موقع "صراحة": أخيرًا بإمكان العربي أن يكون صريحًا

موقع "صراحة": أخيرًا بإمكان العربي أن يكون صريحًا

11 فبراير 2017
(صفحة صراحة/ تويتر)
+ الخط -
"موقعٌ يُساعدك في التعرّف على عيوبك ومزاياك عن طريق الحصول على نقد موظفيك وأصدقائك بسريّة تامّة دون معرفة المراسل"، آخر تغريدة نشرها موقع "صراحة"حتى كتابة هذه الأسطر، الموقع الذي استطاع في الأيّام الثلاثة الأولى من انطلاقه فقط وفي الخامس من هذا الشهر، حشد قرابة الثلاثمئة ألف مستخدم تلقّوا أكثر من مليون رسالة.

بما أن العربي لا يزال خجولًا أو جبانًا في التعبير عن مشاعره، حسب توصيفات العرب أنفسهم، فقد وجد في موقع "صراحة" فرصة جديدة للتخفّي بالتكنولوجيا وإيصال رسائل مشفّرة على النحو الذي يُريده ووفق ما يشعر به وما يفكّر فيه.


مواقف مكتومة
في هذا الموضوع لم نستطع أن نأخذ شهادات لصعوبة الاعتراف، وكشف هوية من كتبوا على هذا الموقع، ولكننا حاولنا أن نرصد بعضًا من الرسائل التي كُتبت تحت غطاء سريّة هذا الموقع ونشرها مُتلقّوها.

كلمة "أحبك" التي ما زالت تؤرّق الشاب العربي عند قولها صراحة في لحظات الصدق والجديّة، بعيدًا عن التصنع والنفاق أو الرياء، تمكنت عبر هذه البوابة الإلكترونية من التحرّك بحريّة ومن الوصول إلى هدفها دون تأخير.

المجتمع العربي ينبض بحكايات الحب المكتومة والمسجونة داخل قوقعة الخجل أو الجبن، أو بسبب نزوع بعض الرجال إلى حبٍّ أكثر من فتاة في الوقت نفسه في ظروف تحتّم عليهم الاعتراف علنًا لواحدة فقط.

"صراحة"، لدى مرسلي أو مستقبلي الرسائل أو "الاعترافات"، هو التوصيف الأقرب لما تتم كتابته عبر هذا الموقع، وما يحيل إليه اسمه، هو الفرصة السانحة وحتى الوحيدة لقول وتلقي ما لا يمكن أن يقال باسم الهوية الشخصية التي ينجرّ عنها تحمّل مسؤولية الكلام والمشاعر التي تعتمر في داخل طرف تجاه طرف آخر، تسليمًا بأن ليس الكل صريحًا في وجهك لكي يقول لك كل ما يشعر به أو يفكّر فيه تجاهك.


جدار الصمت
رسائل كثيرة حملت مشاعر اعتبرت دافئة بما تضمّنته من مشاعر حب يصل حدّ الهذيان، والتعبير عن الاهتمام الخفي جعلت من فتيات كثيرات يتبجّحن برسائل العشق التي تلقينها متلبسات بأسلوب الثناء على هذا الاعتراف، ليبدون أكثر رقيًّا وأرهف حسًا من صاحب الرسالة، في اللحظة نفسها التي يظهرن فيها في مشهد مواصلة أسلوب من قبلهم في الافتخار بمعرفة أن أحدهم واقع في حبّهن من خلال تعبير مصطنع عن حاجتهن، لمعرفة ذلك العاشق الذي يتحمّل الصمت حتى يبادلنه الشعور والحال أننا نعرف أن الكلام مهما بلغ من جمال قارب الشعر، لا يؤثر في كثير من الأحيان في المرأة العربية، نظرًا لأخذها باعتبارات أخرى. فما نشر رسائل الحب، سوى إعلان من المرأة عن أنها معشوقة مكابرة رغم كل شيء.

لا شك في أن فكرة إنشاء هذا الموقع من طرف السعودي زين العابدين توفيق، ولدت من رحم

الحاجة قبل كل شيء باعتبار أن الرجل في المجتمع عربي لازال يرتعش من كلمة صراحة ويضيّق الخناق على كل صوت حرٍّ يخالف السائد، يجاهد فيه الرجل والمرأة لكبت مشاعرهم وميولاتهم تجاه من حولهم إمّا خوفاً أو خجلًا.

عبر تجربة "صراحة" التي اتّخذت من العقل العربي مسرحًا لتجريب التنقل فيه بحريّة من سلطة "العقد الاجتماعي"، وبتجرّد من المسؤولية الهوياتية أن يثبت لنا أن العرب يكادون أن لا يمارسوا الصّراحة مطلقًا من خلال اللهفة على التصارح واليقين الثابت، في أن الحقيقة لا تقال في وجوهم ولا يمكن أن تكون بهويّة معروفة.

تتزاحم صور الرسائل على مواقع التواصل الاجتماعي، من قبل متلقّيها الذين ينتقون أجمل ما قيل فيهم يملأهم اعتقاد أنهم وصلوا أخيرًا إلى لحظة الصراحة والتعرّف على الذات، في عيون الآخرين وأن هذا الموقع قد جاء ليكشف لهم عن كل ما خفي عنهم ودفن في ذوات من حولهم، متناسين أن هذه الرسائل قد لا تكون حقيقية وربّما هي مجرّد شطحات من الفذلكة وتمرير الوقت الذي يُفلح فيه العربي مثلما احترف إنشاء الحسابات المزيّفة على مواقع التواصل الاجتماعي.

المساهمون