مصر: شباب الثورة يدفعون ثمن الانقلاب

مصر: شباب الثورة يدفعون ثمن الانقلاب

02 يوليو 2014
امتطى الانقلاب صهوة حشود 30 يونيو (خالد دسوقي/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
ما بين شهيد ومعتقل ومُطارد ومؤيّد للسلطة الجديدة، التي حكمت البلاد بعد انقلاب 3 يوليو/تموز الماضي، اختلف حال شباب الحركات الثورية، الذين اجتمعوا قبل أيام من ثورة يناير للاتفاق على خطوط انطلاق المسيرات التي اتخذت من ميدان التحرير، وسط القاهرة، وجهة لها للمطالبة بإسقاط نظام عاد ليحكم من جديد بقوة "الدبابة".

لم يتوقع الشباب أن "العسكر سيستغلون دعوتهم للتظاهر في 30 يونيو/حزيران الماضي، لمطالبة الرئيس المعزول محمد مرسي، بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، في الانقلاب على السلطة بعد يومين من التظاهرات".

ويقول عضو المكتب السياسي لحركة "شباب 6 ابريل ــ جبهة أحمد ماهر"، محمد مصطفى: "كنا ندرك أن فلول النظام السابق سيشاركون في المسيرات، ما دفعنا لتنظيم مسيرة للحركات الثورية انطلقت من مسجد الفتح برمسيس، واندلعت اشتباكات بيننا وبين مؤيدي العسكر فور وصولنا لقصر الاتحادية الرئاسي، شرق القاهرة، عندما رددنا هتافات مناهضة لحكم العسكر".

وأكد مصطفى أنهم كشفوا عن مخاوفهم من عودة حكم العسكر خلال لقاء اجتماعهم بمحمد البرادعي، نائب الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور، الذي استقال من منصبه بعد مذبحة فض اعتصام رابعة في 14 أغسطس/آب الماضي، "لكنه طمأننا واستبعد وقوع هذا السيناريو"، على حد تعبيره.

وأوضح أن "الإخوان لم يتركوا لهم خياراً آخر سوى الدعوة للتظاهر للمطالبة بانتخابات مبكرة، بعد أن صمّوا آذانهم عن مطالب الحركات الاحتجاجية المتكررة بإجراء إصلاحات".

سيد وزة.. شهيد ذكرى الثورة

وقُتل عضو حركة "شباب 6 ابريل ــ الجبهة الديمقراطية"، سيد وزة، بطلق ناري على يد قوات الشرطة التي طاردت المتظاهرين المشاركين في فعاليات إحياء الذكرى السنوية الثالثة للثورة، في وسط القاهرة، في 25 يناير/كانون الثاني الماضي.

ولم يُقدم قتلة وزة الذي كان عضواً فاعلاً في حملة "تمرد" للمحاكمة حتى الآن، الأمر الذي اعتبره رفاقه في "6 ابريل" عودة لممارسات الداخلية ما قبل ثورة يناير، "وكأن ثورة لم تقم"، بحسب القيادي في الحركة، محمد فؤاد.

40 ألف معتقل

وكشفت تقارير صادرة عن منظمات حقوقية مصرية عن احتجاز ما يزيد عن 40 ألف معتقل، ينتمون لتيارات سياسية مختلفة، في السجون المصرية منذ وقوع الانقلاب، من بينهم 3 نشطاء بارزين هم مؤسس حركة "شباب 6 ابريل"، أحمد ماهر، والقيادي في الحركة، محمد عادل، والناشط أحمد دومة، المحكوم عليهم بالسجن 3 سنوات وتغريم كل منهم 50 ألف جنيه، بتهمة خرق قانون التظاهر والاعتداء على رجال اﻷمن الموكلين بحراسة مجمع محاكم عابدين.

ودخل ماهر المحتجز في سجن "ليمان طره" في إضراب مفتوح عن الطعام، بدءاً من 10 يونيو/ حزيران الحالي، احتجاجاً على سوء معاملة رئيس مباحث مصلحة السجون، محمد خلوصي، لهم، وانضم إليه عادل، الذي قرر مشاركته إضرابه يوم الاثنين الماضي، عندما نكث مسؤولو السجن بتعهداتهم بتحسين ظروف احتجازهم.

وكان ماهر قد اعترف، في رسالة كتبها في معتقله، ونُشرت بتاريخ 5 يونيو/حزيران الحالي، بعنوان "للأسف جميعنا كان يعلم" بمشاركة كافة أجهزة الدولة في الحشد لتظاهرات 30 يونيو/حزيران الماضي بشكل مباشر، واتفاقهم مع بعض "الأحزاب الكرتونية" الفاشلة وبعض الشخصيات المستقلة لتنفيذ مخططهم، حسب تعبيره.

ولم يكن اعتراف ماهر الوحيد من نوعه، بل أعلنت القيادية في جبهة "طريق الثورة"، جيهان شعبان، أن "تظاهرات 30 يونيو صنيعة الثورة المضادة وأن 3 يوليو كان انقلاباً عسكرياً كامل الأركان".

وتابعت الناشطة اليسارية "يتلقى القضاة الأوامر عبر الهاتف، وأصبحت النيابة فرعاً من أمن الدولة، نريد إسقاط النظام وهدم دولتكم دولة الظلم والاستغلال والاستبداد والطغيان".

