جوهرة التاج لحدائق الحيوان

جوهرة التاج لحدائق الحيوان

06 يونيو 2018
احتلت مرتبة متقدمة بين أهم حدائق العالم (خالد دسوقي/Getty)
+ الخط -
حالة من الجدل أثارها تسريبٌ حول نية الحكومة المصرية نقل حديقة الحيوانات من مقرها التاريخي في الجيزة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، حيث وُصِفَت الفكرة، بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بأنها تأتي ضمن محاولات تفريغ العاصمة العريقة من كل متنفس يلجأ إليه الفقراء وأبناء الطبقة المتوسطة، لصالح طبقة اجتماعية ناشئة في طريقها للاستمتاع بكل شيء.
رد الفعل الرسمي على تلك الشائعة لم يكن مريحاً، فبالرغم من أن العميد راشد رحيم (رئيس حديقة الحيوانات في الجيزة) أعلن أن ما تناولته وسائل الإعلام حول نقل الحديقة ليس أمراً مطروحاً في الوقت الراهن، ولا يوجد قرار رسمي بذلك؛ فإنه استدرك على نفيه بأن هذه الفكرة تمثل حلماً وأمنية لـ "الجميع"، متجاهلاً الاعتراضات التي صاحبت تلك الشائعة.
وقد أخذ رحيم يعدد فوائد انتقال الحديقة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، من حيث توافر المساحات الكبيرة، وإمكانية الاستفادة في مياه الصرف بعد معالجتها في إنشاء غابات، وتوفير حياة طبيعية للحيوانات، حيث الأمل في إنشاء حديقة حيوانات على أبرز الطرازات الحديثة المتبعة عالمياً. وهو الكلام الذي يتنافى مع الإهمال الذي تعاني منه الحديقة وحيواناتها على مدى سنوات.
يعود تاريخ إنشاء الحديقة إلى عصر الخديوي إسماعيل؛ حيث أمر ببدء العمل فيها سنة 1871 لكنها افتتحت رسمياً في عهد الخديوي توفيق سنة 1891، وتبلغ مساحتها 80 فداناً، ويتجاوز عدد زوارها سنوياً ثلاثة ملايين زائر، وقد ظلت زمناً طويلاً أكبر حديقة للحيوانات في مصر والشرق الأوسط، وأول حدائق الحيوانات في أفريقيا. وهي تضم قرابة 6000 حيوان من نحو 175 نوعاً، بينها أنواع نادرة من التماسيح والأبقار الوحشية، إضافة إلى ما تحويه من مجموعة من النباتات والأشجار النادرة.
كانت الحديقة تحتل مرتبة متقدمة من بين أهم حدائق الحيوانات عالمياً، وتسمى جوهرة التاج لحدائق الحيوان في أفريقيا، حتى أصابها الإهمال في تسعينيات القرن العشرين. وقد استمرت الانتقادات الدولية لأسلوب الإدارة التي تشرف على الحديقة بسبب عدم الأخذ بتوصيات الاتحاد الدولي لحدائق الحيوان، من حيث الاهتمام بها بالشكل المطلوب، وتفشي أمراض قضت على حيوانات نادرة، والمعاملة السيئة التي يتلقاها بعض الحيوانات في الحديقة مثل ربط الأفيال بالسلاسل المعدنية، وهو ما أدى إلى استبعاد مصر في عام 2004 من عضوية الاتحاد الدولي لحدائق الحيوان العام "WAZA".

من جهته، صرّح رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، محمد رجائي، أن كل ما جاء في ما يتعلق بنقل الحديقة إلى العاصمة الإدارية الجديدة عارٍ من الصحة تماماً، موضحاً أن وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، عبد المنعم البنا، خصص 35 مليون جنيه لتطوير الحديقة كمرحلة أولى، لافتًا إلى أن الحديقة إرث حضاري مهم. وأوضح رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، أنه لا يعرف مصدر الشائعات التي انتشرت خلال اليومين الماضيين، متوقعًا أن يكون مصدرها رجال الأعمال، قائلاً: "في رجال أعمال أعينهم على موقع الحديقة".
وفعلاً، كثيرون ممن يرون في نقل الحديقة محاولة للقضاء على كل ما في العاصمة العريقة، ليس سوى سياسة يتبعها رجال الأعمال، كي تحقق استثماراتهم مكتسبات تعود عليهم بالأموال الكثيرة، من دون أن يلتفتوا، نهائياً، إلى الطبقات التي بالكاد تجد لنفسها وسائل ترفيه. وهناك من يشير إلى أن النظام نفسه يتواطأ مع رجال الأعمال هؤلاء، كي يفيد كل منهم الآخر، ويستفيد منه.

المساهمون