الإذاعات الفلسطينيّة تفضح الاحتلال... فيستهدفها

الإذاعات الفلسطينيّة تفضح الاحتلال... فيستهدفها

رام الله

محمود السعدي

محمود السعدي
30 نوفمبر 2015
+ الخط -

ما زالت إذاعة "منبر الحرية" الفلسطينية المحلية، والتي تبث من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، مغلقة بقرار إسرائيلي مدة ستة أشهر، منذ صدور قرار بذلك مطلع الشهر الجاري، ومصادرة كافة معداتها وتخريب محتوياتها بحجة "التحريض"، في ما شتّت الاحتلال 50 موظفًا من طواقمها ليصبحوا بلا عمل.

البث الإذاعي لمنبر الحرية، والذي تعتبره إسرائيل "تحريضًا"، يدحضه مدير عام إذاعة منبر الحرية أيمن القواسمي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إذ يقول إننا "ضد التحريض، بل نبث الحقيقة وننقلها، لكن إسرائيل لا تريد رواية فلسطينية حول جرائمها، بل تريد روايتها أن تسود فقط، فقد وثقنا بعض جرائم الإعدام الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وهم لا يريدون من أحد أن يفضح جرائمهم".

وبعد مرور نحو شهر على إغلاق "منبر الحرية"، فإن عددًا من وسائل الإعلام المحلية حاول استضافة الإذاعة، لكن المستضيفين أصبحوا مستهدفين بالإغلاق أيضًا، إذ تم تهديدهم بإغلاق وسائلهم، بحجة التحريض، كما حدث مع إذاعة "ون" في الخليل، قبل يومين.

ويتبجح الاحتلال بإغلاقه إذاعات فلسطينية، بدعوى أنه "أغلق بؤرًا للإرهاب"، في محاولة لاحتواء الإسرائيليين باستهداف ما يسميه "منابع الإرهاب الفلسطيني" بزعم تمجيد الشهداء وبث أغانٍ وطنية تحرّض على الإسرائيليين، في حين يسمح للإذاعات الإسرائيلية المتطرفة بالتحريض على قتل الفلسطينيين.

يقول مدير منبر الحرية أيمن القواسمي إن "الاحتلال يبرر استهداف الإذاعات الفلسطينية، بأنه يريد إيقاف المقاومة الفلسطينية، ولكن بعد استهداف إذاعة منبر الحرية، وغيرها من الإذاعات، لم تتوقف عمليات المقاومة، ما يدلل على كذب الاحتلال، بل إن ما يجري هو محاولة إسرائيل فرض نفوذها على مناطق السلطة الفلسطينية، في تجاوز إسرائيلي لكل القيم والمعاهدات المتفق عليها".

بينما اعتبرت وزارة الإعلام الفلسطينية، في بيان صادر عنها، أن استهداف الإذاعات الفلسطينية هو استمرار لحملة إرهابية تستهدف الإعلام الفلسطيني، يغذيها تحريض رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته والمتطرفين في إسرائيل، ويتناسون أن التحريض المدعى ضد الإعلام الفلسطيني، يتم تنفيذ فظائعه وجرائمه في كل منابر إسرائيل السياسية والتشريعية والاقتصادية والتعليمية والإعلامية.

ولم تسلم إذاعة "دريم" المحلية، والتي تبث من مدينة الخليل، من قرارات الاحتلال بالإغلاق، صباح أمس الأحد، مدة ستة أشهر، بدعوى التحريض من خلال البرامج المقدمة أو الأغاني، وصادرت بعض محتوياتها، رغم أنها تعمل منذ 10 سنوات، إذ يرى مدير "دريم" طلب الجعبري في حديثه إلى "العربي الجديد" أن الاحتلال الإسرائيلي يريد من الصحافي الفلسطيني أ
لا يقف إلى جانب شعبه بفضح ممارسات الاحتلال بحق الفلسطينيين.

يحاول أصحاب الإذاعات الفلسطينية المغلقة أو المهددة بالإغلاق، والتي وصل عددها إلى أربع، ثلاث منها في الخليل وواحدة في جنين، التواصل مع الجهات الفلسطينية المختصة لتعويضهم أو محاولة إلغاء قرارات الإغلاق واستعادة معداتهم، فيما حاول بعضهم رفع قضايا بهذا الشأن أمام المحاكم الإسرائيلية، والتي يكون فيها القاضي هو الغريم. فيما تحاول نقابة الصحافيين الفلسطينيين ووزارة الإعلام التواصل دوليًا من أجل التصدي لقرارات كهذه، وتوثيق جرائم الاحتلال بحق الإعلام الفلسطيني، فقد وصلت يوم الخميس الماضي إلى مدينة الخليل لجنة تقصي الحقائق الدولية التابعة للاتحاد الدولي للصحافيين، وتم توثيق حجم الأضرار والاستهداف الإسرائيلي للإذاعات في الخليل، ووعدت بمتابعة تلك الانتهاكات الإسرائيلية.

