ريهام سعيد... والتلوّث الإعلامي

ريهام سعيد... والتلوّث الإعلامي

31 أكتوبر 2015
ريهام سعيد (فيسبوك)
+ الخط -
استقالت الإعلامية ريهام سعيد من قناة "النهار"، بعدما علّقت القناة بثّ برنامج "صبايا الخير" للإعلاميّة المصريّة يوم أمس الجمعة، بعد أسبوع من الجدل والغضب الذي ساد مصر بسبب تصرّفات المذيعة، وما تلاه من وقف عدد من الرعاة لإعلاناتهم من البرنامج.

حلقة الثلاثاء

فبعد سلسلة من الفضائح المهنيّة والتطبيل والتحريض والاستهانة بحقوق الإنسان، وصولاً إلى السخرية من اللاجئين السوريين عبر حلقة أجريت في بيروت، نشرت سعيد سلسلة صور خاصة لفتاة تدعى سميّة عبيد، تعرّضت للتحرش والاعتداء من قبل أحد الأشخاص في أحد المراكز التجاريّة في مصر الجديدة.

سميّة، نشرت شريط فيديو يظهر فيه المعتدي عليها وهو يضربها بعدما تحرّش بها لفظياً، كما قالت. فأجرت سعيد لقاءً معها وبثّته خلال برنامجها على قناة "النهار" ليل الثلاثاء. ثم خرجت سعيد على المشاهدين بداعي أنّها لم تقتنع برواية الفتاة، فحمّلتها مسؤوليّة الاعتداء عليها "بسبب ملابسها غير اللائقة بالمراكز التجارية التي يدخلها جميع أنواع الناس"، بحسب ما قالت سعيد. والفقرة التي امتدت إلى نصف ساعة، نصفها كان لسعيد بينما كانت تتكلّم عن أخلاق الفتاة و"طريقة حياتها" التي "لا يُمكن أن تكون خلوقة بشكلٍ كافٍ، ما استدعى من الشاب التحرش بها كونها تتقبّل ذلك"، بحسب سعيد.

وأضافت سعيد أنّ "أمراً ما غير مقنع في الرواية، دفعها للتفتيش أكثر، وكانت اللحظة الحاسمة عندما وصلت مجموعة صور إلى هاتف المنتج الفني للبرنامج، تُظهر الفتاة "في أوضاعٍ غير لائقة"، بحسب تعبير ريهام سعيد. وختمت سعيد حلقة الثلاثاء قائلةً "صح في تحرش، بس في بنات زوّدتها. لمّوا بناتكم وحافظوا عليها مش حيحصل لها حاجة".



غضب الأربعاء

تسبّب هذا العمل بغضب واسع على مواقع التواصل الاجتماعي صباح الأربعاء، فدوّن المغردون على وسم "#موتي_ياريهام" مطالبين بإيقاف المذيعة. أما مساء الأربعاء، فكانت التعليقات على الموضوع ما زالت مستمرّة، خصوصاً بعد أن اتهمت سميّة، ريهام سعيد وفريق برنامجها، بالعبث بهاتفها المحمول، واستخراج مجموعة صور شخصيّة لها لعرضها على القناة. هُنا، خرجت الإعلامية إيمان الحصري على قناة "المحور" لتتحدث عن الموضوع، وترفض ما جرى مع حلقة سعيد. واستضافت الفتاة بالإضافة إلى إتاحة الهواء للاتصالات للوقوف إلى جانب الفتاة وتشجيعها على عدم السكوت عن حقها في القضية.

فتحت الحصري الهواء لريهام سعيد، بدعوى حق الرد. لم يتعدَّ الأمر ثوانيَ، حتى أقفلت حصري الخط. فقد افتتحت سعيد الهواء بجملة "أنا ماعرفكيش وماعرفش اسمك"، لتردّ عليها الحصري بأنّها لن تقبل بأن يحدث ذلك في برنامجها، مضيفة: "انت ماحترمتيش احترامنا لحقك بالرد عشان احنا اعلام محترم".