الانتهاكات مستمرة

في اليوم التالي لإضراب ماهر عن الطعام، أصدرت واحدة من دوائر الإرهاب التابعة لمحكمة جنايات القاهرة، التي تم تأسيسها بعد انقلاب 3 يوليو/تموز، حكماً بسجن الناشط، علاء عبد الفتاح، و24 آخرين 15 عاماً على خلفية اتهامهم في أحداث مجلس الشورى، التي وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وكما لو أن الذكرى السنوية على تظاهرات 30 يونيو/حزيران تأبى أن تحل قبل أن ينضم معتقلون جدد لقائمة من سبقوهم منذ وقوع الانقلاب، فقد اعتقلت قوات الأمن المصرية 23 ناشطاً، من بينهم سناء سيف، شقيقة الناشط عبد الفتاح، السبت الماضي، بسبب مشاركتهم في مسيرة مناهضة لقانون التظاهر.

وأمرت النيابة بحبس 22 منهم 4 أيام على ذمة التحقيقات وإخلاء سبيل الناشط، عمرو موسى، بكفالة 2000 جنيه بسبب سوء حالته الصحية.

وكانت قوات الأمن المصرية، بمعاونة مجموعات من البلطجية قد فرقت مسيرة دعت جبهة "طريق الثورة"، لتنظيمها باتجاه قصر الاتحادية الرئاسي، للمطالبة بإسقاط قانون التظاهر، باستخدام طلقات الخرطوش وقنابل الغاز المسيل للدموع والزجاجات الفارغة والحجارة.

ثوار المهجر

وأمام حملات الاعتقال الواسعة، اضطر بعض الناشطين للسفر خارج البلاد بعد وقوع الانقلاب، وسافر آخرون قبل وقوعه، ولا يبدو أي أمل في عودة قريبة لهؤلاء حتى سقوط الانقلاب.

أحد هؤلاء هو محمد عباس، الذي لم يكن يعلم أن مغادرته القاهرة، مطلع أغسطس/آب الماضي، للمشاركة في لقاءات تعرضها إحدى الفضائيات الإخبارية، ستعني بقاءه بعيداً عن الوطن لأجل غير مسمى، لأن "الملاحقات الأمنية لكافة معارضي الانقلاب تزيد الوضع تعقيداً".

ويقول عباس إنه "لم يرد اسمي في أي قضية، لكنني لا أستطيع العودة، فاعتقالي من المطار بات مؤكداً بسبب موقفي المناهض للانقلاب وعودة حكم العسكر". ويشير عباس إلى أنه "بالرغم من كل القتل والقمع والاعتقال والتنكيل، أشعر بالتفاؤل وأتوقع اندلاع ثورة جديدة خلال 5 سنوات".

الابتعاد أفضل

وفي ظل عودة البلاد لحكم الديكتاتورية، فضل البعض الاختفاء من المشهد مثل مؤسس صفحة "كلنا خالد سعيد"، وائل غنيم، الذي غادر البلاد بعد 3 يوليو/تموز، إذ يقضي غنيم وقته متنقلاً بين دبي والولايات المتحدة، بعد أن ترك عمله في شركة "غوغل"، ولا يرد على رسائل أصدقائه عبر البريد الإلكتروني الذي أصبح وسيلة الاتصال الوحيدة به"، حسبما أفاد أحد أصدقائه الذي فضل عدم الكشف عن هويته.

بيان القاهرة ودعوة للوحدة

وبعد إدراك استحالة استعادة ثورة يناير إلا بتوحيد الفرقاء ونبذ الخلافات، شكلت مجموعة من شباب الثورة، "لجنة للتنسيق والحوار"، بعد الإعلان عن "بيان القاهرة"، الذي جاء ليحمل دعوة واضحة للاصطفاف الوطني.

وتضم اللجنة 15 شاباً من مختلف التيارات السياسية يعكفون الآن على صياغة إعلان للمبادئ، سيتم أشهاره خلال أسابيع، "كمحاولة لتفادي الأخطاء السابقة بعدم وجود مخطط واضح للمؤمنين بالثورة والساعين لتحقيق أهدافها"، بحسب الناشط اليساري وعضو اللجنة، وليد عبد الرؤوف.

واعتبر عبد الرؤوف، أن "إعلان المبادئ بارقة أمل نحاول جميعاً الالتفاف حولها في وقت عز فيه الأمل وأُصيب فيه الكثير من الرفاق باليأس".

وانضم عدد من شباب الثورة للجنة التنسيق والحوار منهم الناشط، عبد الرحمن يوسف، أحد الذين أصدروا بيان القاهرة، والناشطة في حملة "المليون توقيع على بيان التغيير" التي أطلقها البرادعي قبل الثورة، ريهام الحكيم، والناشط أحمد نجيب، وغيرهم ممن فضلوا عدم الكشف عن هوياتهم.

نشطاء العسكر

يقول أحد الناشطين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لقد "نجح (الرئيس عبد الفتاح) السيسي في استقطاب بعض الوجوة الشبابية لإضفاء طابع ثوري مصطنع على حملته، وكلنا يعلم المقابل الذي حصل عليه طارق الخولي وعمرو عز نظير ذلك"، في إشارة إلى الناشطين البارزين في "إئتلاف شباب الثورة" اللذين انضما للحملة الرئاسية للسيسي.

المساهمون