أسطول الحرية الثالث إلى غزة: مقدّمة لممر مائي؟

أسطول الحرية الثالث إلى غزة: مقدّمة لممر مائي؟

23 يونيو 2015
مطالبات بإنشاء ممر مائي لإنهاء الحصار (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يستعد أهالي غزة لاستقبال أسطول الحرية الثالث لكسر الحصار عن القطاع، والذي ينطلق من جزيرة كريت اليونانية إلى ساحل القطاع المحاصر اليوم الثلاثاء، بعدما تم الانتهاء من كافة التجهيزات والاستعدادات التي استمرت أشهراً طويلة. وعلى الرغم من المخاوف الجدية من تعرّض الأسطول وسفنه الثلاث للاعتداء من قبل البحرية الإسرائيلية، فإن المتضامنين المئة على متن سفنه، بدوا مُصرّين على خوض غمار البحر، لتنفيذ المهمة الإنسانية التي جمعتهم من أقطار مختلفة.

ويشارك في الأسطول الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، والنائب الفلسطيني في الكنيست الإسرائيلي باسل غطاس، إضافة إلى نواب أوروبيين وعرب ومتضامنين من أوروبا وفلسطينيين من المقيمين في الخارج. ويحمل الأسطول ألواحاً شمسية لتوليد الكهرباء، ومواد طبية وغذائية واحتياجات إنسانية أخرى.

وأعلن غطاس في بيان له، أنه وجّه رسالة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، محذراً من مغبة التعرض لأسطول الحرية ومنعه من إيصال المواد الغذائية والمعونات إلى قطاع غزة، مؤكداً أن "الأسطول لكسر الحصار، ولتسليط الضوء العالمي على قضية 1.8 مليون فلسطيني يعيشون في ظروف أشبه بالسجن، وفي شروط حياتيّة قاسية، نتيجة للحصار البحري والبري الذي تفرضه إسرائيل على غزّة، والذي يشكّل جريمة ضد الإنسانية".

كما رحب نائب رئيس المكتب السياسي، لحركة "حماس" إسماعيل هنية، في تصريح بالأسطول، موجّهاً "التحية للمتضامنين الدوليين، وعلى رأسهم تحالف أسطول الحرية واللجنة الدولية لرفع الحصار، وكل أحرار العالم".

لكن الاحتلال حاول التشويش على الرحلة وتهديد المشاركين فيها، إذ ذكرت الإذاعة الإسرائيلية العامة أمس الاثنين، أن الجيش الإسرائيلي "لن يسمح" بوصول أسطول الحرية إلى قطاع غزة. وبحسب وكالة "الأناضول"، نقلت الإذاعة عن مصدر عسكري لم تسمه، قوله إن "التعليمات قد صدرت إلى الجهات المعنية، بالاستعداد لوقف القافلة، وعدم تمكينها من دخول المياه الإقليمية الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن "الجيش يتابع استخبارياً التطورات على الساحة البحرية أوّلاً بأوّل".

وكان تحالف أسطول الحرية، المكوّن من هيئات أوروبية ودولية تدعم القضية الفلسطينية، قد أنشأ موقعاً على شبكة الإنترنت لتوثيق كافة تحركاته، إضافة إلى بث مباشر لكل التحركات لضمان توثيق أي اعتداء إسرائيلي على الأسطول والمتضامنين، وليكون دليلاً على عنجهية إسرائيل وتسلطها.

وأكدّ رئيس الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة مازن كحيل لـ"العربي الجديد"، أنّ المتضامنين على متن الأسطول جاهزون لكل الاحتمالات، ولن ترهبهم التهديدات الإسرائيلية باعتراض السفن وايقافها. وأشار إلى أنّ القائمين على الأسطول والمتضامنين مع غزة يعرفون أنّ الطريق ليس سهلاً، لكنهم مصرّون على الوصول ومغادرة مربع الإدانات والمطالبات، إلى مربع الفعل من أجل غزة وأطفال غزة ونسائها الذين يكتوون للعام التاسع على التوالي بنار الحصار الإسرائيلي.

ولفت كحيل إلى أنّ الأمل كبير في أن يؤسس أسطول الحرية الثالث إلى مرحلة جديدة، يكون أحد أوجهها إنشاء ممر مائي لغزة يربط القطاع المحاصر مع العالم الخارجي، مشيراً إلى أنّ الحملة الأوروبية قامت بأوسع حملة سياسية مع أصدقاء الشعب الفلسطيني في البرلمانات الأوروبية للضغط من أجل دعم مهمة الأسطول الإنسانية.

اقرأ أيضاً: "أسطول الحرية" يستعد لكسر حصار غزة رغم تهديدات إسرائيل

وفي غزة، قال منسّق هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار وإعادة الإعمار، علاء البطة لـ"العربي الجديد"، إنّهم يجرون اتصالات في فلسطين للمشاركة في الفعاليات التي تترافق مع وصول الأسطول إلى القطاع الساحلي المحاصر. ولفت البطة إلى أنّ غزة ستبدأ مبكراً بفعاليات استقبال الأسطول ويجري العمل على حشد الرأي العام لاستقبال المتضامنين على متنه، مؤكداً أهمية الدور الذي يجب أنّ تؤديه كافة الفصائل ومنظمات المجتمع المدني من أجل المشاركة في فعاليات الأسطول.

