توتر عربي كردي شرقي سورية... والنظام يقتحم مخيم اليرموك

توتر عربي كردي شرقي سورية... والنظام يقتحم مخيم اليرموك

06 مايو 2018
التهجير المتواصل في جنوب دمشق (رامي السيد/ الأناضول)
+ الخط -
ظَهَرَ على السطح أخيراً خلاف مستحكم بين الوحدات الكردية وقوات "النخبة"، الفصيل العربي الفاعل في ريف دير الزور شرقي نهر الفرات. وهو ما قد يدفع إلى تفاعلات من شأنها خلط أوراق منطقة لا وجود كردياً فيها ديمغرافياً، ولكن للوحدات الكردية، القوة الضاربة فيها بدعم أميركي واضح. أما قوات النظام فتواصل التقدم في الجنوب الدمشقي بالتزامن مع عمليات تهجير من بلدات هذا الجنوب المنكوب.

وهاجمت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، التي تشكل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي، فجر الجمعة الماضي، مواقع لقوات "النخبة" التابعة لـ"تيار الغد السوري" برئاسة رئيس الائتلاف الوطني الأسبق، أحمد الجربا، والمتمركزة في قرية أم الحمام في ريف دير الزور شرقي سورية. وقال المتحدث باسم قوات النخبة، محمد خالد الشاكر، إن "العملية جاءت في سياق الضغط المستمر على قوات النخبة"، مشيراً إلى أن "الضغط بدأ بإجبار النخبة على الانسحاب من المراحل الأخيرة من معركة الرقة في العام الماضي". وأوضح أن "التيار يحاول حقن الدماء بين العرب والأكراد في سورية".

كذلك أوضح المتحدث أن "قوات النخبة هي الفصيل العربي الوحيد الذي لا ينضوي تحت قيادة قوات سورية الديمقراطية"، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "سورية الديمقراطية تطالب قوات النخبة بتسليم السلاح الثقيل". واعتبر أن "هذا مستحيل، فنحن موجودون على أرضنا".

وأشار الشاكر إلى أن "عناصر سورية الديمقراطية يحاولون الاستقواء بالجانب الأميركي"، مضيفاً أنهم "هدّدوا بإعطاء مواقع منازل مقاتلي النخبة إلى قوات التحالف الدولي على أنها منازل لأعضاء في تنظيم داعش الإرهابي، من أجل قصفها". وأشار إلى أن "الحادثة رسالة لكل المعنيين بالشأن السوري أن المنطقة الشرقية على شفير هاوية"، محذّراً "من حرب بين العرب والأكراد"، مؤكداً أن "تياره يؤمن بوحدة سورية أرضاً وشعباً". وأوضح أن "ريف دير الزور عربي خالص، وأن استفزاز أهل الأرض له تداعيات خطيرة".

وحمّل "المجلس العربي في الجزيرة والفرات" قوات سورية الديمقراطية: "مسؤولية هذا العمل الخطير، الذي يهدد بفتنة عربية كردية، وينذر بمزيد من إراقة الدم السوري، ويترك منطقة الجزيرة والفرات مفتوحة على جميع الاحتمالات". وطالب القوى الفاعلة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا، أن "تأخذ على عاتقها إيقاف خطورة ما يجري في منطقة لا يوجد فيها سوى العنصر العربي".



من جانبه، أفاد المتحدث باسم "قوات سورية الديمقراطية" كينو كبريئل، في بيان، بأن "قواته تحركت باتجاه قرية أم حمام، بعد معلومات عن وجود مجموعة تقوم بالاتجار بالسلاح وعمليات سرقة في المنطقة"، مشيراً إلى أن "الدورية تعرضت لإطلاق نار وقامت بالرد عليه". وأشار إلى أن "دورية معززة قامت الجمعة بإلقاء القبض على 5 من أعضاء المجموعة التي قامت بإطلاق النار". وأضاف أنه "تبين بأن هؤلاء يستخدمون اسم قوات النخبة في عمليات الاتجار بالسلاح والسرقة". ولفت إلى أن "قوات سورية الديمقراطية تعتبر قوات النخبة شركاء في حملات عسكرية سابقة وما زالوا يحتفظون بمقرات لهم في منطقة تل تمر (ريف الحسكة)".

وأكّدت مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد" أن "تعداد قوات النخبة يصل إلى نحو 1500 مقاتل، جلّهم من أبناء دير الزور الذين تعرضوا لاضطهاد من تنظيم داعش"، مشيرة إلى أن "الوحدات الكردية تعتبر هذه القوات عقبة أمامها تحول دون هيمنتها المطلقة على المنطقة التي باتت تحت النفوذ الأميركي المباشر". وتتلقّى "قوات سورية الديمقراطية" دعماً من الجانب الأميركي الذي "بات يبحث جدياً في مسألة إسناد المنطقة إلى قيادة عربية"، وفق المصادر التي أشارت إلى أن "قيادة تيار الغد تتواصل مع جميع الأطراف من أجل الحيلولة دون انزلاق المنطقة نحو حرب عربية كردية".

