التكنولوجيا ترسم معالم مستقبل السياحة

التكنولوجيا ترسم معالم مستقبل السياحة

11 مارس 2015
تعمل التكنولوجيا على تسهيل إجراءات السياح (Getty)
+ الخط -
تعتبر السياحة رافعة للاقتصاد العالمي، على الرغم من معوقات الأزمة الاقتصادية وحالة التوتر السياسي وعدم الاستقرار، في ‏مناطق عديدة من العالم، حيث تساهم بنسبة ‏‎ ‏15 % من مجموع الناتج الداخلي العالمي، وتخلق سنويا ‏‎ ‏10 % من فرص العمل. ‏وقد عززت تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات تطور القطاع السياحي العالمي، وأفرزت تغييرات كثيرة في بنيته الاقتصادية ‏والخدمية، فأصبحت التكنولوجيا ميزة تنافسية في مجال الأعمال السياحية. 
والجدير بالذكر أن القطاع السياحي متعدد الروافد، يلتقي ‏فيه فاعلون كثر وتتقاطع بداخله مصالحهم، والمقصود هنا، المؤسسات الرسمية متمثلة في الوزارة الوصية بالسياحة، المؤسسات ‏الفندقية، المنعشون العقاريون، المسثتمرون الماليون كالمصارف والصناديق الاستثمارية، وكالات الأسفار، معاهد التكوين السياحي ‏والفندقي، المرشدون السياحيون ومؤسسات النقل الجوي. وبذلك أضحت التكنولوجيا حلقة الوصل، للضبط والربط بين ‏اختصاصات وتداخلات هؤلاء الفاعلين في صناعة السياحة.‏

وفي هذا السياق، تستحوذ السياحة على حصة الأسد من حجم التجارة الإلكترونية، وقارب دخلها 150 مليار دولار سنة ‏‏2014، واعتمد مليار و235 مليون سائح على الخدمات‎ ‎السياحية‎ ‎الإلكترونية،‎ ‎إما‎ ‎للاستفسار‎ ‎أوللحجز‎ ‎والسفر، كما يستأثر ‏القطاع السياحي على ‏‎ ‏45 % من عائدات الإعلانات الإلكترونية، ونجد أن نسبة‎ ‎السياحة‎ ‎الإلكترونية من مجمل القطاع، وصلت ‏في فرنسا‎ ‎إلى ‏‎ ‏85 % و‎ ‏70 % في اسبانيا و‎66 % في تركيا. ‏
وعلى هذا النحو، توفر تكنولوجيا المعلومات والاتصال، إمكانية إنجاز وترويج الخدمات السياحية عبر شبكات التجارة ‏الإلكترونية، وتستعمل في إرساء كيانات سياحية معتمدة على إدارة المعرفة، كالفنادق الذكية التي تتبنى النظم المعلوماتية الحديثة، ‏المخفضة للتكاليف والمربحة للوقت، والتطبيقات المركبة المقوية للتنافسية. بالإضافة إلى التسويق الإلكتروني للعرض السياحي ‏القادر على جلب السائحين، والمؤسس للمناخ الاستثماري الملائم والداعم لترويج السفر.‏ 
تقدم السياحة الإلكترونية عروضاً مرنة وموجهة حسب حاجات الزوار، من خلال مد جسور التواصل معهم لمعرفة رغباتهم ‏وميولهم فيما يتعلق بوسيلة التنقل، درجة ومكان الفندق، الأماكن المتاحة للزيارة وكذلك أنواع المطاعم ومحلات التسوق. ‏ناهيك عن إسهامات تكنولوجيا التواصل في تقريب المسافة من السياح، دون الحاجة إلى وسطاء، حيث تمكنهم من البحث عن ‏الخدمات السياحية المعبرة عن حاجياتهم الفعلية، ومرافقتهم عبر النصح والإرشاد، كما تسهل عليهم أداء فواتير الزيارة من خلال ‏الأداء ببطاقات الائتمان الدولية.‏
وعلى هذا الأساس، فالسياحة اليوم هي سوق افتراضية تتأثر بفعل التطور التكنولوجي، ويظهر ذلك بوضوح عبر مستويين، ‏الأول يهتم بالمحتوى الرقمي الذي يتطلب تجميع المعلومات السياحية عن المؤشرات، العروض، الأسعار ورقمنة ونشر المعلومات السياحية، عبر شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ‏للترويج للخدمات السياحية.

أما المستوى الثاني، فتبرز فيه الطفرة ‏التكنولوجية في صناعة السياحة التي أفرزت زيادة في الفاعلين بالقطاع، واتساعاً لنسيجه الاقتصادي بظهور مؤسسات جديدة ترتبط ‏بالخدمة عبر الإنترنت، الاتصالات والوساطة الإلكترونية، محركات البحث السياحي، وكذلك المصارف الإلكترونية المساعدة على ‏الحجز وصرافة العملة. ‏
تتجلى أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات في القطاع السياحي، في تداخلها مع مسار العملية السياحية من التخطيط إلى التعاقد ‏مرورا بالحجز والتسويق والترويج، وتبين الاتجاهات المستقبلية للسياحة الإلكترونية، أن تغييرات جذرية ستطرأ على القطاع من خلال بوادر بدأت تلوح في ‏الأفق، كالاستعانة بالحجوزات المباشرة عبر الإنترنت بدلاً من وكالات الأسفار ومكاتب الطيران، ترويج المنتج السياحي من ‏خلال الهواتف الذكية والأجهزة التفاعلية. وكذلك، اللجوء إلى الأفلام الترويجية عبر الإنترنت، والتي تدخل السائح في تجربة حية ‏بالمنطقة التي يود زيارتها. ونتيجة لكل ما تقدم، فمهام تكنولوجيا المعلومات ستتجسد في تعزيز الشراكات الاستراتجية بالقطاع ‏السياحي، والارتقاء بالقطاعات السياحية الصاعدة كالسياحة الطبية، السياحة الثقافية ‏والسياحة الرياضية.‏ 
(باحث و أكاديمي مغربي)

إقرأ أيضا: سوق الصيرفة: منبع السيولة في الاقتصادات العربية

المساهمون