حكايات "الأولتراس" والحريّة في مصر: أكثر من مدرّجات وسياسة

حكايات "الأولتراس" والحريّة في مصر: أكثر من مدرّجات وسياسة

14 ابريل 2014
عضو "أولتراس أهلاوي" يرفع صورة أحد شهداء الثورة (GETTY)
+ الخط -

"قلناها زمان للمستبدّ.. الحريّة جاية لا بدّ.. ليبرتيا كانت مكتوبة.. يا حكومة بكرة هتعرفي.. بإيدين الشعب هتنضفي.. والآية الليلة مقلوبة.. قالوا الشغب في دمّنا وإزاي بنطلب حقّنا.. يا نظام غبي افهم بقى مطلبي.. حرية".

هذه الكلمات شديدة الحماسة والثورية، من مقطع أغنية: "أولتراس أهلاوي" في مصر، "حرية"، أطلقوها بعد ثورة 25 يناير، بعدما شاركوا فيها بقوة، وكانت أعلامهم وأعلام سائر روابط "الأولتراس" (روابط مشجعي كرة القدم في مصر)، ترفرف في سماء ميادين "التحرير" المصرية، وألعابهم النارية تضيء ظلاماً أحاط بالثوار في اعتصامات طالت لأيام وأسابيع.

لكن روابط "الأولتراس" لا تزال تنفي علاقتها بالساحة السياسية في مصر، مؤكدة أن تضامنها مع الثورة جاء بدافع فردي وثوري، وليس بتنظيم ودعم من الروابط. وعن هذا الموضوع، يقول عضو رابطة "أولتراس أهلاوي"، علي البحيري: "نحن رابطة رياضية ليس لنا علاقة بالسياسة. شاركنا في الثورة وأحداثها بشكل فردي وليس بشكل جماعي منظّم".

ويضيف البحيري: "لا نشارك في الأحداث السياسية إلا إذا تعرّض أحد أعضاء الحركة لضرر ما أو لمواجهات مع الأمن". هكذا يفسّر الرجل وجود شباب "الأولتراس" في العديد من الأحداث السياسية ومحطات ثورة يناير، وخصوصاً في أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء.

أما عن قضية بورسعيد، المعروفة إعلامياً باسم "مباراة الموت"، بعد مبارة كرة القدم بين ناديي الأهلي وبورسعيد، فيقول البحيري إنها كانت "قضية رأي عام مصرية، وليست قضية مشجعين أو رابطة رياضية، وكان حضور الأولتراس فيها طاغياً بسبب قتل 72 عضواً من أولتراس أهلاوي، وأصيب فيها 254 آخرون في مطلع فبراير (شباط) 2012"، بعد مشاجرة دامية مع مشجعي النادي المصري البورسعيدي، وهي الواقعة التي أدّت فيها قوات الأمن المصرية دور المتفرّج، بحسب كثيرين.

لا يرى البحيري أن "أولتراس أهلاوي" مختفٍ عن المشهد العام حالياً. ويقول: "نحضر مباريات كرة السلة واليد والطائرة بأعداد كبيرة، ونواظب على حضور مباريات كرة القدم خارج القاهرة، وخارج مصر، إلى حين السماح بعودة حضور الجماهير في المدرجات مرة أخرى، أو الاتفاق مع شركات أمن خاصة لتأمين المباريات".

ثأر قديم موجود بين روابط "الأولتراس" وقوات الأمن المصرية وضباط وزارة الداخلية، منذ نشأة أشهر رابطتين رياضيتين في مصر، وهما "أولتراس زمالك" و"أولتراس أهلي" في العام 2007. وقد تفاقم هذا الثأر مع أحداث ثورة يناير، وسقوط شهيدين من "أولتراس أهلاوي" في أحداث الثورة، وبلغ ذروته في "مباراة الموت"، وخصوصاً أن أبرز المتهمين في القضية هم من مديري الأمن ومساعديهم.

وكانت محكمة جنايات بورسعيد قد قضت، في 9 مارس/ آذار العام الماضي، بمعاقبة 21 متهماً بالإعدام شنقاً، وخمسة متهمين آخرين بالسجن المؤبد، 25 عاماً، وستة آخرين بالسجن المشدد مدة 15 عاماً، وستة متهمين بالسجن 10 سنوات، وأربعة متهمين بالسجن 15 عاماً، ومتهم آخر بالحبس عاماً واحداً مع الأشغال، ومعاقبة متهمين اثنين بالسجن خمس سنوات، وبرّأت باقي المتهمين في القضية، وعددهم 28 متهماً، من بينهم سبعة متهمين من القيادات الشرطية سابقاً في محافظة بورسعيد.

كما قضت محكمة النقض المصرية، في 6 فبراير/ شباط الماضي، بنقض الحكم الصادر عن محكمة جنايات بورسعيد في قضية "مباراة الموت". وتضمّنت الطعون في القضية، الحكم ببراءة 28 متهماً آخرين، من بينهم سبعة متهمين من القيادات الشرطية سابقاً بمحافظة بورسعيد. وأمرت المحكمة، في حينها، بإعادة محاكمة جميع المتهمين أمام دائرة جديدة من دوائر محكمة جنايات بورسعيد، مختلفة عن محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم السابق.

"القصاص أو الفوضى"، شعار رفعته رابطة "أولتراس أهلاوي"، وانتشر في صورة "غرافيتي" على الجدران، وملصقات ومنشورات وُزّعت قبل 26 يناير/ كانون الثاني 2013، موعد محاكمة بورسعيد، تدعو للنزول إلى الشوارع والاحتشاد أمام المحكمة، مجيبة على السؤال الذي قد يرد على ذهن مَن يفاجأ بشعار: "القصاص أو الفوضى"، قائلة: "عاوز تعرف أنا بعمل كل ده ليه؟ أنا إلّي شلت أخويا الشهيد لما اتقتل".

تمكّن أعضاء "الأولتراس" من نقل الروح التنظيمية والحماسية التي ينشرونها في مدرجات ملاعب كرة القدم، والتي تمتد لأكثر من حدود الـ90 دقيقة، موعد المباراة، لتشمل ما قبلها وما بعدها، إلى الشارع، بعدما أصرّ "أولتراس" بعض الفرق الرياضية على أن يكون لهم دور بارز في ثورة 25 يناير.

وعي روابط "الأولتراس" بحجم الفاجعة (مباراة الموت) وعمقها السياسي، كان يمكن قراءته من هتافاتهم في المسيرات التي لطالما نظّموها من أمام النادي الأهلي، وهتفوا فيها: "دي مش فتنة كروية، دي مذبحة عسكرية"، و"قتلوا الأولتراس الأحرار، علشان وقفوا مع الثوار"، و"علشان نادوا بالحرية، ماتوا بمؤامرة من الداخلية".

كما يمكن قراءته من خلال اللافتات التي يرفعونها والتي تطالب بـ"تطهير الداخلية" أو تقول: "أيها الأحياء تحت الأرض عودوا، فإن الأحياء فوق الأرض قد ماتوا"، و"هي حكاية ومش منسيّة، عادة في كلاب الداخلية".

دلالات