ترامب وكلينتون في مؤتمر "أيباك": امتحان العلاقة مع إسرائيل

ترامب وكلينتون في مؤتمر "أيباك": امتحان العلاقة مع إسرائيل

17 مارس 2016
كلمة كلينتون المرتقبة بمؤتمر "أيباك" ليست الأولى(نيكولاس كامم/فرانس برس)
+ الخط -
لا يمرّ موسم انتخابات أميركية من دون أن يخضع مرشحو الرئاسة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لامتحان التودد لإسرائيل في المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك) الذي تنظمه في واشنطن، ويعقد هذا العام من 20 إلى 22 مارس/آذار الحالي. وإذا كان عنوان مؤتمر العام الماضي الاتفاق النووي مع إيران وتحدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للإدارة الأميركية، بعدما ألقى خطاباً أمام الكونغرس بدون إشعار البيت الأبيض، فالعنوان هذا العام هو تطلع اللوبي الإسرائيلي إلى ما بعد ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما، من خلال دعوة متصدريْ السباق الرئاسي عند الحزبين الجمهوري والديمقراطي، دونالد ترامب وهيلاري كلينتون، في أول مؤتمر مشترك يجمعهما في السباق الرئاسي.

اقرأ أيضاً: التنافس على "دعم إسرائيل"... عامل يجمع مرشحي الرئاسة الأميركية

ترامب وكلينتون

سيكون مثيراً للاهتمام ترقب كلمة ترامب، الارتجالية كالعادة، لمعرفة ما إذا سيغير خطابه حيال (إسرائيل) الذي تسبب له بانتقادات في الفترة الأخيرة. وتعرض ترامب للتشكيك بدعمه لإسرائيل من قبل منافسيه للرئاسة في الحزب الجمهوري لأنه ذكر بأنه سيكون "حيادياً" بين الإسرائيليين والفلسطينيين قبل الدفاع عن ولائه لإسرائيل، مؤكداً أنه سيستغل قدراته التفاوضية لمحاولة إطلاق عملية السلام. كما رفض ترامب، نهاية العام الماضي، خلال لقاء مع كبار الأثرياء اليهود الأميركيين في الحزب الجمهوري، التعهد بإبقاء القدس المحتلة "عاصمة موحدة لإسرائيل"، مشيراً إلى أنه يريد الانتظار حتى يلتقي نتنياهو خلال زيارة كانت متوقعة في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي قبل أن يلغيها ترامب بشكل مفاجئ بعدما انتقد نتنياهو اقتراحه لحظر المسلمين من السفر الى الولايات المتحدة. كما قال ترامب، في وقت سابق، إن عبء السلام الأكبر يقع على إسرائيل التي عليها أن تقرر "إذا ما كانت تريد القيام بتسوية، وإذا ما كانت ترغب أم لا في التضحية ببعض الأمور".

في المقابل، لم تتردد أصوات يهودية أميركية في انتقاد "أيباك" لدعوتها ترامب، على اعتبار أن أي مواقف مثيرة للجدل قد يطلقها الأخير خلال المؤتمر قد تنعكس سلباً على اللوبي الإسرائيلي. وبالتالي هناك ترقب لهذا الخطاب الذي سيكون أول اختبار لجدية ترامب في مقاربة السياسة الخارجية.
اللافت أيضاً أن أحد المدراء الإقليميين السابقين في "أيباك"، مايكل غلاسنر، يعمل الآن ضمن حملة ترامب كمدير للسياسة الوطنية، وسيكون على الأرجح نقطة التواصل لايصال الرسائل بين المرشح الجمهوري واللوبي الإسرائيلي الأبرز خلال هذا الأسبوع قبيل موعد الخطاب.

من جهتها تحاول كلينتون، منذ فترة، الإبقاء على التوازن بين سياستها المؤيدة لأوباما والتزامها المُعلن بدعم إسرائيل، وبالتالي يُتوقع أن تستمر في هذا الاتجاه خلال الخطاب مع رفع وتيرة الانتقادات تجاه إيران. كما عقد الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، اجتماعاً مع قيادات يهودية أميركية في ولاية فلوريدا خلال شهر فبراير/شباط الماضي. وقد ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن الرئيس الأسبق أكد أن هيلاري كلينتون ستجعل في حال انتخابها "تعزيز التحالف الأميركي-الإسرائيلي على رأس أولوياتها".

