إسرائيل تسابق الزمن في زيادة وتيرة الاستيطان

إسرائيل تسابق الزمن في زيادة وتيرة الاستيطان

01 ابريل 2017
من تفكيك مستوطنة "عامونا" في فبراير (توماس كوكس/فرانس برس)
+ الخط -
سارعت الحكومة الإسرائيلية، مساء الخميس، بالردّ على قرارات مؤتمر القمة العربية، عبر موافقة "الكابينيت" السياسي والأمني الإسرائيلي (مجلس الوزراء المصغّر) للحكومة، وبالإجماع على إقامة مستوطنة جديدة، للمرة الأولى منذ عشرين عاماً، بحجة تعويض عشرات المستوطنين الذين أقاموا مستوطنة "عامونا" على أراضٍ فلسطينية خاصة، تابعة لسكان قرى سلواد وعين يبرود والطيبة، شرقي رام الله. وجاء القرار يوم الخميس، بحجة عزم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الوفاء بتعهداته لسكان المستوطنة التي أمرت المحكمة الإسرائيلية بإزالتها، لأنها أقيمت على أراضٍ خاصة. في المقابل كشف قرار "الكابينيت" عن أن "المستوطنة الجديدة ستقام قرب مستوطنة شيلا في محيط مدينة رام الله، بعد استيفاء إجراءات التخطيط، وتحديد مسبق لمنطقة نفوذها ومسطح البناء فيها".

وعكس القرار بشأن إقامة المستوطنة الجديدة وإعلان نتنياهو عن بدء تسويق 2000 وحدة سكنية من أصل 5700، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن إقامتها منذ صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 بشأن عدم شرعية المستوطنات، قراراً إسرائيلياً، بتسريع وتيرة الاستيطان وزرع المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية، في أسرع وقت ممكن، قبل التوصل إلى تفاهمات جديدة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وعزز هذا الاتجاه، تصريح نتنياهو أمام أعضاء "الكابينيت"، بأنه "على الرغم من الاتصالات التي جرت مع إدارة ترامب، فإنه لم يتم بعد التوصل إلى تفاهمات رسمية وواضحة ونهائية"، وبالتالي فإن الحكومة الإسرائيلية تعتزم تقليص حجم البناء ليأخذ بالحسبان المخاوف التي عبر عنها ترامب. ومع أن هذا الأمر بدا كمبادرة إسرائيلية تجاه ترامب، إلا أن تفاصيل السياسة الجديدة التي أعلنها نتنياهو تشي بعكس ذلك تماماً، وبرغبة لتوسيع مناطق البناء في المستوطنات الإسرائيلية. فقد ذكر رئيس الوزراء الاسرائيلي أن "الحكومة ستنفذ مخططات البناء داخل حدود البناء القائمة في المستوطنات، وإذا تعذّر ذلك فهي ستبني بمحاذاة خط البناء القائم، أما إذا تعذّر الأمر لأسباب قانونية (وهي إشارة لاحتمال كون الأراضي المحاذية لخط البناء في المستوطنات الحالية هي أراضٍ بملكية فلسطينية خاصة) فإنها ستبني عند أقرب نقطة من هذا الخط". ما يعني إبقاء جيوب ومساحات من الأرض داخل حدود هذه المستوطنات، تابعة للفلسطينيين، كما في حالات قطع الأراضي التي ظلت في قلب مستوطنات، مثل بيت إيل، لكن ملكيتها تعود لفلسطينيين من قرى مجاورة.

ونقلت صحيفة "هآرتس"، عن أحد وزراء الحكومة الإسرائيلية قوله، إن "الحديث لا يدور عن اتفاق مع الأميركيين، بل عن سياسة أحادية الجانب لحكومة إسرائيل، فقد أوضح الأميركيون، أنهم لا يوافقون على البناء في المستوطنات، غير أنه يمكنهم التعايش مع القرار الإسرائيلي، وأنه لن تنشب أزمة دولية كلما تم بناء بيت في المستوطنات".


 
ووصف الوزير الإسرائيلي الموقف الأميركي بأنه "يمثل سياسة متوازنة ومعقولة، فلا توجد قيود على عدد البيوت والوحدات السكنية ومن دون أي تمييز بين كون البناء داخل الكتل الاستيطانية أم في المستوطنات النائية، سيكون البناء في المستوطنات ممكناً ولكن بشكل تدريجي ومنضبط ومن دون مصادرة التلال". واستغلت الحكومة الإسرائيلية، عدم التوصل إلى اتفاق مع إدارة ترامب، كي تتمكن من زرع حقائق على الأرض، والادعاء بأن هذا البناء تمّ قبل أي التزام رسمي من قبلها، مع مواصلة نهب أراضٍ فلسطينية خاصة وتحويلها إلى أراضي دولة (تتيح المحاكم الإسرائيلية البناء الاستيطاني عليها). وفي هذا السياق أعلنت إسرائيل الخميس عن تحويل 977 دونماً من الأراضي الفلسطينية لسكان قرى قريوت والساوية واللبن الشرقية وسنجل، جنوب نابلس.

ويمكن هذا القرار حكومة الاحتلال من مصادرة هذه الأراضي كلياً، واستخدامها لإقامة مستوطنات جديدة، عدا عن تسهيل عملية شرعنة مستوطنات وبؤر استيطانية في المكان. إذ إن قرار حكومة الاحتلال يحدد 568 دونماً من الأراضي الفلسطينية في محيط المستوطنة العشوائية (غير القانونية) في "يلجي مايم"، كأراضي دولة، والإعلان عن 409 دونمات في محيط البؤرة الاستيطانية "جفعات هروئيه"، كأراضي دولة. ما يعني مستقبلاً ضمّ هذه الأراضي إلى منطقتي نفوذ هاتين البؤرتين المستوطنتين، وتحويلهما إلى مستوطنتين شرعيتين. بالتالي لا يمكن الادعاء بأن هاتين البؤرتين غير قانونيتين والمطالبة بإزالتهما كما حدث في مستوطنة "عامونا". كما يمكن هذا الإعلان من شرعنة هاتين المستوطنتين وما رافق إقامتهما من خطوات غير قانونية، وقوننتها بأثر رجعي بما في ذلك عملية استيلاء المستوطنين فيهما على مساحات كبيرة من الأراضي وشق طريق بين البؤرتين على هذه الأراضي.

وكانت حكومة الاحتلال انتزعت عشرات آلاف الدونمات في الضفة الغربية منذ عام 2005 تحت غطاء عمل طواقم أطلق عليها طواقم ترسيم الخط الأزرق، والمقصود فيه تحديد خط البناء الأخير للبلدات والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية، وفرز قطع الأراضي في الضفة الغربية، تحديداً في المناطق سي، بين أراض خاصة وأراض يمكن الإعلان عنها "أراضي دولة". وتعتبر المحاكم الإسرائيلية، أنه يجوز لحكومة الاحتلال إقامة مستوطنات على أراضي دولة بينما لا يجوز إقامة مستوطنات على أراض يثبت الفلسطينيون ملكيتهم الخاصة لها.