الكلب في الموروث الفرعوني

الكلب في الموروث الفرعوني

19 يوليو 2017
كلب "الإبيزا" أكثر الأنواع ظهوراً في اللوحات المصرية (Getty)
+ الخط -
ربما لم تكن الكلاب في عهد الفراعنة محبوبة بقدر القطط. لكن المُؤكّد، أن احترام القدماء لها وصل إلى مرحلة تحنيطها ودفنها مع أصحابها، وأحياناً وضع رفاتها داخل التابوت ذاته الخاصّ بالمتوفّى. بل يمكننا أن نرى في جبانة مدينة أبيدوس الفرعونية القديمة الواقعة في محافظة سوهاج حالياً، والتي يرجع تاريخها إلى خمسة آلاف سنة، قسماً مخصصاً للكلاب التي ماتت في حياة أصحابها، ووضعت بقرب قبور النساء والأقزام.

للصيد والرعي والحراسة
تشير الكلمة المصرية القديمة إيويو إلى الكلب، وتعني أيضاً "نباح الكلب". وقد استخدمت الكلاب في الرعي والصيد والحراسة، وكان قد بدأ استخدام كلاب الشرطة منذ العصر الفرعوني، وأيضاً كان لها دور في العمليات العسكرية، إضافة إلى كونها حيوانات منزلية أليفة صديقة للإنسان. ويمكن رؤية الكلاب بوضوح في اللوحات المصرية القديمة رغم صعوبة تمييز سلالاتها تماماً. مع ذلك يمكن التعرف على سلالات مثل الإبيزا والباسنجي والسلوقي وكلب الصيد الرمادي (الجراي هوند) والماستيف والكلب المسمى بالفرعون، وهي كلها مسميات وضعت في العصور التالية الحديثة، ولا يظن كثير من المؤرخين أن الفراعنة وضعوا أسماء للفصائل لتمييزها.

تعبير عن الإعجاب أو الغضب
ويعتبر الإبيزا أكثر الأنواع ظهوراً في اللوحات المصرية، وهو من الأنواع المصرية الأصل، لكن بعض الروايات تعتبره من الأنواع التي جلبها التجار الفينيقيون معهم في القرن السابع قبل الميلاد، وأن تلك السلالة تعود إلى جزيرة إبيزا. لكن هذه الروايات لا تضع دليلاً حاسماً على وجود هذا النوع في الجزيرة أساساً، لذلك، يُرجِّح باحثون أن أصل الإبيزا مصري.
كما توجد مسميات للكلاب نقلتها لنا الكتابات القديمة مثل الشجاع والمضمون والراعي الطيب وريح الشمال وغيرها من المسميات التي تعبر عن إعجاب أصحابها بها، وأحياناً غضبهم منها مثل تسمية أحد الكلاب "عديم الفائدة". واستخدمت الكلاب في اللوحات أحياناً للتعبير عن الدلالات السلبية مثل الإشارة إلى السجناء على أنهم كلاب الملك. كما شاعت في العصر الفرعوني أطواق الكلاب الجلدية الفاخرة المنقوش عليها أسماء الكلاب وأصحابها.

رمز للحماية
وكان التعبير الرمزي للإله أنوبيس هو جسد محارب قوي أسود اللون وله رأس كلب، وهو رب العالم السفلي ومرشد وحامي أرواح الموتى عبر رحلتهم إلى الآخرة. وكان المصريون القدماء قد لاحظوا طواف الكلاب حول قبور أصحابها وطردها للذئاب والحيوانات المفترسة التي تحاول نبش القبور، لذلك استوحوا رمز الحماية من الكلب، وتشكلت في أذهانهم الصلة بين الحيوان والموتى والآلهة.

إباحة أكل لحومها
أما الكلاب التي تمتلئ بها شوارع مصر الآن ويطلق عليها المصريون اسم الكلاب البلدي، فهي من سلالة "الكلب الفرعون"، ومتوسط ارتفاعها من 50 إلى 70 سنتيمتراً، ويتراوح وزنها بين 15 و25 كيلوغراماً، وهي المشابهة لصورة أنوبيس. وتتميز هذه السلالة بقوة البصر والشراسة والوفاء الشديد لأصحابها. ولكن، في العقود الأخيرة، اتجه المصريون نحو الكلاب المستوردة باهظة الثمن وتكلفة الرعاية أيضاً، وأصبح الكلب البلدي لا يجد له باكياً، ما جعل العيون الزائغة جوعاً تتجه إليه، في ظل غياب الرقابة الصحية للدولة، وخاصة لغزارة إنتاجه وخصوبته الشديدة وسرعة امتلائه لحماً. ولعله عرف طريقه للموائد بالفعل كما فعل سابقه الحمار. وقد أثار هذه القضية أخيراً، فتوى للشيخ خالد الجندي، أحد دعاة الفضائيات، الذي تحدث عن إباحة أكل لحوم الكلاب استناداً إلى المذهب المالكي الذي لا يعترف بنجاسة الكلاب، ويرى كراهة أكلها فقط وليس التحريم.


المساهمون