النساء والحروب... ليست حكراً على الرجال

النساء والحروب... ليست حكراً على الرجال

05 اغسطس 2018
شاركت النساء في الاغاثة في الحرب العالمية الثانية (Getty)
+ الخط -
عادةً، يتمُّ اعتبار الحروب فعلاً من أفعال الرجال. ولا يسمح للنساء بدخول ميدان المعركة. وقدم تمّ اعتبار هذا لفترةٍ طويلة قانونًا في الجيوش الألمانيَّة. حتّى عام 2000، لمّا صدرَ قرارٌ قضائيُّ ينصُّ على المساواة العسكريَّة بين النساء والرجال في الجيش الألماني. 

في عام 1705، من بين قوّات النخبة في هانوفر، أثناء ما يسمّى بـ "حرب الخلافة" الإسبانيَّة. كان ثمَّة مقاتل يُدعَى Caspar Beuerlein. كان، كاسبر، مقاتلاً مثل أي جنديّ آخر في الجيش الألماني. لكن، كان جندياً رجلاً من الخارج فقط، تحت الخوذة والدروع. تحت الملابس، كان ثمَّة امرأة اسمها الحقيقي هو كاثرينا مارغريتا لينك، جنديَّةٌ امرأة تكسبُ لقمة عيشها عن طريق الخدمة في الجيش الألماني آنذاك. بقرار من حاكم ألمانيا آنذاك، فريدرش فيلهم، حكم على كاثرينا بالإعدام بالسيف، وذلك بسبب تهمة "اللواط"، إذْ كانت المثلية الجنسيّة تهمةً يعاقب عليها القانون الألماني بالإعدام وقتها.

هنالك العديد من القصص حول دور النساء في الحرب في أوروبا. نساء قاتلْن في ملابس الرجال. لكن، على مدى قرون، كانت ساحة المعركة حكرًا على الرجال، وكان يتمُّ ربط العنف والحرب بالذكورة كشيءٍ رجعيّ تاريخياً، والسلام بالأنوثة. واحدة من أعرق الصور التقليديَّة في المخيّلة الكونيّة، وهي صورة ابتكرتها الذكورة على الأغلب، هي صورة المرأة السلميّة المسكينة والرجل المقاتل الشرس. وكان على المرأة إذا أرادت أن تقاتل أن تتظاهر بأنها رجل. في الأدب العالمي، الألماني والروسي، تسوَّق المرأة التي ترتدي ملابس أنثويَّة، كتنورة على سبيل المثل، كبطلةٍ فعلاً، ولكن بطلة غير مؤذية في عالم الرجال.

أسباب ذهاب النساء إلى الحروب كانت محطّ دراسة الكثير من العلماء: منها من أجل المغامرة، ومنها من أجل الوطنيَّة، وأيضاً أحياناً هرباً من الظلم والذكوريَّة، وكانت فرصة للنساء المثليات من أجل الانخراط في العلاقات الجنسيّة مع نساء أخريات، أو حتّى بسبب الحب، إذْ تلحق بعض النساء رجالهنّ في الجيش. لم تكن هؤلاء النسوة جنديّاتٍ يُعترَف بهنّ بيروقراطيّاً، لكنّهن شكلن شراكةً متساوية مع الرجال. في القرن الثامن عشر، ازدادت نسبة مشاركة النساء في الجيوش بأوروبا، وبدلاً من الاعتماد على المرتزقة، تمَّ التساهل مع الدخول السري للنساء إلى الجيوش. لكن النساء لم يلعبن دورًا محورياً في القتال، بل كن يستخدمن فقط من أجل حمل الأمتعة والحقائب.



جاءت الحرب العالميّة الأولى وكانت نقطة تحول. ظهرت النساء بشكل متزايد في خدمات الطوارئ المهمة. وتم حصر النساء في دورهن التقليديّ في المنظومة الذكوريّة، ألا وهو "الرعاية"، إذْ صرْنَ يعملن كممرضات في الخدمة الطبيّة. كما عملن في مصانع الأسلحة بدلاً من الرجال الموجودين في الجبهات. لكنّ الجبهة نفسها، منطقة العنف الأساسيَّة، كانت محرّمة على النساء. في الحرب العالميّة الأولى كان التقسيم على الشكل التالي: النساء لـ "الخدمة"، والذكور لـ "الكفاح".
ويشير كثيرٌ من الباحثين، إلى أنَّ عمل النساء في مجال الخدمة لم يكن على الإطلاق شكلاً من أشكال "التحرر"، لأنَّ الاستعانة بالنساء جاءت نتيجة نقصٍ بالموظفين أولاً، وليس اقتناعاً بدور النساء، كما اقتصر دورهن في الموضع الذكوري التقليدي المخترع لهنّ ثانياً، وهو الرعاية. وكان دور النساء في الحرب العالمية الأولى، عاملاً مهماً في منح النساء حق التصويت في ألمانيا عام 1918. أما في الحرب العالمية الثانية، فبسبب اتّساعها، ومشاركة قطاعات واسعة من المدنيين فيها، فإنَّ النساء صرن أقرب إلى ساحة المعركة. لكن، لم يسمح لهن بالدخول على الرغم من ذلك. أكثر من نصف مليون أمرأة خدمن في الجيش النازي الموجود في الجبهات. أكثر من 400 ألف امرأة عملن في الصليب الحرب. أكثر من 10 آلاف امرأة عملن في معسكرات الاعتقال النازيّة.

المساهمون