اقرأ أيضاً: صحافيون فلسطينيّون: معاً لمحاكمة الاحتلال دولياً

ويرى أصحاب تلك الإذاعات الفلسطينية، أن الحراك الفلسطيني لا يرتقي إلى المستوى المطلوب، في صد أبشع عدوان على الإعلام الفلسطيني، أو قد لا تستطيع السلطة الفلسطينية صد تلك القرارات، ما يتطلب توفير حماية دولية للفلسطينيين والصحافيين.

في حين، لم يتم تعويض أصحاب الإذاعات بخسائرهم، سوى مساهمات بسيطة من حجم تلك الخسائر كما حدث مع إذاعة "منبر الحرية"، وهو ما دفع طارق سويطي مدير إذاعة "ناس" المحلية في مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، يوم أمس السبت، لإصدار قرار بوقف بث الأغاني الوطنية، والاكتفاء ببرامج إخبارية واجتماعية في إذاعته الخاصة، خشية إغلاق الإذاعة، حينما تم التهديد نهاية الأسبوع الماضي بإغلاق الإذاعة ومصادرة محتوياتها، في حال الاستمرار بما أسماه الاحتلال "بث التحريض"، ولفت الإخطار الإسرائيلي إلى بث "ناس" للأغاني الوطنية الفلسطينية.

وأكد سويطي أن محتوى برامج الإذاعة سيبقى كما هو وفق ما عهدها جمهورها، من خلال التركيز على القضايا المجتمعية والإخبارية الهادفة، وهو أمر أفضل من إغلاقها بالكامل، عدة أشهر، لافتًا إلى تعرض إذاعة "ناس"، والتي تعمل منذ ثلاث سنوات، خلال هذا العام لتهديد بالإغلاق أو وقف البث أربع مرات، بدعوى التشويش على مطار بن غوريون الإسرائيلي.
ولا يتفاءل مدير إذاعة "الخليل" أمجد شاور، كثيرًا حول إلغاء قرارات الاحتلال أو التعويض، إذ إن الخسائر كبيرة، سواء في المعدات المصادرة وتخريب المقر، أو تعويض عشرات العاملين الذين توقف عملهم بسبب الإغلاق.

ولفت شاور إلى عدم تواصل أي جهة فلسطينية رسمية معه بخصوص إغلاق إذاعة "الخليل" ومصادرة معداتها، منذ إغلاقها الأسبوع الماضي، ويرى أن ما جرى يؤكد وجود سياسة إسرائيلية لتكميم الأفواه، ضحيتها الإعلام الفلسطيني.

بينما كان الأمر مختلفًا لدى مدير إذاعة دريم طلب الجعبري، إذ أكد تواصل نقابة الصحافيين الفلسطينيين ووزارة الإعلام الفلسطينية معه، لكنه أكد أنه يتوجب على السلطة الفلسطينية حماية الإعلام الفلسطيني والرد على هذه القرارات بمنع الصحافيين الإسرائيليين من دخول الأراضي الفلسطينية أولاً، والتواصل دوليًا مع كافة الجهات المختصة من أجل الحصول على موقف دولي بهذا الشأن.

وزارة الإعلام الفلسطينية، أكدت في بيان لها، وقوفها إلى جانب الإعلام الفلسطيني بمختلف وسائله التي تطاولها أفعال الاحتلال العدوانية، وأكدت أن رسالة الإعلام الفلسطيني ووقوفه وانحيازه الكامل إلى جانب شعبه، دفاعاً عن حقه في الحرية والحركة والعمل والتنمية والتعليم بعيداً عن إرهاب المحتل الإسرائيلي، ومواصلة  كشف جرائم الاحتلال وجيشه، وتحريضه المتواصل على القتل، ونتائج ذلك التحريض القاتل وتقديمها إلى العالم.​

ذات صلة

الصورة
عمر عساف خلال مشاركته في فعالية تضامنية قبل اعتقاله (العربي الجديد)

مجتمع

كبيرة هي المعاناة التي عايشها الأسير المحرر عمر عساف خلال ستة أشهر من الاعتقال، في ظل سياسة التجويع المعتمدة في سجون الاحتلال، وخصوصاً بعد السابع من أكتوبر.
الصورة

مجتمع

اتسعت حركة الاحتجاج بين طلاب جامعات أميركية ضد سياسة دعم الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة التي تنتهجها إدارة جو بايدن
الصورة

مجتمع

استشهدت فلسطينية حامل وتم إنقاذ جنينها، فيما أصيب آخرون، السبت، بقصف إسرائيلي استهدف منزلاً وأرضاً زراعية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة
الصورة
مطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة (حسن مراد/ Getty)

مجتمع

يسعى أساتذة في تونس إلى تعويض غياب العملية التعليمية الجامعية بالنسبة للطلاب الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي، من خلال مبادرة تعليمية عبر منصات خاصة.

المساهمون