"الجلامة"... موسم ليبي لم تفقده الحرب نكهته

"الجلامة"... موسم ليبي لم تفقده الحرب نكهته

01 مايو 2017
من مواسم جزّ الصوف (كيفن فراير/ Getty)
+ الخط -
انطلق منذ أيام موسم جزّ صوف الأغنام، في المنطقة الشرقية والغربية من ليبيا، والمعروف محليًا باسم موسم "الجلامة" الذي يبدأ نهاية الشهر الرابع ويستمر حتى نهاية الشهر الخامس من كل سنة، تزامنًا مع ارتفاع درجات الحرارة التي تنعكس إيجاباً على سهولة الحصول على الصوف من الأغنام. 

ويعتبر موسم "الجلامة" من المواسم التقليدية، وله طقوسه الخاصة، وتوزيع الأدوار فيه، مما يدل على عراقته، ولا سيما أن أنواعاً من الأهازيج والأغاني الشعبية المرتبطة به يختص بها هذا الموسم دون غيره.

وتترتب المواسم طيلة السنة بالنسبة للمواطن الليبي، فهي تبدأ بحرث الأرض وبذر الحبوب نهاية كل سنة مع بداية فصل الشتاء ومن ثمّ متابعة محاصيلها، ومع دخول الربيع يستعجل الليبيون بموسم "الجلامة" مع نهاية فصل الربيع وبداية الصيف قبل موسم الحصاد، تزامناً مع ازدهار المراعي بالكلأ اللازم للرعي قبل الانتقال لمواسم الفواكه في فصل الصيف، ثم العودة لحراثة الأرض نهاية خريف العام وبداية شتائه.

ومع دخول فصل الصيف تعتبر الجلامة، بحسب العزامي الطبولي صاحب أحد المراعي جنوب طرابلس، مهمة حيث تخفف عن الأغنام حرارة شمس الصيف كما تساعدها على الاستفادة من كلأ المراعي.

وعن طقوس موسم الجلامة قال الطبولي في حديث لـ"العربي الجديد" إنه "طقس جماعي، إذ يتجمع أصحاب المراعي الكبيرة وخدمهم في أحد المراعي للجلامة، فإذا ما انتهوا يذهبون للمرعى الآخر، في شكل تعاوني عند الانتهاء من جزّ صوف الأغنام التي تنتظر، مضيفًا أن الأدوار موزعة بين "الجلام" وهو من يتولى جزّ الصوف ويتمتع عادة بقوة بدنية، إذ يقوم بتقييد الأغنام بحبال لتقديمها للجلامة ويأتي بعدها دور "الفكاك"، وهو من يقوم بفك قيدها عند نهاية الجز و"الضمام" وهو من يلملم الصوف بعد الجزّ ويُكومها وينظفها من التراب العالق بها".

ويؤكد سالم الحبوني، صاحب مرعى، بمنطقة التميمي شرق ليبيا، أن طقوس موسم الجلامة لا تزال تحتفظ بترتيباتها من خلال الإعلان عنها، وإرسال شخص للمناداة على أصحاب المراعي وترتيب توزيع تنقلاتهم بينها، وقال في حديث لـ "العربي الجديد" إن أغاني العلم والأهازيج التي تصاحب عملية الجزّ والصرع والضم، لا تزال على حالها ويحتفي بها الأهالي هنا مضيفاً، رغم عزوف الناس عن تربية المواشي، والأغنام خصوصاً، إلا أننا لم نفقد هذا التراث وما زلنا نقوم به دوريا".





ومن موروثات هذا الموسم، أن يولم صاحب المرعى شاة يطلق عليها مسمى "الكرامة" لإكرام من يتوافد على مرعاه ومساعدته، في جزّ صوفها ويشارك في الحفلة المبدئية الأهل والجيران والأصدقاء. 

وأنشأت ليبيا خلال العقود الماضية مصانع للاستفادة من ثروة الصوف، أبرزها مصنع غزل الصوف بالمرج شرق البلاد، الذي ينتج 900 ألف وحدة سنوياً، ومجمّع المصنوعات الصوفية في بني وليد، جنوب شرق العاصمة والذي تبلغ طاقته الإنتاجية 2,1 مليون متر مربع في السنة. 

ويقدر عدد الأغنام في ليبيا بحوالي 6 ملايين رأس، بحسب إحصائية وزارة الزراعة والثروة الحيوانية عام 2010، لكنه يعتقد أنها تناقصت إلى نصف حجمها السابق بسبب عمليات التهريب عبر الحدود إلى دول الجوار منذ أواخر عام 2012.



دلالات

المساهمون