انقسام إسرائيلي حول فرص ومخاطر "المصالحة" مع تركيا

انقسام إسرائيلي حول فرص ومخاطر "المصالحة" مع تركيا

27 يونيو 2016
إسرائيل ستوظف المصالحة لتحسين مكانتها الإقليمية(إسلام ياكوت/الأناضول)
+ الخط -
على الرغم من زيادة فرص التوقيع على اتفاق المصالحة بين تركيا وإسرائيل، إلا أن حالة من انعدام اليقين تسود تل أبيب إزاء هذه المصالحة ونتائجها ومدى إسهامها في خدمة المصالح الإسرائيلية. ففي موازاة "الفرص" التي تراهن دوائر صنع القرار في تل أبيب على استغلالها في أعقاب التوصل إلى الاتفاق، هناك قائمة من "المخاطر" التي يخشى البعض أن تواجهها دولة الاحتلال في أعقاب هذا التطور، وهذا ما يفسر التردد الإسرائيلي في التوصل إلى الاتفاق.

وعلى رأس العوامل التي حفزت رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على التوصل إلى الاتفاق مع أنقرة، الرغبة في توظيف استعادة العلاقات مع أنقرة في تحسين مكانة إسرائيل الإقليمية وتطوير قدرتها على المناورة. وذكرت صحيفة "ميكور ريشون" اليمينية المقربة من دوائر صنع القرار في تل أبيب، في عددها الصادر يوم الجمعة الماضي، أن المصالحة مع تركيا تسهل على إسرائيل مهمة الانخراط في المحاور الإقليمية التي تقام من أجل مواجهة تهديدات بعينها. إلى جانب ذلك، يراهن نتنياهو، بشكل خاص، على دور المصالحة مع تركيا في الخروج من الطريق المسدود الذي انتهى إليه مسار إنتاج وتسويق الغاز من الحقول التي سيطرت عليها إسرائيل في عمق البحر الأبيض المتوسط.

وذكرت صحيفة "معاريف" في عددها الصادر يوم الجمعة الماضي، أنه يتوقع، على نطاق واسع، أن يتبع التوقيع على اتفاق المصالحة، التوصل إلى اتفاق حول تصدير الغاز "الإسرائيلي" إلى تركيا. وما زاد من حجم الرهانات على استيراد تركيا هذا الغاز تراجع فرص استيراده من قبل القاهرة، بعد اكتشاف احتياطات الغاز الضخمة الأخيرة في حقل "زوهر" المصري، إلى جانب اشتراط القاهرة تنازل تل أبيب عن الغرامة المالية التي ألزم قرار تحكيم دولي مصر بدفعها، بسبب التوقف عن تزويد الكيان الصهيوني بالغاز المصري بعد تفجر ثورة 25 يناير، والتي تبلغ 1.76 مليار دولار.

ويأمل نتنياهو أن تفضي صفقة بيع الغاز المرجوة مع تركيا إلى تراجع حدة الاعتراض على مسار استغلال حقول الغاز، وهو المسار الذي رفضته المحكمة العليا في إسرائيل أخيراً. في هذا الإطار، يلفت المعلق العسكري في مجلة Israel Defense، عمير رايبوبورت، إلى أن دولة الاحتلال باتت تراهن على دور تركيا في المساعدة على عدم إطالة أية مواجهة مقبلة مع حركة حماس في قطاع غزة.


وفي تحليل نشرته المجلة يوم الجمعة الماضي، نوه رايبوبورت إلى أن الاستنتاج الذي توصلت إليه دوائر صنع القرار في تل أبيب من الحرب الأخيرة على غزة، يتمثل في الإقرار بأن الرهان على دور نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في إدارة جهود الوساطة مع "حماس" خلال الحرب كان "خطأ كبيرا"، على اعتبار أن السيسي كان معنياً بتصفية الحساب مع الحركة الفلسطينية، وليس وضع نهاية للحرب. وحسب رايبوبورت، فإن تل أبيب التي حرصت على منع تركيا من لعب أي دور في الوساطة خلال الحرب الماضية، ستحرص على منح أنقرة تحديداً الدور الأبرز في الوساطة مستقبلاً، بسبب تأثيرها على "حماس"، وذلك على أمل إنهاء أي حرب محتملة بأسرع وقت.

لكن في مقابل "الفرص" التي يبشر بها اتفاق المصالحة، هناك من يشير إلى جملة من "المخاطر" الاستراتيجية التي يمكن أن تنجم عن هذا الاتفاق. وعلى رأس هذه "المخاطر" الخوف من أن يفضي الاتفاق مع تركيا إلى المسّ بعلاقات تل أبيب الاستراتيجية مع كل من روسيا واليونان. في هذا الصدد، ذكرت صحيفة "معاريف"، يوم الجمعة، أن الحكومة اليونانية نقلت، خلال الأسبوع الماضي، عدة رسائل تعبّر فيها عن "قلقها" من تبعات الاتفاق مع أنقرة على العلاقات الثنائية بين تل أبيب وأثينا. وبحسب "معاريف"، لفتت اليونان أنظار إسرائيل في إحدى الرسائل إلى أنه لا يمكن الوثوق بتركيا، وأن تل أبيب بإمكانها الاعتماد فقط على أثينا.

تجدر الإشارة إلى أن كلاً من إسرائيل وقبرص واليونان أعلنت، في العام الماضي، عن تدشين تحالف ثلاثي بينها. فضلاً عن ذلك، لا تثق إسرائيل في حقيقة نوايا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ويقول معلق الشؤون الاستخبارية، يوسي ميلمان، في هذا الصدد، إن الكثيرين في تل أبيب، وضمنهم قيادات أمنية وسياسية، يرون أن من يدير مقاليد الأمور في أنقرة هو نظام حكم إسلامي متشدد، اضطر إلى التصالح مع إسرائيل بسبب اعتبارات إقليمية طارئة، وأن أردوغان يمكن أن يعود إلى التصعيد في المستقبل.

في الوقت ذاته، فإن التوقيع على الاتفاق مع تركيا يمكن أن يفضي إلى أزمة حكومية من شأنها أن تؤدي إلى تفكيك الائتلاف الحاكم في تل أبيب. وكشف موقع صحيفة "معاريف"، أول من أمس السبت، النقاب عن أنه، وبخلاف التسريبات السابقة، لا يزال وزير الأمن الجديد، أفيغدور ليبرمان، يعارض المصالحة مع أنقرة. وعلى الرغم من أن الصحيفة لم تشر إلى المسافة التي يمكن أن يقطعها ليبرمان في معارضته للخطوة، إلا أن هذه المصالحة يمكن أن تؤدي إلى المسّ بوحدة الحكومة الحالية، لا سيما إذا تفجرت المزيد من بؤر الخلاف بين نتنياهو وليبرمان.