إسرائيل وعمليات "الذئاب الوحيدة": عقوبات محدودة بأهداف متعددة

إسرائيل وعمليات "الذئاب الوحيدة": عقوبات محدودة بأهداف متعددة

24 يونيو 2015
تراجع الاحتلال عن بعض التسهيلات عقب عملية الطعن(فرانس برس)
+ الخط -
بعد أقل من 24 ساعة على تنفيذ الشاب ياسر ياسين طروة (21 عاماً) لعملية طعن الجندي الإسرائيلي في قلب القدس المحتلة، التي أسفرت عن إصابة الجندي بجروح خطرة، وإطلاق نحو ثماني رصاصات على جسد طروة الذي لا يزال يرقد في غرفة الإنعاش في مستشفى "هداسا" الإسرائيلي، بدأت حكومة الاحتلال بالتراجع عن بعض التسهيلات التي كانت قد أعلنت عنها مطلع شهر رمضان، لكنها لم توقفها نهائياً.
عملية طروة في القدس المحتلة يوم الجمعة الماضي، جاءت بعد يومين من عملية قتل مستوطن من مسافة صفر قرب قرية دير إبزيع غرب رام الله، حيث لا يزال جيش الاحتلال يبحث حتى الآن عن المنفذ الذي أطلق عليه "الذئب الوحيد"، بدون أن يعثر عليه، في حين ينفذ عمليات تفتيش واعتقالات ليلية في محيط قرى غرب رام الله.

اقرأ أيضاً أزمة التصاريح الفلسطينية: السلطة رفضت "التدقيق" الأمني الإسرائيلي 

تقول مصادر مطلعة في الشؤون المدنية الفلسطينية إن منسق الاحتلال في الضفة الغربية، الجنرال يوآف مردهاي، أبلغ مستويات عليا في السلطة الفلسطينية بالتراجع عن بعض التسهيلات، ومنها حرمان بلدة منفذ عملية القدس "سعير" قرب الخليل، من التصاريح الخاصة بزيارة أهاليها للقدس أو الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، فضلاً عن إلغاء 500 تصريح فلسطيني كانت مخصصة للفلسطينيين للسفر عبر المطار الإسرائيلي.
الإجراءات الإسرائيلية التي جاءت بضغط من المستوطنين لعقاب الفلسطينيين، كانت أقل من المتوقع، إذ سادت توقعات في الشارع الفلسطيني أن حكومة الاحتلال، بعد العملية الأخيرة التي نفذها طروة في القدس، ستوقف إصدار التصاريح بشكل مطلق، وتعيد الأمور إلى ما قبل بداية شهر رمضان، حيث كانت التصاريح نادرة وفي نطاق ضيق بغرض العلاج لمن يحالفه الحظ، وغير مصنّف بـ"الممنوع أمنياً". والأهم أن حكومة الاحتلال ستعود للعقوبات الجماعية التي يعرفها الفلسطينيون.
المفارقة أن ياسر طروة لم يحصل على تصريح للدخول إلى مدينة القدس، حسب تأكيد عائلته. فالشاب الذي تخرج قبل نحو أسبوعين من تخصص المحاماة من إحدى جامعات مدينة الخليل، ذهب إلى القدس المحتلة منذ أيام للحصول على عمل، هرباً من البطالة الخانقة التي تعانيها الضفة الغربية، حسب ما أكد ابن عمه محمد طروة لـ"العربي الجديد". بدورها، تشير مصادر في بلدة سعير إلى أنّ "ياسر، وهو مواليد عام 1994، شاب هادئ وتخرج قبل أيام من كلية الحقوق، وعلى الأغلب فإنه قصد القدس باحثاً عن فرصة عمل". ويرقد طروة حالياً في قسم الإنعاش في مستشفى"هداسا" الإسرائيلي في حالة حرجة جداً، كما يقول محامي الضمير محمد محمود لـ"العربي الجديد". ويوضح محمود أنّ محكمة الصلح الإسرائيلية قررت تمديد اعتقال طروة غيابياً حتى بداية الشهر المقبل، كنوع من الإجراءات القانونية الروتينية.

اقرأ أيضاً أسطول الحرية الثالث إلى غزة: مقدّمة لممر مائي؟

من جهتها، تؤكد أوساط سياسية فلسطينية أن عدم إلغاء التصاريح والتسهيلات الإسرائيلية المزعومة نهائياً بعد العمليتين الفرديتين في رام الله يوم الجمعة، وفي القدس يوم الأحد، تؤكد أنّ "هذه التسهيلات تأتي ضمن مخطط يصبّ في مصلحة الاحتلال، وليس الفلسطينيين كما تدعي السلطات الإسرائيلية، التي باتت في حيرة بين منح آلاف التصاريح للفلسطينيين الذين لا تضمن كم منهم سيكون مشروع شهيد حي لعملية فردية مقبلة، وبين مكاسبها السياسية من منح التصاريح".
يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عادل شديد، لـ"العربي الجديد" إنّ "استمرار هذه العمليات سيضع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن موشيه ياعلون في أزمة كبيرة أمام ضغط اليمين والمجتمع في إسرائيل، وحينها من الممكن أن يضطر الاحتلال لتخفيف معايير تلك التسهيلات، ولكن في المحصلة النهائية فإنّ التصاريح جزء من خطة سياسية إسرائيلية وليست بادرة حسن نية تجاه الفلسطينيين".
بدوره، يرى الكاتب والمحاضر في جامعة القدس، أحمد رفيق عوض، أنّ "إسرائيل حسبتها جيداً، وتعلم أن هذه التسهيلات تأتي لتحقيق أهداف عدة".
ويشير عوض لـ"العربي الجديد" إلى أنه "عبر التسهيلات أو رشوة الجماهير تقوم إسرائيل بضرب المقاطعة لها، وإضعاف السلطة الفلسطينية، وتحريك السوق الإسرائيلي، وسحب الاحتقان والتوتر الذي من الممكن أن يؤدي إلى الانفجار، وبالتالي كل هذه المكاسب لم ترغب إسرائيل بخسارتها بعد العمليتين".
ويستند عوض في تحليله إلى أنه "لأول مرة إسرائيل تتعامل مع هذه العمليات بشكل فردي تماماً، عكس السابق، حين كانت توقع عقوبات جماعية بعد أي عملية فردية"، لافتاً إلى أنه "في هذه المرة، اقتصرت العقوبات على البلدات والقرى التي خرج منها منفذا العمليات الفردية من أجل الإبقاء على هذه المكاسب الكامنة وراء التسهيلات".

اقرأ أيضاً القضية الفلسطينية كما يراها السيسي: سفير بإسرائيل وحصار "حماس"

المساهمون