اجتماع الائتلاف التونسي الحاكم... محاولة ترميم التصدّع وتأجيل للقطيعة

اجتماع الائتلاف التونسي الحاكم... محاولة ترميم التصدّع وتأجيل للقطيعة

25 ابريل 2016
لم يفلح الائتلاف الحاكم في إخفاء مشاكله(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

يرى مراقبون أنّ تصريحات أعضاء أحزاب الائتلاف الحاكم في تونس، تحت عناوين تجاوز بعض الخلافات التي حصلت في الفترة الأخيرة، ومزيد من التشاور، والتنسيق في ما بينها لتلافي الخلافات الداخلية التي كادت تعصف بالائتلاف، مجرد محاولات لإخماد النيران، وتأجيل الخلافات السياسية بين أربعة أحزاب (نداء تونس، والنهضة، وآفاق تونس، والاتحاد الوطني الحر) لم تجد التجانس المطلوب، ولا الأرضية المشتركة التي على أساسها قام التحالف الرباعي. ويرجح هؤلاء أن يتجه الائتلاف الحكومي الحالي للبحث عن تشكيلات جديدة، تتكوّن من حزبين اثنين، على الأرجح، هما "النهضة" و"نداء تونس"، وربما تجمع أحزاباً أخرى.

ويأتي إعلان تجاوز الخلافات إثر اجتماع تنسيقية أحزاب الائتلاف الحاكم، أخيراً، في مقر حزب "آفاق تونس" في تونس العاصمة، وسط تساؤلات عما إذا تمكّن الائتلاف الحاكم، من خلال هذا الاجتماع، من معالجة الأزمة التي مرّ بها، أم هي محاولات لتأجيل الانقسامات.

ويعتبر المتحدث باسم حركة "نداء تونس"، عبد العزيز القطي، أن الاجتماع كان إيجابياً، وهدف إلى مزيد من التنسيق، وتوحيد الجهود، ودراسة المقترحات، ومشاريع القوانين المطروحة، وعمل البرلمان للفترة المقبلة. ويوضح القطي لـ"العربي الجديد" أنه لن يتم التخفيض في أحزاب الائتلاف الحاكم من أربعة إلى اثنين، بل إن أحزاب الائتلاف ستواصل عملها، معتبراً أن الوضع في تونس لا يحتمل مزيداً من المشاحنات والانقسامات. ويبيّن المتحدث أن هذا لا يعني عدم الخوض في الأخطاء "بل هي ضرورية لتحسين الأداء لتجنّب مثل هذه الأزمات في المستقبل".

ويوضح أن الحوار بين تنسيقية الائتلاف الحاكم كان مفتوحاً أمام الأحزاب الأربعة التي حضرت الاجتماع، وهي؛ "نداء تونس"، و"النهضة"، و"آفاق تونس"، و"الاتحاد الوطني الحر"، وتم التطرق إلى الأزمة التي شهدها الائتلاف في الفترة الأخيرة إضافة إلى العلاقة مع "آفاق تونس". ويضيف المتحدث باسم حركة "نداء تونس" أنه تم الاتفاق على أن يكون الائتلاف أكثر تجانساً على مستوى العمل البرلماني وفي علاقته بالحكومة. ويشير إلى أنه تم الإدلاء بعدد من المقترحات، والنظر في الحلول لعدد من المشاكل العالقة، فضلاً عن تثمين الخطوات الإيجابية للعمل الحكومي، والتركيز على مزيد من العمل والتنسيق.


من جانبها، تقول النائبة عن "آفاق تونس"، ريم محجوب لـ"العربي الجديد" إنّ اجتماع التنسيقية تطرق إلى الأزمة التي عرفها الائتلاف، وشرح حزب "آفاق تونس" وجهة نظره التي لم تسع للبحث عن أطراف جديدة من خارج الائتلاف، أو إقصاء أي طرف، بل لتحسين العمل على المستوى البرلماني والحكومي. وتؤكد محجوب أنّ الحوار كان صريحاً بين الأحزاب المجتمعة، والأزمة السابقة لم تعد مطروحة خصوصاً بعد النقاش حول طبيعة عمل الائتلاف الحكومي، والتركيز على أن يكون أكثر تجانساً. وتوضح أنهم نظروا في كيفية تشكيل أغلبية مريحة في مجلس نواب الشعب، وتلافي النقص الذي من شأنه أن يعطل العمل، خصوصاً أن هناك أموراً لم تكن مقبولة في دراسة مشاريع القوانين. وتضيف النائبة أنّ الاجتماع نظر في جدول عمل الائتلاف الحكومي للفترة المقبلة، واجتماعات اللجان ومنها اللجنة المختصة في متابعة العمل البرلماني، ولجنة تقييم العمل الحكومي وكذلك في الاجتماع المقبل للتنسيقية مع رئيس الحكومة، الحبيب الصيد.

في المقابل، يقول النائب عن "الكتلة الديمقراطية"، مهدي بن غربية لـ"العربي الجديد" إنّ الائتلاف لن يصمد طويلاً وأحزاباً ستغادره، مستغرباً أن الأحزاب التي كانت تدعو إلى تأسيس جبهة كبيرة، وإعادة التوازن داخل مجلس نواب الشعب، غيّرت، في ليلة وضحاها، وبمجرد اجتماع، مواقفها. ويوضح بن غربية أن هناك ضعفاً وهشاشة على مستوى الائتلاف الحكومي، مشيراً إلى أنّ المتابع للساحة السياسة يلاحظ ائتلافاً قوياً بين "النهضة" و"النداء"، في حين أن بقية الأحزاب مثل "الاتحاد الوطني الحر"، و"آفاق تونس" لم يعد لهما دور صلب في هذا الائتلاف.

ويوضح النائب نفسه أن "آفاق تونس لم يصوّت على مشروع قانون البنك المركزي، ودُعي في اجتماع التنسيقية لتوضيح موقفه، وربما قد يكون فهم الدرس"، على حدّ تعبيره. ويعتبر بن غربية أن جوهر الخلاف سياسي، وهناك مشاكل حقيقية داخل أحزاب الائتلاف الحاكم، والمسألة لا تتعلق بإسقاط مشروع قانون البنك المركزي، أو تعطيل قانون المحكمة الدستورية. ويبين أن "دور الائتلاف الحاكم العمل والتركيز على مشاكل البلاد، لا أن يصبح الائتلاف هو المشكلة"، مشيراً إلى أن "آفاق تونس كانت لديه نية إدخال الائتلاف الحاكم في أزمة".  

بدوره، شكك القيادي في حركة "النهضة"، لطفي زيتون، في تصريحات إعلامية، باستمرار التحالف الرباعي في الحكومة في ظل حالة التململ والنزاعات الداخلية التي يعيشها عدد من الأحزاب المشاركة في الحكومة. وقال زيتون إن "القاعدة الصلبة للتحالف هي بين حزبَي حركة نداء تونس والنهضة، وهي قادرة على الاستمرار لكن التحالف الرباعي بدأ يهتز''، مضيفاً ''لا نعرف بعد ما إذا كانت هذه الاهتزازات ستفضي إلى الإطاحة بالرباعي أم هي أزمة كشف عنها التصويت الأخير في البرلمان على قانون تنظيم عمل البنك المركزي".