بعد دقائق قليلة، كانت سعيد على الهواء على قناة "النهار". افتتحت الحلقة بالموضوع أيضاً، واستمرّت على موقفها "بحقها في ما فعلته"، لتقول إنّ "من حقها نشر هذه الصور طالما أنّ الفتاة خرجت بموافقتها على الهواء في برنامجنا"، وتقول "أنا سترت عليكِ، وعندنا صور أكتر وعرفنا حاجات كتير. وأنا سترت عليكِ".

لكنّ "المفاجأة" كانت بخروج الإعلامي وائل الإبراشي، الذي كانت سعيد تتغزّل به في حلقة يوم الثلاثاء، على قناة "دريم 2" ليرفض ما جرى هو الآخر. وقال الإبراشي في الحلقة التي استضاف بها الضحية: "نشر صور هو محاولة لتوجيه القضية في اتجاه آخر لإبعاد النظر عن قضية التحرش. هي في النهاية ضحية ولا يجب انتهاك الحياة الشخصية لها. حتى في الدول الأوروبية إن تم التحرش بعاملات الجنس يتم التعامل من قبل الشرطة مع ذلك على أنها قضية تحرش. تحويل الموضوع لن يحول الضحية إلى جانٍ".

مع هاتين الحلقتين واستمرار سعيد على موقفها، كانت مواقع التواصل، تحدث ضجةً أكبر عن الموضوع. فأعاد المغردون استخدام وسم "#موتي_ياريهام"، بالإضافة إلى "#حاكموا_ريهام_سعيد"، مطالبين بمحاسبة المذيعة التي تخطّت كل الخطوط الحمراء في أخلاقيّات الصحافة.

اقرأ أيضاً: ريهام سعيد والحفر المستمرّ نحو قاع جديد

خميس انسحاب المعلنين

يوم الخميس، أطلقت صفحة على "فيسبوك" تدعو لمقاطعة الشركات المعلنة في برنامج سعيد. والتعليقات الغاضبة من تصرّف ريهام سعيد كان لا يزال متداولاً على وسائل التواصل الاجتماعي، واستمرّت المطالبات بمحاسبة سعيد ووقفها عن العمل، بالإضافة إلى إعلان 15 محامياً تطوّعهم للوقوف إلى جانب الضحيّة، سميّة، بينما كانت تعليقات الإعلاميين الذين هاجموا سعيد ورفضوا انتهاكها للحريات والحياة الشخصيّة مستمرة، خصوصاً على مواقع التواصل.

لكنّ المفاجأة أنّه، وبينما كانت إدارة شبكة قنوات "النهار" تجتمع مساء الخميس، حين خرجت أخبار تقول إنّ المذيعة سيتم إيقافها عن العمل في القناة، كانت شركات الإعلان تنسحب واحدةً تلو الأخرى وتعلن عدم مسؤوليّتها عن محتوى برنامج سعيد. "ضغط المال" هذا، عزّزه الإعلامي الساخر باسم يوسف، والذي أطلق حملة "#إعلانك_عندنا" على حسابه على "تويتر"، مشيراً إلى أنّه سيقوم بحملة إعلانية مجانية للشركات التي تقاطع برنامج سعيد. ويوسف يملك 5 ملايين متابعٍ على "تويتر". وأثبتت الحملة التي أطلقها أمس، بالإضافة إلى الحملة التي بادر بها يوم الإثنين الماضي للمطالبة بالحرية للناشط علاء عبد الفتاح، أنّه ما زال من أبرز المؤثرين في الرأي العام المصري.