وأشار إلى أنّ لديهم أكثر من مائة توقيع من نواب أوروبيين ووزراء خارجية أوروبيين أيضاً للتضامن مع الأسطول والمطالبة برفع الحصار الظالم عن غزة، مبيناً أنّ القائمين على الأسطول توجّهوا إلى أكثر من منظمة دولية لتأمين وصول سفنه والمتضامنين على متنه إلى غزة بسلام. وأكدّ البطة، أنّ أحدّ أهم أهداف الأسطول الحالي، التمهيد لتدشين الممر المائي لغزة وصولاً إلى الميناء، على اعتبار أنّ كل الدول الشاطئية لها موانئ ومن حقها إنشاء الموانئ، مشدداً على أنهم يريدون انتزاع هذا الحق الأصيل الذي كفلته كافة القوانين الدولية أسوة بكل العالم وطبقاً للقانون الدولي واتفاقات السلطة.

ومشروع الممر المائي لغزة، كان قد تقدّم به المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قبل أكثر من عامين. وتسلّم المشروع المسؤولون الأتراك الذين من المفترض أنّ يقوموا بحملة دولية لتسويق المشروع البالغ الأهمية للقطاع المحاصر، لكنّ شيئاً على الأرض لم يتم حتى الآن. وبينما تجاهلت إسرائيل مطلب إنشاء ممر مائي لغزة خلال مفاوضات التهدئة قبل عام في القاهرة، عاد مسؤولون إسرائيليون وكتاب وباحثون قبل أيام إلى المطالبة بإنشاء ميناء عائم لغزة للتخلص من العبء الذي يشكله القطاع أمنياً على الكيان.

وحذّر عضو الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة، رامي عبده، خلال مؤتمر صحافي أمس شاركت فيه منظمة الإغاثة الإنسانية التركية، وهيئة الحراك الوطني لكسر الحصار، من مغبة الاعتداء على الأسطول وعلى المتضامنين الأوروبيين المشاركين على متنه، مؤكداً في الوقت ذاته أن الحملة ستلاحق قضائياً كل من يعتدي على الأسطول أمام المحاكم الدولية.

كما شدد عبده، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أنّ إنشاء الممر المائي حق من حقوق قطاع غزة الذي هو جزء من دولة فلسطين المعترف بها دولياً، وأنّ القانون الدولي يعطي الدولة الحق في أنّ تمارس سيادتها بإنشاء ميناء حتى من دون النظر إلى الحصار والمعاناة المترتبة عليه في القطاع. ولفت إلى أنّ إنشاء ممر مائي لغزة بات حتمياً في ظل العقبات الكثيرة التي يعيشها السكان بالقطاع المحاصر، وفي ظل حالة الإغلاق شبه التام من قِبل سلطات الاحتلال، مؤكداً أنّ الممر المائي "أبسط الحقوق الإنسانية لمليوني إنسان في غزة".

وشدد على أنّ "المجتمع الدولي مطالب بالعمل من أجل إنشاء ممر مائي لغزة، لأنّ ذلك يعني إنهاء الحصار المضروب على المدنيين، والذي يُعدّ عقاباً جماعياً ترفضه القوانين الدولية واتفاقات جنيف"، مؤكداً أنّ على المجتمع الدولي الإقرار بأحقية غزة في العيش بحرية وأنّ يساعد سكانها على التغلب على ظروفهم المعيشية والاقتصادية الصعبة.

وأشار عبده إلى أنه إذا وافق الاتحاد الأوروبي على إنشاء وحدة مراقبة على معبر رفح (كما حصل سابقاً)، فيصبح من الممكن أن يؤدّي الاتحاد الأوروبي مثل هذا الدور بحرياً وذلك رداً على ما تشيعه إسرائيل من مخاوف أمنية لاستغلال الميناء في تهريب أسلحة وغيرها، مشيراً إلى أنّ الاتحاد الأوروبي عليه مسؤولية لتحويل هذا المشروع إلى واقع على الأرض، خصوصاً أنه دعم سابقاً مشروع إقامة ميناء غزة في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات.

وكان البرلمان الأوروبي قد أصدر، منتصف يونيو/حزيران 2010، قراراً واضحاً يعطي الحق لغزة بأن يكون لديها ممر مائي. ومن شأن افتتاح ممر مائي، أن يشكّل حلاً طويل الأجل لأزمة غزة التي تعاني إشكاليات مركّبة لجهة حرية الحركة ونقل البضائع، وتخفيفاً للضغط عن معبر رفح الفلسطيني-المصري، أو تخلصاً من الارتهان إلى المزاج الإسرائيلي.

وكانت لجنة تقصي حقائق هولندية قد عملت في العام 1994، على تحديد احتياجات تشغيل ميناء غزة البحري. وأكدت اللجنة في حينه، أن هناك حاجة ملحة لإعادة تأهيل الميناء من أجل تصدير واستيراد حر للبضائع والتنقل الدولي من وإلى القطاع. وقدّمت الحكومتان الهولندية والفرنسية، آنذاك، نحو 43 مليون دولار من أجل إعادة بناء الميناء، ووقّعت السلطة الفلسطينية بناء على ذلك، عقداً مع تحالف شركات هولندية-فرنسية من أجل المباشرة في المشروع الذي وضع له حجر الأساس، وكان يُفترض أن ينجز مع نهاية عام 2002. لكن المشروع توقف بفعل العراقيل الإسرائيلية عقب اندلاع الانتفاضة الثانية للأقصى.

اقرأ أيضاً: مطالبة السلطة و"فتح" بموقف إيجابي من أسطول الحرية 3