بايدن كوسيط بين أوباما ونتنياهو

إضافة الى نجومية ترامب وهيلاري، سيمثّل إدارة أوباما في مؤتمر "أيباك" نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي عاد أخيراً من زيارة إلى كيان الاحتلال، ولا سيما أن اللوبي الإسرائيلي يحاول إصلاح علاقته مع الحزب الديمقراطي بعد توتر السنوات الماضية.
العام الماضي، عندما خرق رئيس مجلس النواب السابق، الجمهوري جون باينر، الأعراف بدعوة نتنياهو بشكل مباشر لإلقاء خطاب في الكونغرس بدون المرور بالبيت الأبيض، حذّرت "أيباك" نتنياهو من مغبة قبول هذه الدعوة بعدما سمعت في الكواليس أن هناك اتجاها ديمقراطياً لمقاطعة الخطاب، في خطوة اعتبرتها "أيباك" تناقضاً مع سعيها للظهور كمجموعة ضغط غير حزبية. لكن نتنياهو تجاهلها وألقى الخطاب.
وكان مفترضاً أن يكون لقاء 9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بين أوباما ونتنياهو هدنة غير معلنة بين الرجلين لطي صفحة هذه العلاقة الصعبة. جاء رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها بخطاب هادئ بدون حتى ذكر الملف النووي الإيراني وحتى اضطر إلى المشاركة في ندوة لمركز "التقدم الأميركي" اليساري في واشنطن لإيصال رسالة أنه ينوي الانفتاح على الليبراليين بقدر تماهيه مع الجمهوريين خلال سنوات ولاية أوباما.
لكن الأسابيع الأخيرة أظهرت أن التوتر الدفين لا يزال قائماً. عشية وصول بايدن الى إسرائيل، اختار نتنياهو إبلاغ البيت الأبيض، عبر الإعلام، عن إلغاء اللقاء الذي كان مفترضاً أن يتم بينه وبين أوباما على هامش مشاركة نتنياهو في مؤتمر "أيباك"، ليقرر رئيس الوزراء الإسرائيلي إلغاء زيارته بالكامل إلى الولايات المتحدة والاستعاضة عن مشاركته المباشرة في المؤتمر بكلمة عبر الأقمار الاصطناعية.

التبرير "الرسمي" الذي اختاره نتنياهو هو "لكي لا يبدو وكأنه يتدخل في الانتخابات التمهيدية الأميركية". لكن إذا كانت المشكلة إيران في السابق، يبدو أنها كوبا هذه المرة. مؤتمر "أيباك" يمتد من 20 إلى 22 مارس/آذار الحالي ويتزامن مع زيارة أوباما الى هافانا، وبالتالي عرض أوباما على نتنياهو توقيت 18 مارس/آذار الذي رفضه عبر الإعلام بدل الرد رسمياً على الدعوة، ما أثار حفيظة البيت الأبيض الذي أعلن عن موقفه بصراحة لوسائل الإعلام الإسرائيلية.

نتنياهو تحفظ سابقاً على تطبيع إدارة أوباما العلاقة مع هافانا وعلى عدم إطلاعه مسبقاً على هذه الخطوة في ضوء العداء بين كوبا وإسرائيل، وحتى كان يوجد تشكيك، غير مبني على وقائع، أن البيت الأبيض تعمّد تحديد الزيارة الكوبية في هذا التوقيت تفادياً لعقد لقاء مع نتنياهو.
لكن المشكلة تبدو أعمق من تفاصيل بروتوكولية ودبلوماسية، إذ يلاحظ أن المفاوضات بين الطرفين حول المساعدات الأميركية لإسرائيل لا تسير كما ترغب حكومة نتنياهو، التي تطالب برفع مستوى المساعدات السنوية من 3 الى 5 مليارات دولار سنوياً لتعويض إسرائيل عن الاتفاق النووي الإيراني. وكانت إدارة أوباما عرضت الشهر الماضي على الحكومة الاسرائيلية، بحسب صحيفة "هآرتس"، 4 مليارات شريطة ألا تسعى للضغط على الكونغرس للحصول على أكثر، لكن يبدو ان نتنياهو لم يقبل بالعرض. وقد هدفت زيارة بايدن إلى إسرائيل، بشكل جزئي، للتفاوض حول تسوية للمساعدات، لكن نتنياهو قد يؤجل هذا الملف ويتركه للرئيس الأميركي المقبل، ولا سيما أن مذكرة التفاهم القائمة حالياً بين البلدين تنتهي صلاحيتها في العام 2018.

اقرأ أيضاً: هل يكون ساندرز أول رئيس يهودي لأميركا؟

المساهمون