باحث في خبايا الدماغ يفسر قشعريرة الموسيقى

باحث في خبايا الدماغ يفسر قشعريرة الموسيقى

20 يناير 2018
ترتبط بـ"الخوف" السار(العربي الجديد)
+ الخط -


حين يصاب الإنسان بقشعريرة في البدن، أو بما يسمى "جلد الإوزة"، وهو يستمع إلى قطعة موسيقيَّة، أو أغنية معينة ومؤثرة، فإن ردة الفعل اللاإرادية هذه ترتبط بـ"الخوف" السار. هذا ما توصل إليه باحثون في خلايا الدماغ وردة فعله، بحسب ما بثته المجلة الثقافية "ضيف مع سورن هوس" في الإذاعة الدنماركية، وذلك في حوارها مع الباحثين أنفسهم، مساء الأربعاء الماضي.

خبير الدماغ، والملحن في الوقت نفسه في الأكاديمية الملكية للموسيقى، مؤلف كتاب "الموسيقى في المخ"، البروفسور بيتر فوست، من جامعة "آرهوس"، أكَّد أنَّ "هناك مكاناً محدداً في المخ مسؤول دائماً عن تلك القشعريرة التي تصيبنا حين نستمع إلى إسطوانة للبيتلز، (Beatles فرقة موسيقية اشتهرت في السبعينيات، وقتل بإطلاق النار قائدها الانكليزي جون لينون، 1980، وظلت سيرة الفرقة مستمرة)، مثلا من ألبوم "آبي روود" Abbey Road، أو حين نستمع إلى (بول) ماككارتني في غولدن سلمبرز أو My heart will go on في فيلم تيتانيك، فإن هذا المكان هو المسؤول عن المشاعر التي ترتفع فيه القشعريرة التي تسري في نظام مشاعرنا"، بحسب فوست.

بل يرى فوست بعد سلسلة من البحوث على أدمغة البشر "ردة الفعل (في القشعريرة، أو ما يقال شعبيا "اقشعرار البدن") هي انعكاسٌ عصبيٌّ تنقله الأصوات، بحيث نشعر مع الشخص الذي يصدره المغني، فنحسّ بتوحد هوياتي معه في تلك اللحظة تحديداً".

المسألة بالنسبة للبروفسور في الدماغ والملحن المرموق، هي عوامل شخصية وعالمية وثقافية تلعب دوراً في "وقوف شعر ذراعينا حين نستمع إلى قطعة معينة. فمثلاً يصعب على الدنماركيين أن يشعروا بقشعريرة حين يستمعون للموسيقى العربية، إلا إذا كان البعض مطلعاً عليها، ويعرف أنماط الموسيقى العربية ومدلولاتها"، كما يصف فوست.

يبدو أن الدماغ لديه قدرة تفاعل فائقة ومشتركة بين الناس "بتركيز سمعنا ومسح محيطنا ومتغيرات الأنماط على غير توقعاتنا، ما يؤدي إلى هذه القشعريرة والاستمتاع بالخوف الذي تبثه فينا". ما يجري عمليّاً في المخ هو "إرسال إشارات عصبية تسمى الدوبامين، والمرتبطة بمادة يفرزها الدماغ كنوع من المكافأة. فالموسيقى تخلق دائماً نوعاً من التوقعات أثناء الإنصات، ولما سيحدث في الثانية التالية، ما يؤدي إلى تزايد مادة الدوبامين".

يرى هذا الخبير في مجال الموسيقى وطب الدماغ، أن البعض يربط القشعريرة بشيء إيجابي، في حين أنها في الحقيقة فعل فيه خوف، "تشبه تلك التي نراها عند الحيوان الذي ينتفخ ليكبّر نفسه دفاعاً للهروب من الواقعة، إذْ يُفرَز لدينا الدوبامين والأدرينالين. وهي تشبه ردة الفعل التي نعيشها حين نرى فيلم رعب، أو نركب اللعبة الدوارة المرتفعة في التيفولي".

فوست يرى، أيضاً، أن الموسيقى تجعلنا على تواصل مع مشاعرنا الحزينة، "نحن نربط الحزن بأشياء سلبية، وحين نستمع إلى موسيقى فهي في الواقع تدفع تلك السلبية بعيداً. وتربط المشاعر من خلال العملية التي تجريها خلايا الدماغ بأحاسيس إيجابية، وبالتالي تجعلنا لا ننظر بسلبيّة لشعور الحزن، فالمخ يعمل أيضاً على تهدئة مشاعر الخطر".

ونشرَت صحيفة "ديلي ميل" البريطانيَّة، عام 2013، دراسة جديدة تشير إلى أن الاستماع إلى مقطوعات الموسيقار العالمي موزارت يمكن أن تساعد العقل على التركيز، وتطوير قدراته أفضل من الشاي والقهوة أو أي موسيقى أخرى. ووجدت الدراسة أنّ الاستماع إلى المقطوعة الراقصة الهادئة التي تعرف باسم "المينيويت" لموزارت، رفعت قدرات مجموعة من صغار وكبار السن العقلية، ومكنتهم من التركيز لإنهاء مهمة محددة بالشكل الصحيح. ويقول العلماء إن هذه الاكتشافات تساعد على إثبات الدور الحيوي الذي تلعبه الموسيقى في تطور العقل البشري.


 

المساهمون