عملية القدس تضع تحديات جديدة أمام الاحتلال

عملية القدس تضع تحديات جديدة أمام الاحتلال

27 سبتمبر 2017
عملية الأمس نسفت منطق السياسة الأمنية الإسرائيلية(مأمون وزواز/الأناضول)
+ الخط -
لم تخرج تصريحات رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أمس الثلاثاء، عن عملية مستوطنة هار أدار، التي نفذها فجر أمس الفلسطيني نمر الجمل وأسفرت عن استشهاده ومصرع ثلاثة جنود إسرائيليين، عما هو متوقع.

 فقد سارع نتنياهو، إلى تحميل السلطة الفلسطينية مسؤولية "التحريض ودعم الإرهاب"، من جهة، والإعلان الفوري عن خطوات مباشرة لمعاقبة أهالي وأقرباء منفذ العملية بالإعلان عن قرار هدم بيته، أولا، وسحب تصاريح العمل داخل إسرائيل من أقاربه، ومحاصرة قرية بيت سوريك.

 لكن العملية مع ذلك أثارت من جديد كما بدا في ردود فعل وزراء ومعلقين إسرائيليين، بلبلة في كل ما يتعلق بسياسة مواجهة العمليات الفلسطينية.

وكان المحلل العسكري في القناة العاشرة، أور هيلر، أول من قال أمس إن العملية نسفت منطق السياسة الأمنية الإسرائيلية بشأن الفصل بين السكان الفلسطينيين بشكل عام وبين منفذي العمليات، خاصة بعد أن تبين أن منفذ العمل، كان يحمل تصريح عمل رسميا، مما يعني أنه كان من المفروض أن يكون اجتاز الفحوصات والشروط الأمنية الإسرائيلية، وعلى رأسها عدم وجود أي سوابق لديه في مجال العمل السياسي أو النشاط الوطني المقاوم للاحتلال.

 وأيد عاموس هرئيل في هآرتس، هو الآخر هذا التحليل، مشيرا إلى أن الجيش لن يقوم في المرحلة الأولى بتغيير سياسته بهذا الخصوص، لكن هذه العملية ستوجب إعادة النظر في مجمل السياسة التي اتبعها الاحتلال في العامين الأخيرين.

ووفقا لمعلقين آخرين، ووزراء في الحكومة، بينهم وزير الإسكان وعضو الكابينيت، الجنرال احتياط يوآف غالانط، فإن حقيقة كون منفذ العملية يحمل تصريح عمل رسميا، توجب تشديد المعايير والمقاييس الواجب اعتمادها من جهة، قبل منح هذه التصاريح (نحو 120 ألف تصريح عمل لفلسطينيين يعملون في إسرائيل وداخل المستوطنات)، وتشديد العقوبات ضد منفذي العمليات وعائلاتهم لدرجة طرد العائلات ليس فقط إلى قطاع غزة وإنما إلى سورية.

وإذا كان تصريح غالانط يدخل ضمن المزايدات الداخلية في إسرائيل، فإن وجود المنسق الأميركي، جيمس غرينبلات ووصوله إلى إسرائيل أمس، مع استياء الإدارة الأميركية من عدم قيام حكومة الاحتلال بتقديم تسهيلات للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة لتفادي أزمة وكارثة إنسانية تؤدي إلى انفجار الأوضاع الأمنية، يزيد من حرج حكومة نتنياهو في هذا التوقيت بالذات.

وفيما أعلن هيلر نهاية أو فشل سياسة الاحتلال بشأن الفصل بين السكان وبين منفذي العمليات، فقد دافع منسق أعمال حكومة الاحتلال السابق، إيتان دانغوط عن هذه السياسة، مقرا في حديث مع القناة الثانية اليوم، أن العملية تضع مزيدا من التحديات أمام إسرائيل في كل ما يتعلق باستشراف ومعرفة هوية أو ميول الشبان الفلسطينيين لجهة تنفيذ عمليات ضد الاحتلال.

 لكن دانغوط حذر من ترك السياسة الحالية التي تقوم على مبدأ أن منح تصاريح العمل، يوفر للفلسطينيين دخلا مهما يحول في نهاية المطاف دون لجوء من يحملون هذه التصاريح لتنفيذ عمليات، مستدلا على أن عمليتين فقط نفذتا لغاية الآن من قبل من يحملون مثل هذه التصاريح من أصل أكثر من 450 عملية، تم تنفيذها، أو جرت محاولات لتنفيذها خلال العامين الأخيرين.

وفي هذا السياق لفت المراسل العسكري، في يديعوت أحرونوت يوسي يهوشواع، إلى أن هوية منفذ العملية أمس، نمر الجمل، لا تتطابق مواصفاتها على مواصفات منفذي العمليات التقليدية.

واعتبر أن هذا يقود إلى حقيقة أن جهاز الشاباك الإسرائيلي وشعبة الاستخبارات لا تملك في الواقع اليوم قدرة حقيقية على تتبع واكتشاف "فدائي محتمل" أو شخص في طريقه لتنفيذ عملية بالاعتماد فقط على أدوات رصد الشبكات الاجتماعية ومراقبتها وفق كلمات مفتاحية يتم تتبع تداولها على الشبكة، لا سيما وأن الجمل، كان يبلغ من العمر 37 عاما ومتزوجا وله أربعة أولاد، وبالتالي لا يستوفي المعايير والمقاييس التي كان حددها الاحتلال للشرائح المرشحة لتنفيذ العمليات.

إلى ذلك، لفت يهوشواع إلى أن القدرات التي أبداها الجمل وقدرته على إطلاق 13 رصاصة وإصابة أربعة أشخاص، تدل على مشكلة في مبنى القوة الإسرائيلية، خصوصا وأنه خاض معركة مع عناصر عسكرية، وليس مع مواطنين عاديين.

وانضم عاموس هرئيل في هآرتس إلى مقولة أنه سيكون على الشاباك والجيش فحص سبب عدم ورود اسم نمر الجمل كشخص يمكنه أن ينفذ عملية ضد إسرائيل في ضوء الرسالة التي بعثها لزوجته، مما يعني أنه كان يفترض بهذه الرسالة أن تشعل لدى الاحتلال ضوءا أحمر.

ويرى هرئيل أنه قد تكون للعملية أمس تداعيات استراتيجية لجهة تشجيعها لعمليات إضافية يقوم منفذوها بتقليد أسلوب الجمل في تنفيذ العمليات، وهو ما سيشكل تحديا خطيرا، خاصة إذا كان المنفذون ممن يحملون تصاريح عمل ولا سجل "أمنيا" لهم  في الطرف الإسرائيلي وعند الجهات الأمنية للاحتلال.

 

 

المساهمون