مباحثات اندماج "فتح الشام" و"الأحرار" بسورية: تباينات "شرعية" وسياسية

مباحثات اندماج "فتح الشام" و"الأحرار" بسورية: تباينات "شرعية" وسياسية

03 سبتمبر 2016
تشيد "الأحرار" بقرار الجبهة الانفصال عن "القاعدة" (علي الحفاوي/الأناضول)
+ الخط -
تزداد وتيرة الأحاديث عن دمج يُحضَّر له بين فصائل سورية مسلحة إسلامية الهوية. وفي حال إتمام المشروع، فقد يحدث تغيّراً لافتاً في موازين القوى شمالي البلاد، خصوصاً أن من يتصدّره هو حركة "أحرار الشام الإسلامية" وجبهة "فتح الشام" (النصرة سابقاً). وعلى الرغم من أن إعلاناً رسمياً بهذا الخصوص لم يصدر بعد، إلا أن تقاطُع بعض المعلومات عن مصادر مقرّبة من هذه المباحثات التي تحدثت عن شكل هذا الاندماج من حيث تقاسم المناصب القيادية، ترجح حصوله، لكن تبقى القضايا "الفكرية العقائدية" والتوجهات الجديدة غير واضحة إلى اليوم بسبب خلافات حاصلة بين الطرفين. وظهرت بعض إرهاصات هذه المشاكل مع أنباء حدوث انشقاقات محدودة في صفوف جبهة "فتح الشام" بعد إعلان فك ارتباطها بتنظيم "القاعدة".

وتحدث العديد مما يسمونهم "الشرعيين" وقيادات في هذين التنظيمين عن جهود تُبذل في إطار عملية الدمج المقرّرة، مشيرين إلى وجود بعض العقبات "لكن المباحثات لا تزال مستمرة". وغرّد "مزمجر الشام"، المعروف باطلاعه على قضايا الفصائل الإسلامية في سورية عبر حسابه على موقع تويتر، أن "الفصائل الكبرى في الشمال تواصل مباحثاتها للاندماج في ما بينها. الكثير من المسائل العالقة تم حلها والمباحثات مستمرة حول جزئية واحدة فقط"، لافتاً إلى أن زعيم "فتح الشام" أبو محمد الجولاني "أجرى جولة مكوكية لقادة الفصائل في الشمال، وبدا حريصاً على توحيد الفصائل، متنازلاً عن إمارة الكيان الجديد" بحسب أدبيات هذا التنظيم. ويتابع "مزمجر الشام" أن الجولاني "أظهر تغيراً كبيراً في خطاب جبهة فتح الشام وعقلية منفتحة، ومرونة كبيرة في مناقشة المسائل المثيرة للجدل"، وفقاً للمغرّد ذاته.

وبحسب تغريدات الأخير، فإن "الجولاني يواجه على الطرف الآخر تحدياً مع تواصل انشقاق بعض القيادات عن جبهة فتح الشام، وكان آخرهم الفاروق السوري، وهو وجه بارز في تنظيم القاعدة سابقاً، وسبق أن أعلن رسمياً انشقاقه عن جبهة فتح الشام رداً على قرار الجولاني بالانفصال عن القاعدة". وتحدث المصدر ذاته على حسابه عن أن "بعض المنشقين عن جبهة فتح الشام بدأوا بالتفكير جدياً في إنشاء فرع سري جديد لتنظيم القاعدة، وهذا ما قد يضعهم في مواجهة مباشرة مع الجولاني نفسه". ولفت المزمجر إلى أن "إحدى المسائل التي لا تزال عالقة في المباحثات هي دخول جيش الإسلام في هذا التوحد المرتقب، ورقعته الجغرافية، وليس هناك نية لاستبعاد أي طرف".

ووفقاً لمقربين من المباحثات، فإن بعض النقاط العالقة جرى حلها، كأن يكون "متزعم الفصيل المقرر إنشاؤه من حركة أحرار الشام، على أن يكون نائبه والقائد العسكري والأمني من فتح الشام، أما المكتب السياسي فسيتم اقتسامه مناصفة بين الطرفين ورئيسه من الحركة". ويرى متابعون أن جبهة فتح الشام تريد إبقاء السلطة العسكرية بيدها لعدم ثقتها بالفصائل الأخرى، ما يجعل لها الكلمة العليا مع وجود القوى العسكرية بيدها.


من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم حركة أحرار الشام أحمد قره علي، لـ"العربي الجديد"، إن "الاندماج لا يزال أفكاراً يتم تداولها بين جميع الفصائل، ولا يمكن حصر الأمر بالأحرار وفتح الشام، مع العلم أنه لا يوجد شيء رسمي حتى الآن"، مشيراً إلى أن "الموضوع لم يأخذ صفة رسمية حتى الآن، ونحن نأخذ بعين الاعتبار كل الظروف المحيطة بأي خطوة نتخذها".

وتحدث مسؤول العلاقات الخارجية في حركة أحرار الشام الإسلامية لبيب النحاس، في وقت سابق من الشهر الحالي، في مؤتمر صحافي، عن الاختلاف في الرؤية السياسية بين "أحرار الشام" و "فتح الشام". وقال إنه من الصعب الحكم على الرؤية السياسية الجديدة لجبهة "فتح الشام" التي لا تزال تتبلور وتتجلى للساحة، ولكن إذا عدنا إلى مشروع النصرة فيمكن تلخيص الفوارق الأساسية بالآتي: مشروع حركة أحرار الشام هو مشروع إسلامي ثوري سوري خالص، لا ارتباط له بأي أجندات خارجية، في حين كان ارتباط النصرة بأطراف خارجية معروفاً. انفتاح الأحرار على المدارس الإسلامية المتنوعة التي عرف عنها السعي لنهضة الأمة وريادتها، دفع نحو تنوُّع المرجعيات التي يتم النهل منها، فيما اقتصرت النصرة على السلفية الجهادية أو بعض رموزها بشكل أدق كمرجعية وحيدة.

ولفت إلى أهمية اتخاذ "فتح الشام" خطوات عملية "تثبت أن فك الارتباط مع النصرة ليس تنظيمياً فقط، وهنا نرحب ببوادر التغير في خطابها والصبغة السورية التي بدت واضحة فيها منذ إعلان الجبهة. ونرى أن محاولتهم التواصل مع الخارج وشرح مواقفهم خطوة متميزة أيضاً، لأن الثورة السورية هي شأن إقليمي ودولي بامتياز، ومن الضروري شرح قضيتنا والدفاع عنها في جميع المنابر، خصوصاً أنه مجال تأخرنا فيه". واعتبر النحاس أن "فك الارتباط يعطي الساحة منظوراً جديداً لفكرة توحيد الفصائل وربطها بمشروع ثوري واحد، لكن هذا المشروع يجب أن يضم كل الأطياف الفاعلة والصادقة حتى لا يتحول إلى مشروع استقطاب جديد سيكون له آثار سلبية جداً على الثورة".

وفيما لم يُعرف بدقة حتى اليوم عدد الفصائل الأخرى المنضوية في المباحثات الجارية حالياً والرامية إلى حصول الاندماج، فإن بعض التقارير تتحدث عن توقّعات بأن يشمل الدمج كلاً من جبهة فتح الشام، وحركة أحرار الشام الإسلامية، وجيش المجاهدين، والجبهة الشامية.


المساهمون