وبات ريف دير الزور مسرحاً لتجاذب كبير بين أطراف عدة متصارعة، في مقدمتها قوات النظام ومليشيات إيرانية مدعومة من روسيا، و"قوات سورية الديمقراطية" المدعومة من الولايات المتحدة، وتنظيم "داعش" الذي لا يزال فاعلاً في هذا الريف، بالإضافة إلى قوات "النخبة" التي باتت طرفاً في هذا الصراع على منطقة غنية بالبترول.



على صعيد آخر، لا تزال الاشتباكات محتدمة بين قوات النظام ومليشيات فلسطينية تابعة لها من جهة، وبين "داعش" من جهة أخرى في جنوب العاصمة السورية دمشق. وأكدت وسائل إعلام تابعة للنظام أن "قوات الأخير حققت تقدماً في حي الحجر الأسود، وذلك بعد فرض سيطرتها الكاملة على الجزء الجنوبي من الحي"، مشيرة إلى أن "عناصر الهندسة في هذه القوات تقوم بتمشيط الجزء المسيطر عليه بهدف تأمينه وتطهيره من الألغام".

من جهته، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى "تصاعد وتيرة القتال في حي الحجر الأسود، وفي أطراف ومحيط مخيم اليرموك وحي التضامن، مترافقة مع عمليات قصف مكثف وعنيف، ومقتل نحو 142 من قوات النظام منذ 19 من إبريل/ نيسان حين بدأت قوات النظام عملية واسعة لانتزاع الجنوب الدمشقي". وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت، يوم الجمعة، أن "قوات النظام سيطرت على ثلثي أراضي منطقة مخيم اليرموك"، فيما أكدت مصادر محلية أن "عناصر تنظيم داعش باتوا في منطقة جغرافية ضيقة"، مرجّحة "مقتلهم أو الرضوخ لشروط النظام بالخروج إلى البادية السورية".

وأكدت المصادر مقتل عدد من النساء والأطفال في قصف استهدف قبواً في مخيم اليرموك وقبواً آخر في حيّ الحجر الاسود، فيما باتت مئات العائلات في ظل أوضاع مزرية مع انعدام الخدمات الإغاثية والمواد الغذائية والشحّ بالمعلومات، بعد اضطرار عدد من الناشطين إلى مغادرة المخيم والحجر الأسود، خوفاً من ممارسات "داعش" وقصف قوات النظام.



بموازاة ذلك، تواصلت عملية ترحيل جزء من أهالي مناطق بعض بلدات جنوب دمشق من مدنيين وعسكريين باتجاه الشمال السوري. وقال الناشط الإعلامي أيهم العمر، الموجود في جنوب دمشق لـ"العربي الجديد"، إن "نحو 70 حافلة دخلت أمس السبت إلى المنطقة لنقل الدفعة الثالثة من المهجرين من بلدات يلدا وبيت سحم وببيلا، وسط حالة من الارتباك والفوضى في إدارة العملية". وأضاف العمر الذي غادر مع الدفعة الثالثة أمس بأن "هناك قلة في عدد الحافلات المتوفرة، قياساً إلى العدد الكبير ممن سجلوا أسماءهم للخروج".

وكانت قد وصلت حافلات الدفعة الثانية من مهجري بلدات جنوب دمشق إلى مدينة الباب شمال حلب التي كانت غادرت الجمعة وعلى متنها 618 شخصاً، من مقاتلي الجيش الحر وعائلاتهم. وكانت قد سبقتها الدفعة الأولى التي ضمت 32 حافلة حملت 1643 شخصاً، إذ تشير التقديرات إلى أن 17 ألف شخص قد يخرجون من تلك المناطق بموجب الاتفاق الذي جرى بين ممثليها ومندوبي النظام وروسيا.

وفي الإطار نفسه، تواصلت التحضيرات لتهجير أعداد من المدنيين والعسكريين من مناطق ريف حمص الشمالي، مع إتمام الفصائل تسليم سلاحها الثقيل والمتوسط لقوات النظام بموجب الاتفاق الذي جرى بين ممثلي المنطقة وكل من روسيا والنظام.

وقال الناشط الإعلامي خضر العبيد لـ "العربي الجديد" إن "عملية خروج المهجرين إلى الشمال السوري تأجلت إلى يوم غد الإثنين"، مشيراً إلى أن "أول الخارجين ستكون عناصر هيئة تحرير الشام والفيلق الرابع"، بينما أعلنت بعض الفصائل مثل "حركة تحرير الوطن" رفضها لعملية التهجير. كذلك ظهر قائد "جيش التوحيد" منهل الصلوح، ومقاتلوه من تلبيسة، في تسجيل مصور، قال فيه إنه "باقٍ في المنطقة".