلاميّة في الوقت نفسه".

منى الدريدي: الأمومة حالة نفسية خاصة

الإعلاميّة التونسيّة منى الدرديري أيضاً أمّ منذ وقت قصير، فابنها يوسف لا يزال في أشهره الأولى. منذ عام، كان وقت الدرديري موجّهاً لإذاعة "تونس الثقافيّة" التي تعمل فيها. لكنّ ذلك تغيّر اليوم، وعن ذلك تقول الدرديري: "منذ مقدم ابني يوسف تغير نسق حياتي كليًّا، فالأمومة حالة نفسية قبل أن تكون ممارسة يومية، ولهذا كان لدي استعداد ما قبل لهذه المرحلة الجديدة، فبينما كنت من قبل لا أمنح عامل الوقت الكثير من الاعتبار عند ممارستي لعملي، اليوم أنا حريصة على التوفيق بين التزاماتي المهنية والتزاماتي العائلية".

وعن تأثير ذلك على عملها كمنشطة في إذاعة "تونس الثقافيّة"، ترى الدرديري أنّه "ربما ما
تغير في عملي هو عدم قدرتي اليوم على القيام بالعمل الميداني، لأنني أصبحت أجد صعوبة في التوفيق بين ممارسة العمل الميداني الذي يتطلب تنقلات داخل تونس وخارجها وبين دوري كأم، لذلك اخترت في هذه المرحلة الاكتفاء بتقديم ثلاث برامج مباشرة مدتها 6 ساعات أسبوعياً".

وتضيف الدرديري لـ"العربي الجديد": "لكن مع ذلك أجد صعوبة كبرى عند تقديم برنامجي الصباحي، حيث أنني مطالبة بأن أكون في الاستديو الساعة الخامسة صباحاً وهو ما يتطلب منّي الاستيقاظ عند الساعة الرابعة صباحاً لكن في بعض الأحيان تجدني أغادر إلى عملي دون التمتع ولو بالقسط اليسير من النوم لأن ابني يوسف يمنعني من ذلك، وهو ما يصعب من مهمتي في تقديم برنامج صباحي يمتد لثلاث ساعات وأنا مرهقة جداً".

لكنّ منى مع ذلك تبدو حريصةً على القيام بدورها كأم وشغفها بعملها الإعلامي، فشعور الأمومة يحفزها على بذل مزيد من العطاء رغم الإرهاق الجسدي، لكنها تجد كل الدعم من زوجها، وتقول في هذا الإطار: "ربما ما ساعدني على التوفيق بين الاهتمام بابني وعملي هو زوجي الإعلامي ناظم الهاني... فهو مدرك لخصوصيّة عملنا، لذلك أجد منه كل الدعم والمساعدة حتى نتمكن من تخطى صعوبات المرحلة الأولى". وتضيف: "ربما لو كان زوجي غير مدرك لخصوصيّة عملي لم أكن لأستطيع التوفيق بين أمومتي وشغفي بمهنتي".

منى الدريدي الأم والإعلامية مدركة لأهمية دورها الأسري والإعلامي وهي عازمة على النجاح في الاثنين، حافزها في ذلك بسمة يوسف التي تصاحبها كل يوم، وحبّ مستمعيها، اللذان يزودانها بالأوكسجين للمقاومة والانتصار للحياة، كما تقول.


إقرأ أيضاً: صحافيات ومدوّنات كسرن الحواجز