ردود فعل متباينة على وفاة بوش... وترامب سيحضر جنازته

ردود فعل متباينة دولياً وشعبياً على وفاة بوش... وترامب سيحضر جنازته

01 ديسمبر 2018
شهد العالم تحوّلات جذرية خلال حقبته (Getty)
+ الخط -
تباينت ردود الفعل على المستويين الرسمي والشعبي على رحيل الرئيس الحادي والأربعين للولايات المتّحدة الأميركية، جورج بوش الأب، عن عمر ناهز 94 عامًا، قضى أربعة منها داخل البيت الأبيض، بين عامي 1989 و1993، عاش خلالها حقبة رئاسية حافلة بالأحداث التحوّلية الكبرى التي غيّرت وجه العالم؛ كانهيار الاتحاد السوفييتي، وحرب الخليج الثانية، وسقوط جدار برلين.

الولايات المتّحدة

وكان جورج بوش الابن، الذي خلف والده في المنصب بين عامي 2001 إلى 2009، أول من نعوا الرئيس الأميركي الأسبق، قائلًا: "كان جورج اتش. دبليو. بوش رجلًا يمتاز بنبل طباعه، وأفضل أب يمكن لابن أو ابنة أن يتمنّياه"، وفق ما نقلت عنه وكالة "فرانس برس".

أمّا الرئيس الحالي، دونالد ترامب، فعلّق قائلًا: "بأصالته وروحه والتزامه الثابت بالإيمان والعائلة وبلده، شكّل الرئيس بوش مصدر إلهام لأجيال من المواطنين الأميركيين، وهو كرئيس فتح الباب أمام عقود الازدهار التي تلت".

كذلك أعلن البيت الأبيض، في وقت لاحق اليوم السبت، أن ترامب سيحضر مراسم الجنازة الرسمية للرئيس الراحل. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض: "يجرى التحضير لجنازة رسمية مع كل مراسم الشرف المواكبة. سيعلن الرئيس الأربعاء 5 كانون الأول/ ديسمبر يوم حداد وطنيًا، وسيحضر مع السيدة الأولى (ميلانيا ترامب) مراسم الجنازة في الكاتدرائية الوطنية في واشنطن"، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس".

وألغى الرئيس الأميركي، أيضًا، مؤتمرًا صحافيًا في قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس، "احترامًا لعائلة بوش"، وكتب في تغريدة على "تويتر": "سننتظر إلى ما بعد الجنازة لعقد مؤتمر صحافي".



أمّا خلفه بيل كلينتون، الذي تسلّم منه دفّة قيادة البيت الأبيض عام 1993 لولايتين رئاسيتين، فقال: "أنا وهيلاري نعزّي في رحيل جورج بوش. أنا ممتن بشدة لكل دقيقة أمضيتها مع الرئيس بوش، وكنت على الدوام أعتقد أن صداقتنا هي من أهم ما حصل لي خلال حياتي"، مضيفًا: "قلائل هم الأميركيون الذين بإمكانهم أن ينافسوا الرئيس بوش بالطريقة التي خدموا فيها الولايات المتحدة".



وعلّق الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، قائلًا: "فقدت أميركا وطنيًا وخادمًا متواضعًا"، أتاح عمله "الحد من آفة الأسلحة النووية وتشكيل ائتلاف دولي لطرد ديكتاتور من الكويت"، وساهمت دبلوماسيته "في إنهاء الحرب الباردة من دون طلقة نار واحدة".



روسيا

أمّا الزعيم السوفييتي الأخير ميخائيل غورباتشوف فنعاه قائلًا: "كان شريكًا فعليًا، وكانت لنا فرصة العمل معًا في حقبة تغيرات هائلة (...) الأمر الذي أدى إلى نهاية الحرب الباردة وسباق التسلح".



الاتحاد الأوروبي

وفي الاتحاد الأوروبي، كانت الردود حاضرة بقوّة من ألمانيا بالذات، التي أعيد توحيد شطريها الشرقي والغربي في حقبة بوش الأب، إذ علّق الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، قائلًا: "ستتذكر ألمانيا على الدوام، وبامتنان كبير، التزامه الكبير لصالح إعادة توحيد ألمانيا. الوحدة الألمانية ما كانت لتحصل لولا صداقة الولايات المتحدة وصداقة رئيسها".

وكان للمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، موقف أيضًا عبر المتحدث باسمها ستيفن شيبرت، الذي قال: "نبكي رحيل الرئيس جورج اتش. دبليو. بوش صديق الألمان. لن ننسى أبدًا مساهمته في إعادة توحيدنا".

