الناشطة عُلا شهبة.. هكذا يُختَرَق المصريون

الناشطة عُلا شهبة.. هكذا يُختَرَق المصريون

18 يوليو 2017
+ الخط -

ليس خافيًا على أحد أن الدولة المصرية وأجهزتها الأمنية والسيادية، تتجسس على المواطنين وتتنصت على هواتفهم وتمارس الرقابة الشاملة على نشاطهم الرقمي، عبر منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية، مثل "فايبر" و"واتس آب"، وانتهاك خصوصياتهم بتتبع مراسلاتهم ومحادثاتهم الشخصية، وذلك بدون الحصول على إذن قضائي، يتوجه إلى أفراد أو جهات، قد تحوم حولهم شبهات أمنية أو جنائية وسياسية، لكن واقع الحال، يشير إلى فرض نمط من المراقبة غير المحدودة، الذي يمس حقوق الأفراد في المعرفة التعبير وضمان خصوصياتهم.

فقد أعلن وزير داخلية الرئيس المخلوع مبارك، أثناء محاكمته، أن جهاز أمن الدولة المصري كان يتجسس على المواطنين والنشطاء والسياسيين، حتى أنه مزح بصورة شديدة الوضاعة، وكأنه "الشيطان يعظ"؛ فعندما كان يتنصت على مكالمة هاتفية، تفصح عن سلوك غير أخلاقي لفتاة، كان يوصي على الفور بضبطها وإحضارها، فمن جانب، ينصحها بالهداية والعدول عما تقترفه، ويسدي لها نصائحه الثمينة، أو يتولى جنوده مهامهم الأخرى بهدف "تجنيدها" وابتزازها بالتسجيلات الصوتية لها للإتيان بمعلومات عن الشخص المستهدف.

سقط رأس النظام وتغير الوزراء وأعضاء الحكومة كما تبدل مسمى جهاز أمن الدولة، سيئ السمعة، إلى الأمن الوطني، لكن ذلك لم يمح بشاعة الوسائل والأهداف من ذاكرتهم الأمنية، التي خلفهما تحولت هذه الاجهزة الأمنية القمعية، إلى مسالخ بشرية، يمارس داخلها صنوف التعذيب والقهر وانتهاك كرامة الإنسان، لدرجة أن الولايات المتحدة أرسلت مساجين بحوزتها، في معتقل غوانتانمو الشهير، للحصول على اعترافات منهم، داخل أقبية سجون الأمن المصري.

أعلنت علا شهبة، الناشطة السياسية، أنها تعرضت لحادث اختراق لحساباتها الشخصية، (فيسبوك، تويتر، جي ميل)؛ وذلك بعد قيام أحد الأشخاص بالاستيلاء على خط تليفونها المحمول، وأوضحت أنها فوجئت في الساعة الواحدة، قبل يومين، برسالة تبلغها بأنه تم استبدال شريحة هاتفها المحمول، وقامت على الفور بالاتصال بخدمة العملاء، بعد أن توقفت شريحة هاتفها الأصلية، وتبين أن أحد الأشخاص بالفعل، قام بتغيير الشريحة لنفسه، من خلال أحد الوكلاء بصورة بطاقتها الشخصية.

وسردت أنها طالبت خدمة العملاء في شركة المحمولة الخاصة بها، بإغلاق الشريحة الجديدة، لأنها لم تطلب تغيير الشريحة، وأن من قام بذلك شخص لا تعرفه، فيما ردت الشركة بأن طالبتها بالذهاب لأقرب فرع في الصباح، وذلك بهدف استخراج شريحة جديدة، لكن المفاجأة كما توضح شهبة، أنه خلال تلك الفترة قام هذا الشخص المجهول باختراق حساباتها الشخصية على (فيسبوك وجي ميل وتويتر)، وتغيير كلمات السر وحذف الأصدقاء من عليها، واطلع على محتوى تلك الحسابات، مشيرة إلى أنها تمكنت من استعادة حسابي (تويتر وجي ميل)، لكنها لا تزال تفاوض شركة فيسبوك لاستعادة حساباتها.

آثار وبصمات الجهات الأمنية، ربما، تكون واضحة ولا يمكن إخفاؤها، أو على أقل تقدير، تنحية سيناريو ضلوعها في ذلك الأمر، الذي تعمد إلى حدوثه وتكراره سواء بشكل معلن ومفضوح أو تتستر بحيل مختلفة، لكنها على كل حال، لا تنكر امتلاكها أجهزة تجسس، وتطوير استراتيجيتها في المراقبة، التي لم تعد تعتمد على عينات عشوائية وأفراد بعينهم، بينما يخضع الكل للمراقبة الشاملة، حيث استهلت مصر عام 2016، بالاتفاق على صفقة شراء أجهزة مراقبة وتجسس من الحكومة البريطانية.

في هذا العام، الذي وقّعت فيه الحكومة المصرية صفقة أجهزة التجسس، يكون قد مضى على الحكم العسكري في مصر، ثلاثة أعوام، تصاعدت فيها قبضة الدولة الأمنية، وقمعها للحريات وتراجع الحالة الحقوقية بصورة غير مسبوقة، حيث استهدفت من خلالها، فرض السيطرة الأمنية على آخر معاقل الثورة المصرية، وهي مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات والمواقع المستقلة وكافة المنصات الالكترونية.

وتعد هذه الأجهزة بحسب خبراء الاتصال والتكنولوجيا، واحدة من أقوى فئات تكنولوجيا المراقبة، التي تغطي عددًا من أنظمة الاختراق المتقدمة، وهو ما يتيح لعدد من الدول في العالم تنفيذ عمليات مراقبة وتجسس، بقدر أقل من التشكك فيها، ويتيح لها قدرة على الاختراق غير المحدود لأجهزة الاتصالات الخاصة.

وفي يونيو 2014، بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية وقبل إعلان نتيجتها رسميًا، كشفت صحف مصرية، عن وثائق حصلت عليها لكراسة الشروط والمواصفات، التي وضعتها وزارة الداخلية من أجل توريد وتركيب برامج وتطبيقات وأجهزة لمشروعها الجديد: "مشروع رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي"، والتي تكشف عن المخاطر والسلبيات، التي يراها الجهاز الأمني المصري.

أصدر الاتحاد الأوروبي، بعدها بعام، قرارًا يحظر تصدير تكنولوجيات المراقبة والاختراق للحكومة المصرية، بسبب ما وصفه بأنها: "حملة ضخمة تقوم بها الحكومة المصرية من الاعتقالات العشوائية والتحرش ومضايقة المعارضين ومراقبتهم".

توسعات الحكومة المصرية لفرض رقابة ومراقبة على المواطنين وبسط قبضتها باتساعها وامتداداتها، بهذه الصورة القمعية الغليظة، لم تجعلها تفوت فرصة، مثل طلب الحصول على بيانات حية حول عملاء شركة أوبر، التي تعمل في مجال النقل التشاركي في القاهرة مع منافستها كريم، والتي تعرضت لنفس المطلب من الحكومة المصرية، لكن شركة أوبر، رفضت مطلب الحكومة المصرية بالتجسس على عملائها وتوفير بيانات عنهم، حتى لا يصبح أداة بطش في يد أجهزة الأمن المصرية. فيما وافقت شركة كريم، التي تتخذ من دبي مقرًا لها، بحسب ما أعلنه وائل الفخراني مدير فرع مصر، وتحدث عن لقاءات تمت بين المدير التنفيذي لمدير الشركة مدثر شيخة والمخابرات العسكرية المصرية.

المساهمون