ودخل الإعلامي يسري فودة على الخط، خاصة بعد السجال الذي دار بينه وبين سعيد عقب إساءتها للاجئين السوريين، ووصفه لها بــ"بلاعات الصرف الإعلامي" والسخرية التي انتشرت إثر ردّ سعيد حينها بالقول "إنّ يسري فودة اشتهر بسببها"، قال: "فيه حد بيشد السيفون.. عشان بقية البلاليع تعيش"، وهو ما ترجمه البعض بإعلان قناة "النهار" عن استضافة خالد صلاح للمذيعة، الذي كان من المفترض أن يتم يوم أمس الجمعة، واعتبروه محاولة من القناة لتدارك الأزمة، وغسل وجهها، ما جعل صلاح بالتالي في مرمى نيران الحملة هو الآخر.
هنا انفرد الصحافي أحمد رجب بخبر إيقاف برنامج سعيد، وقال: "مبروك، بح ريهام سعيد من النهار، انتظروا الخبر رسمي بكرة مساء" على حسابه على "تويتر".


اقرأ أيضاً: المعلنون يهجرون ريهام سعيد... ويلجأون إلى باسم يوسف

جمعة وقف البثّ

"عودة باسم يوسف" بقوّة وتفاعله مع المغردين بالإضافة إلى مسارعة كل شركة للإعلان عن سحبها التمويل، دفع القناة إلى إيقاف البرنامج. وأعلن مالك شبكة قنوات "النهار" المصرية علاء الكحكي على حسابه على "فيسبوك" وقف إذاعة برنامج الإعلامية ريهام سعيد.

ولم تعلن القناة وقف التعامل مع المذيعة، إنما فقط وقف البرنامج. وقال الكحكي إنّ القناة فتحت تحقيقاً موسّعاً بشأن الحلقة المذكورة. كما قررت شبكة تليفزيون النهار إلغاء حلقة اليوم بين الإعلامي خالد صلاح، رئيس تحرير اليوم السابع، والإعلامية ريهام سعيد. وقدمت "النهار" اعتذارها لكل من استاء من الحلقة المذكورة، مؤكدة "احترامها لكل سيدة وفتاة من بناتنا وأهالينا وشعبنا الكريم، وإن كل مشاهدينا وأهالينا هم تاج على رأسنا سنظل نحترمهم ونقدرهم".

وكتبت سعيد على حسابها على "فيسبوك" خبر استقالتها ثم مسحته.


اقرأ أيضاً: قناة "النهار" تعلق بث برنامج ريهام سعيد.. والأخيرة تستقيل


أسبوع مواقع التواصل

بعد نحو عامين من ضعف التأثير الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المصري على حياة المصريين، استطاع الناشطون الوصول إلى نتيجة وتحقيق مكسب عبر إيقاف برنامج ريهام سعيد. فقد كانت التعليقات على مواقع التواصل وإطلاق وسوم عدة بالإضافة إلى نشر منشورات على فيسبوك عن خرق المذيعة لأخلاقيات المهنة واستمرارها بتحقير الأشخاص بالإضافة إلى اختراقها الحرية الشخصيّة لفتاة والتشهير بها، أبرز سبب أوصل إلى وقف برنامجها.

وبرزت تعليقات المغردين في اليومين الماضيين، التي تؤكد أن مواقع التواصل الاجتماعي لها تأثيرها بالتأكيد. فقال المذيع في قناة الجزيرة عثمان آي فرح: "الضغط الشعبي الذي دفع رعاة برنامج المدعوة ريهام سعيد للانسحاب، تذكير بأن التظاهر ليس الوسيلة الوحيدة للاحتجاج ولا الأنجح بالضرورة دائماً".

وكان تدخل الإعلامي الساخر باسم يوسف لدعم القضيّة على حسابه على "تويتر" مؤثرا على شركات الإعلان، حيث كسبت تلك الشركات نظرة المصريين لها على أنها تحترم حياتهم وخصوصياتهم، كما حصلت على إعلانات مجانية على حساب أشهر الإعلاميين المصريين عالمياً، والذي يتابعه على "تويتر" فقط أكثر من 5 ملايين متابع.

وعلت في الفترة الماضية أصوات في مصر تطالب بتغييرات عدة في الحياة الاجتماعية والسياسية، أبرزها الحملة المطالبة بإطلاق سراح الناشط علاء عبدالفتاح وعودة الناشط وائل غنيم.


اقرأ أيضاً: وائل غنيم يعتذر للمصريين ويشرح أسباب صمته

المساهمون