تونس: "قانون المصالحة" يتعثر في أولى جلساته

تونس: "قانون المصالحة" يتعثر في أولى جلساته

30 يونيو 2016
جدل بالبرلمان التونسي حول دستورية عرض قانون المصالحة (الأناضول)
+ الخط -
شهدت الجلسة البرلمانية الأولى لمناقشة مبادرة الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، المتعلقة بالمصالحة الاقتصادية والمالية نقاشا حادا، نتج عنه توقيف أشغالها إثر احتجاج المعارضة على عرض المبادرة بصيغتها الأصلية، "رغم أنها كانت محل نقاشات انتهت إلى تعديلها وملاءمتها مع الدستور".

وتوترت الأجواء، أمس الأربعاء، بين المعارضة وممثلي حزب "نداء تونس"، خلال الاجتماع الذي عقدته لجنة التشريع العام بشأن المشروع، إذ انتقدت المعارضة تمرير المشروع بصيغته الأولى التي أحالها قائد السبسي إلى البرلمان، معتبرة أن هناك صيغة أخرى تتضمن نتائج مفاوضات طويلة أجريت خلال الفترة الماضية، وكانت ثمرة توافقات وتحسينات. 

وقال رئيس كتلة "الجبهة الشعبية" وعضو لجنة التشريع، أحمد الصديق، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن نواب كتلته اعترضوا على جانبين في عرض المشروع، "يتعلق الأول بعرض المشروع على لجنة التشريع العام، في حين أنه من اختصاصات لجنة الحقوق والحريات، لأن النظام الداخلي للبرلمان ينص، بكل وضوح، في فصله السابع والثمانين، على أن النظر في مشاريع القوانين التي لها علاقة بالعدالة الانتقالية اختصاص حصري للجنة التشريع العام، وبذلك يعتبر مكتب البرلمان قد خالف هذا الفصل، ما يمثل خرقا للدستور"


أما المبرر الثاني للاعتراض، وفق ما صرح به الصديق، فيتمثل في أن "مكتب البرلمان عمد إلى إحالة مشروع قانون يتعلق بتنقيح قانون العدالة الانتقالية لتوسيع صلاحيات لجنة التحكيم والمصالحة بهيئة الحقيقة والكرامة، وهو يصبّ في الموضوع نفسه الخاص بقانون المصالحة، لفصله واستبعاده عن المناقشات التي تدور حول قانون المصالحة"

وأوضح الصديق أنه ستتم مراسلة رئاسة البرلمان من أجل بيان الخطأ الواقع وإعادة إحالة المشروع إلى لجنة الحقوق والحريات، مع مبادرة "الجبهة الشعبية" المتعلقة بالمصالحة، ليتم مناقشة المشروعين بالتوازي. 

ولم تستسغ كتلة "نداء تونس" موقف "الجبهة" و"التيار الديمقراطي"، الذي عبّر بدوره عن رفض المشروع جملة وتفصيلا، لافتا إلى أن "المشروع يعد عفوا وفرصة للفاسدين للإفلات من العقاب"، إذ أكد رئيس "كتلة النداء"، سفيان طوبال، خلال اجتماع اللجنة، أن حزبه "يتشبث بقواعد الديمقراطية التي لا يمكن من خلالها فرض رأي الأقلية على الأغلبية"، معبّرا عن تمسك كتلته بالمشروع بصيغته الأصلية. 

ودخلت "حركة النهضة" بدورها على خط الجدل بعدما تجنبت الخوض فيه سابقا، حيث قالت النائبة عنها، يمينة الزغلامي، "إنه لا يمكن قبول مشروع قانون يخالف الدستور ويخرق قانون العدالة الانتقالية"، فيما اعتبر النائب عن الحركة، سمير ديلو، أن "كل جملة ومادة في مشروع قانون المصالحة يمثل إشكالية، وأن اللجنة لم تنظر فيه رغم مرور سنة على وروده، بسبب الصيغة السلبية التي أحيل بها إلى البرلمان"


ورد رئيس البرلمان، محمد الناصر، الذي أشرف على أولى جلسات اللجنة، على اعتراضات النواب وانتقاداتهم، معتبرا أن "اللجنة حرة في تحديد أولوياتها والمشاريع التي ستنظر فيها، وأنها آثرت النظر في قوانين أخرى ارتأت أنها أكثر أهمية"، مبرزا، في الآن ذاته، أن المشروع جاء لتدعيم منظومة العدالة الانتقالية. 

وأضاف الناصر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "كانت هناك محاولة لتمرير محتويات مشروع قانون المصالحة في قانون ميزانية لسنة 2016، إلا أنه وقع إسقاطها من قبل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، لمخالفتها للدستور، لتنطلق إثر ذلك اجتماعات غير رسمية عقدت من أجل إنجاز أكبر قدر ممكن من التوافق حول مبادرة الرئيس الباجي قائد السبسي، بحضور مختلف رؤساء وممثلي الكتل".

وذكر رئيس البرلمان أن الاجتماعات التي عقدت توصلت إلى الاتفاق، وأنه "قد حان أوان عرضه على اللجنة"، مشددا على أن هناك إجماعا على ضرورة النظر فيه في هذه الفترة، معبرا عن أمله في أن يتجاوز أعضاء اللجنة الاختلافات ويحصل توافق بينهم. 

ولم يستبعد الناصر أن يتم إدخال تعديلات عدة على المشروع، بعد الاستماع لرئاسة الجمهورية والجهات المعنية بالأمر. 

وينظر مكتب البرلمان، اليوم الخميس، في مطلب لجنة التشريع العام تقديم الأسانيد القانونية التي جعلته يحيل المشروع إليها، رغم أنه من اختصاص لجنة الحقوق والحريات، في انتظار الفصل في المسألة وتجاوز حالة التعطيل.