بيان "نداء تونس": تأكيد القطيعة مع "النهضة" أم ارتباك؟

بيان لـ"نداء تونس" يثير ضجة: تأكيد نهاية التوافق مع "النهضة" أم ارتباك؟

09 أكتوبر 2018
توافق "النهضة" و"نداء تونس" بدأ في 2014(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
أثار بيانٌ صدر عن حزب "نداء تونس" في ساعة متأخرة من ليل أمس، الإثنين، ضجةً كبرى، بسبب شكله ومحتواه الذي بدا مرتبكاً، وتضمن تداخلاً بين مهام رئاسة الجمهورية والحزب، وهو جاء إثر لقاء جمع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي.

ولئن جدد البيان الإعلان عن نهاية التوافق بين الطرفين، إلا أنه جاء فيه أن تحديد موعد الزيارة كان بطلب من الغنوشي، الذي أعلم السبسي برغبته في اللقاء والتباحث حول الوضع العام في البلاد، مضيفاً أن الموقف الرسمي لحركة "نداء تونس" يؤكد نهاية التوافق بين "النهضة" و"النداء"، تماماً كما صرح رئيس الجمهورية في 24 أيلول/سبتمبر الماضي.

وأوضح البيان أنّ السبسي أكّد أنّ قبول الزيارة يقع "في إطار انفتاحه واستجابته لجميع أفراد الشعب التونسي دون إقصاء"، وأنّ "العلاقة الشخصية" التي تربطه براشد الغنوشي "لا علاقة لها بالموقف الواضح من حركة النهضة".

وأضاف "نداء تونس"، بحسب البيان، أنّ الحكومة الحالية هي حكومة حركة "النهضة"، وبناء عليه، فإنّ الحركة غير معنية بدعمها سياسياً، وأن التوافق الذي تمّ العمل به بين رئيس الجمهورية وحركة "نداء تونس" من جهة، وحركة "النهضة" من جهة أخرى منذ انتخابات 2014، يعتبر منتهياً.

وحول تداعيات البيان، قال النائب عن حركة "نداء تونس"، حسن العماري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه بغضّ النظر عن شكله، فإن الحزب أراد من خلاله أن يجدد تأكيده على أن التوافق بين الحزبين "صفحة انطوت ومرحلة انتهت"، مضيفاً أن الرسالة موجهة أساساً للرأي العام، لأن المحادثات الجانبية والرسمية وغير الرسمية بين الغنوشي والسبسي "لا تعني عودة التوافق".

ورأى العماري أن "نداء تونس" تكبد خسائر عدة، بسبب سياسة التوافق التي اختارها، والتي لم تعد مقبولة، مشيراً إلى أن من رأى أن في البيان تداخلاً بين مهام رئاسة الجمهورية، باعتبارها المعنية أكثر بتوضيح فحوى اللقاء، وبين مهمة الحزب، فإن قيادة "نداء تونس" قامت باتصالات مع رئيس الجمهورية بعد اللقاء، لفهم التوجهات الكبرى وطبيعة هذا اللقاء، ما أدى إلى صدور البيان.

واعتبر النائب أن "التسرع في إصدار البيان ربما يعود إلى الفترة الصعبة التي يمرّ بها نداء تونس، لكن هذا لا ينفي عدم وجود إشكاليات كبيرة يمر بها الحزب"، واصفاً الوضع بـ"الصعب، لكن هناك تحركات للملمة وإنقاذ الحزب".

من جهته، اعتبر المتحدث الرسمي باسم حركة "النهضة" عماد الخميري، أن البيان تضمن نقاطا هي من اختصاص رئاسة الجمهورية، وتحديداً الجهات الإعلامية التي كان عليها الإعلان عن اللقاء وفحواه، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "التوافق سياسة عليا لحركة النهضة، وهو ما أكد عليه مجلس الشورى في لقائه الأخير، وهو خيار استراتيجي وشراكة سياسية تبنى مع كل القوى السياسية التي تؤمن بالتوافق من أجل الاستقرار السياسي والاجتماعي، ما يساهم في التعجيل بالإصلاحات الضرورية ويسرّع في إرساء الهيئات الدستورية، ويضع البلاد على سكة انتخابات 2019".


وأكد الخميري أن الحركة "ستعمل على خيار التوافق مع كل القوى التي تؤمن به، رغم أن بعض الأحزاب ترى أن خيارها الحزبي الضيق يمضي في اتجاه آخر، فهذا يبقى قرارها، ولكن الحركة ستمد يديها لكل من يمد يديه أيضاً لمصلحة البلاد العليا".
وحول مضمون البيان، رأى كذلك المتحدث الرسمي باسم "التيار الديمقراطي"، غازي الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "كان غريباً عجيباً، وتقريباً النداء يفاجئ الرأي العام يومياً بمسائل ومواقف لا تقل غرابة".

ورأى الشواشي أنه بغضّ النظر عن الارتباك وفحوى البيان، إلا أن الرسالة الوحيدة الواضحة من ورائه "هي تأكيد الحزب على نهاية التوافق مع النهضة، وبالتالي كان البيان موجهاً للنهضة، وأيضاً إلى رئاسة الجمهورية، لكي لا يفكر الرئيس ربما في العودة إلى سياسة التوافق، لأنه سبق أن أعلن القطيعة، فإن ما يحصل هو تذكيره بوجوب المضي فيها".

وشدد الشواشي على أن البيان يؤكد القطيعة نهائياً بين الحزبين، وأن الحكومة التونسية الحالية، "هي حكومة نهضة طالما أنها تدعمها"، مشيراً في الوقت ذاته إلى ظهور "نداء تونس" بموقف "المتخوف" من لقاء السبسي والغنوشي، ما قد يقود الأول إلى قبول العودة إلى طاولة التوافق.

ورأى أنه ينبغي على رئاسة الجمهورية أن تعلم الرأي العام بفحوى اللقاء، لأن كل نشاط له علاقة بالأزمة الراهنة يجب أن يكون معلناً، وقد بدا غريباً، بحسب رأيه، ألا تصدر الرئاسة التونسية "أي توضيحات عن اللقاء، وكأنه لقاء سري، فيما يتولى الحزب القيام بذلك".

استقالة مدير الديوان الرئاسي

إلى ذلك، رجّحت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن يكون مدير الديوان الرئاسي سليم العزابي، قد قدم استقالته، اليوم الثلاثاء، إلى الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي.

وأرجعت المصادر، أسباب الاستقالة، إلى "تراكم الخلافات حول طريقة العمل داخل القصر"، مؤكدة أنّ "عدداً من الملفات سحبت من العزابي، في الفترة الأخيرة، وقادت إلى تهميش دوره".

ولفتت المصادر إلى أنّ "بيان نداء تونس بخصوص لقاء السبسي والغنوشي، أمس الإثنين، قد يكون القطرة التي أفاضت الكأس، حيث بدا البيان غريبًا بشأن مسألة تهم الرئاسة وليس الحزب، وهي أول مرة يحدث فيها أمر كهذا".

وكانت اتهامات وُجّهت بطريقة غير مباشرة للعزابي، تفيد بقربه من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ما صعّد من الجدل حوله، في الفترة الأخيرة.

المساهمون