أصوات عراقية تحذّر من استمرار التدخّل في أزمات المنطقة

أصوات عراقية تحذّر من استمرار التدخّل في أزمات المنطقة

04 يناير 2017
"الحشد" قوة أكبر من الحكومة (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -
تتصاعد أصوات عراقيين مطالبين بعدم تدخّل بلادهم في شؤون دول المنطقة وأزماتها وحروبها، مثل سورية واليمن والبحرين ودول أخرى مبنية على أساس طائفي، محذرين من خطورة هذا التوجه وأثره على العراق، ومطالبين الحكومة بأن تنأى بنفسها، وتهتم بأمور البلد ومصالحه، بدلاً من زجّه في صراعات خارجية.

وتأتي هذه التحذيرات، تزامناً مع استمرار توافد جثث القتلى العراقيين القادمين من سورية، حيث تشارك 13 مليشيا عراقية هناك، لدعم نظام بشار الأسد.

ويقول سياسيون عراقيون، وقيادات في التيار المدني، إنّ "التدخّل العراقي في شؤون تلك الدول ينطلق من دوافع طائفية، لكون من يتسلمون نظام الحكم في بغداد، هم أنفسهم من أحزاب دينية طائفية".

وقال النائب عن التحالف الكردستاني عرفات كرم، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إنّ "العراق ينجرّ نحو التخندق الطائفي والإيديولوجي في المنطقة، ويمشي خطوات حثيثة بهذا الاتجاه"، معتبراً أنّ رئيس الحكومة حيدر العبادي، "عاجز عن الوقوف بوجه هذا التيّار الخطير".

وأوضح كرم، أنّ مشاركة مليشيا "الحشد الشعبي" في المعارك خارج العراق، ومنها في سورية، "هو أمر واقع"، قائلاً إنّ الحكومة "تخالف الدستور إذا كانت تعرف بذلك، وإن كانت لا تعرف فهي حكومة ضعيفة وعاجزة".

وأسِف كرم لأنّ العراق "أصبح اليوم جزءاً من الصراع الإيديولوجي في المنطقة"، مذكّراً بأنّ الهدف من تشكيل "الحشد الشعبي" القتال داخل العراق، "لكنّه يقاتل اليوم خارج العراق وفقاً لمنطلق طائفي، وهذا واضح من دعوات قادته لولاية الفقيه"، بحسب قوله.

وتابع النائب، أنّ "الحشد وبعد الاعتراف بشرعيته في قانون من قبل البرلمان، أصبح قوة أكبر من الحكومة"، مضيفاً "أنّ العبادي غير راضٍ عن تدخّله (الحشد) في الدول الأخرى، لكنّه لا يستطيع منعه، والدليل أنّ الحشد يذهب ويعود إلى سورية، من دون استشارة الحكومة ولا حتى أخذ رأيها".

وحذّر كرم من "خطورة هذا التوجّه على العراق، لا سيما أنّه بلد من عدة مكونات ولا يمكن أن يُدار من قبل مكون واحد يتحكم بمصيره ويجعله جزءاً من صراع إقليمي"، وشدّد على "أهميّة أن ينأى العراق بنفسه عن التدخّل بالدول الأخرى، في وقت يطالب فيه الدول بعدم التدخل في شؤونه".

وفي السياق طالب القيادي في التيار المدني العراقي محمد الطائي، الحكومة بـ"عدم الاعتراض إذا ما تدخّل أحد في الشأن العراقي" وفق قوله، لـ"العربي الجديد".

وأوضح، أنّ "احتضان الحكومة لجماعة أنصار الله اليمنية (الحوثيين)، وتحويل العراق إلى مستودع بشري لتزويد نظام بشار الأسد بالمقاتلين لمواجهة الشعب السوري، ومن ثم التدخل في الشأن البحريني بشكل سلبي وفتح المنابر الطائفية لذلك، يصب ضمن الأجندة الإيرانية بشكل كامل".

واعتبر الطائي أنّ "تلك السياسات تعزل العراق عن حاضنته العربية لصالح إيران"، مضيفاً أنّ الجميع يعلم بعد 13 عاماً، أنّ النظام الإيراني لا يتعامل مع حكومات العراق المتعاقبة منذ الاحتلال كشركاء أو حلفاء، بل كتوابع لهم".


ووفقاً لتقارير محلية عراقية، فإنّ 41 جثة لمقاتلين من مليشيات "أبو الفضل العباس" و"عصائب أهل الحق" و"الخراساني" العراقية، قد وصلت من مطار دمشق الدولي في سورية، إلى مطار بغداد، كانوا قد قتلوا في فترات مختلفة، لا سيما في اشتباكات ضد المعارضة السورية في وادي بردى، بريف العاصمة دمشق.

وحذّر الخبير السياسي عبد الواحد الخالدي، "من انصياع العراق للأجندات الخارجية وتدخّله بشؤون غيره من البلدان، بشكل مباشر وغير مباشر"، داعياً الحكومة ورئيسها حيدر العبادي، إلى التعامل مع الملفات الخارجية، "بحيادية وبناء علاقات إيجابية مع الجميع".

وقال الخالدي، لـ"العربي الجديد"، إنّه "يتحتّم على الحكومة العراقيّة أن تهتمّ بمشاكل ومصالح العراق بدلاً من الركض خلف الأجندات الخارجية والمحاور الإقليمية والطائفية في المنطقة"، منبّهاً إلى أنّ "زج العراق بمشاكل خارجية وغض الطرف عن مشاركة مليشيا الحشد بسورية واليمن وغيرها، لا يمكن أن يستمر، لا سيما أنّ العبادي أصبح هو القائد للحشد".

يُشار إلى أنّ الحكومة العراقية تبرّر مشاركة مليشيا "الحشد الشعبي" في معارك خارج العراق، بعدم علمها بذلك، مؤكدة أنّها "لن تحاسب أي جهة عراقية تقاتل في الخارج".