صناعة حمض نووي من الصفر.. كائنات جديدة تماماً

صناعة حمض نووي من الصفر.. كائنات جديدة تماماً

28 يوليو 2017
(أنابيب الحمض النووي، تصوير: كتسديسين)
+ الخط -

من إنشاء كروموسم إلى ثلث الجينوم
لطالما تمكّن العلماء من عمل تغييرات معينة في شيفرة الحمض النووي - DNA. والآن، يتّخذون خطوة جذرية للبدء من جديد، وينشئون من الصفر أشكالا لكائنات حيّة مُعاد تصميمها. يتولّى جيف بوِك، الباحث في جامعة نيويورك، إدارة فريق دولي من أحد عشر مختبرًا في أربع قارات يعمل من أجل "إعادة كتابة" المحتوى الوراثي - Genome للخميرة، أو ما يعرف بكامل تسلسل الحمض النووي للكائن الحي، متبعين خطة مُفصّلة نشروها في مارس/ آذار 2014. يُعد عملهم جزءًا من مسعى جريء ومثير للجدل مُنصب على خلق شيفرات حمض نووي DNA مصنوعة خصيصًا لتُحقن في الخلايا الحيّة كي تُغير كيفية عملها، أو حتى توفّر علاجًا للأمراض. كما أنها قد تساعد يومًا ما في منح العلماء قدرة متعمّقة على خلق كائنات جديدة تمامًا.


استغرق الأمر سبع سنوات
في مارس عام 2014، تمكّن الباحثون من خلق أوّل نسخة صناعية لكروموسوم خميرة البيرة (الكرموسوم: يحمل المورثات التي تنقل صفات الآباء إلى الأبناء)، فأخذوا نُتفا دقيقة من حمض نووي صناعي وجمعوها معًا، لتُصبح بذلك أوّل كروموسوم مَصنوع من كائن حقيقي النواة (ذو بنية خلوية معقدة). كان ذلك بمثابة وثبة بالنسبة لمجال علم الأحياء التركيبي، والذي يهدف إلى تعديل الميكروبات لإنتاج منتجات نافعة؛ أدوية جديدة ومنتجات غذائية ووقود حيوي. ومنذ ذلك الوقت يخطط الباحثون ويعملون على صُنع جينوم خميرة كامل يحتوي على 16 كروموسومًا.


ثلث جينوم الخميرة
قال بوِك إن المحتوى الوراثي (جينوم: Genome) هو الشيفرة الجينية الكاملة لأحد الكائنات الحيّة. وتَعلُّم كيفية صنع جينوم من الصفر يعني "أنك تستطيع بالفعل إنشاء شيء ما جديد تمامًا". ويضيف المتحدث أنه ربّما يكشف البحث عن القواعد الأساسية والخفيّة التي تتحكّم في بنية المحتويات الوراثية وأدائها. لكنه أيضًا يفتح المجال أمام الكائنات الحيّة كي تتمتّع بمزايا جديدة ونافعة. يتطلّع بعض العلماء إلى ما هو أبعد، ويرون في المستقبل أشياءً كالأشجار تنقي مصادر المياه، وكالنباتات تكشف عن المتفجّرات في المطارات ومراكز التسوّق.


أمرٌ مقلق
كما تلوح في الأفق فكرة إعادة تصميم الحمض النووي البشري. والفكرة هنا لا تعني إيجاد بشر معدلين وراثيًا. بل، المفترض أن يُحقن DNA مُخلّق في الخلايا، لجعلها أفضل في إنتاج البروتينات الدوائية، أو ربّما لتعديل الخلايا الجذعية كونها مصدرا أكثر أمانًا للنسيج والأعضاء المُصنّعة في المختبر بغرض زرعها في المرضى.

يرى البعض فكرة إعادة صنع DNA بشري أمرًا مقلقًا، ويخطّط العلماء للحصول على توجيهات من علماء الأخلاق والجمهور قبل تجريبها. بالنسبة للبعض، ما تزال فكرة إعادة تصميم الحمض النووي مرعبة. تشعر لوري زولوث، من نورث وسترن، وهي عالمة في أخلاقيات علم الأحياء، بالقلق إزاء صُنع كائنات ذات "خصائص لا يمكننا معرفتها كاملة". وقد يثير العمل غضب الأشخاص المؤمنين بأن خلق حياة من الصفر ربّما يمنح البشر قوّة غير ضرورية وليس لها مبرّر.

قالت لوري "إنه ليس مشروع علميًا وحسب، إنه مشروع أخلاقي وأدبي ولاهوتي بنسبة كبيرة". وحتى الآن تمكن الباحثون من خلق حوالي ثلث المحتوى الوراثي للخميرة. ويأمل بوِك أن يتمّ إنشاء باقي الجينوم بحلول نهاية العام. لكنه يقول إن الأمر سيستغرق وقتًا أطول لاختبار الحمض النووي الجديد وإصلاح ما به من مشكلات، وأخيرًا تجميع الأجزاء المتنوّعة في جينوم صناعي كامل.

المساهمون