ونعاه وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، بالقول: "ندين له بإعادة توحيد بلادنا (...) لقد استغل بشجاعة فرصة إنهاء الحرب الباردة، وكان أيضًا مهندس الوحدة الألمانية. لقد دافع عنها من دون تحفظ منذ البداية".

وفي فرنسا، علّق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "كان زعيمًا كبيرًا وداعمًا قويًا للتحالف مع أوروبا"، مضيفًا: "باسم الشعب الفرنسي أوجه التعازي إلى الأمة الأميركية". 

وبدورها، وصفته رئيسة الحكومة البريطانية، تيريزا ماي، بأنه "كان رجل دولة عظيمًا وصديقًا فعليًا لبلادنا (...) وعبر عمله على إنهاء الحرب الباردة سلميًا، جعل من العالم مكانًا أكثر أمناً للأجيال القادمة، وعمل جنباً إلى جنب مع أصدقائه وزملائه ونظرائه في المملكة المتحدة".

وشكر له رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، دوره في "جعل أوروبا أكثر أمنًا وأكثر توحدًا بعد سقوط جدار برلين والستار الحديدي".

الكويت

وفي الكويت، كان ثمّة نعي وحداد رسمي على الرئيس الذي قاد تحالفًا دوليًا لتحريرها من قبضة الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، ضمن ما أطلق عليه "عاصفة الصحراء"، وعرف اصطلاحًا باسم "حرب الخليج الثانية"، التي مثّلت محطّة فاصلة في تاريخ المنطقة.

ووجّه أمر الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، اليوم، رسالة تعزية إلى الرئيس الأميركي ترامب، عبّر فيها "باسمه وباسم دولة الكويت، حكومة وشعبًا، عن خالص التعازي وصادق المواساة بوفاة بوش". وأشاد في رسالته بـ"مواقفه التاريخية المشرّفة والشجاعة تجاه دولة الكوت، ورفضه للاحتلال العراقي لدولة الكويت منذ الساعات الأولى"، مضيفًا أن هذه المواقف "ستظلّ ماثلة في ذاكرة الكويت ولن تنسى".

وإلى جانب الكويت، وجّهت قطر والإمارات وسلطنة عُمان رسائل تعزية إلى ترامب وإلى بوش الابن.

العراق

وفي الطرف المقابل، حيث عاش الشعب العراقي حصارًا خانقًا أعقب الحرب، ما لبثت أن خفّت وطأته حتى اكتوى بنيران حرب ثانية مدمّرة، يعتبر عدد من العراقيين أن المصير "التعيس" لبلادهم ارتبط بعائلة الرئيسين الأميركيين جورج بوش الأب والابن منذ 27 عامًا من غزو الكويت.

ولم تنته تلك الحرب بتوقف العمليات العسكرية، بل تبعها حصار دولي مطبق زاد من قساوة الظروف التي كان يعانيها العراقيون إبان حكم صدام حسين، وفق ما أوردته "فرانس برس".

وتنقل الوكالة ذاتها عن الكاتب شامل عبد القادر (60 عامًا) أن "صورة جورج بوش الأب تتمازج في الذهن العراقي، قبل عام 1990 وبعده.. كان يتمتع بثقة القيادة العراقية إلى حين القرار الطائش الذي اتخذه صدام حسين بغزو الكويت. وهنا انقلبت الصورة، وبدأ العراقيون ينظرون إليه على أنه مجرم ومعتدٍ... هذا الرجل هو أبو الحصار، اعتصر الشعب العراقي".

أما الخبير الاقتصادي العراقي أحمد صبيح، فيقول للوكالة: "سنوات الحرب أثرت كثيرًا ببلاد الرافدين... تراجع دخل الفرد من 1500 دولار شهريًا، إلى أقل من مائة دولار"، ولم يدفع الثمن إلا الشعب العراقي، بحسب الكاتب والصحافي جمال العتابي، الذي قال: "قدر العراقيين التعيس، أن خراب هذا البلد وتدمير بناه التحتية ارتبطا بعائلة بوش".

ويوافقه في ذلك، بحسب الوكالة، محمد الشيخ (52 عامًا)، وهو الذي شارك كجندي في حرب الخليج الثانية، قائلًا: "هذا الرجل آذى العراقيين في التسعينيات. حصار جائر. كنا نأكل حنطة الحمير في الحصار. قصف المدارس والمستشفيات. حتى محطات الكهرباء ضربها، لم يبق لنا شيئاً".