الجزائر: إقرار بفشل المسار السياسي ولا رؤية مشتركة للحل
أثار إعلان رئيس الحكومة الجزائرية عبد المالك سلال، أخيراً، عن نظام اقتصادي جديد في الجزائر، واعترافه باستشراء الفساد والغش في كل القطاعات، وبخطورة الوضع الاقتصادي وغموض المستقبل بالنسبة للبلاد، جدلاً سياسياً وإعلامياً واسعاً في الجزائر. جاء هذا الإعلان، الذي استتبع بالتعديل الحكومي الجزئي يوم السبت الماضي، بعد تصريحات سابقة لسلال قبل أشهر، كان يؤكد فيها مع وزراء في الحكومة وقادة أحزاب الموالاة، أن الوضع مستقر وأن الجزائر خارج مسارات الأزمة التي تعصف بأسواق وأسعار النفط، وأن مدخرات البلاد ستكون كافية لتغطية أية صدمة أو أزمة اقتصادية، واتهام قوى المعارضة التي كانت تحذر من أفق الأزمة النفطية، بالعقوق السياسي والخروج عن حالة ما تعتقد السلطة أنه إجماع وطني.
وتعتقد قوى سياسية أن تصريحات سلال، هي اعتراف بفشل مسار سياسي خاطئ وسياسات اقتصادية عنيفة أهدرت خلال 15 سنة الماضية مقدرات مالية كبيرة، بلغت بحسب التقديرات الرسمية 600 مليار دولار، وفوّتت على البلد إمكانية التطوّر الاقتصادي والاجتماعي، وزادت من حجم المشكلات الاجتماعية، بما فيها التي تعدّ بالنسبة للجزائريين مشكلات مزمنة كالسكن والعمل والبنية التحتية. وبحسب رئيس حركة "مجتمع السلم"، كبرى الأحزاب الإسلامية في الجزائر، عبد الرزاق مقري، فإن "إعلان الحكومة عن منظومة اقتصادية جديدة هو إعلان عن فشل المنظومة السابقة وعدم تحمّل للمسؤولية من المتسببين في هذا الفشل منذ الاستقلال وحتى اليوم"، مضيفاً أنه "مع غياب الحوكمة والحكم الراشد لن ينجح أي إصلاح اقتصادي، وذلك من خلال غياب مؤشرين رئيسيين وهما الرقابة والشفافية".
وبات توصيف الحالة الجزائرية مشتركاً بين السلطة والمعارضة، لكن الإجماع على وجود أزمة خانقة، لا يقابله إجماع على تصوّر للخروج منها، إذ يفصل هامش كبير بين اعترافات السلطة بواقع الأزمة والمخرجات التي تطرحها المعارضة، مع استمرار غياب الثقة بين السلطة والمعارضة، وهو وضع يرى المحلل السياسي نصر الدين بن حديد أنه مرتبط بتراكمات سابقة، على الرغم من أن بعض قوى وشخصيات المعارضة نفسها كانت جزءاً من منظومة الحكم في وقت سابق.