شبح النهاية يلوح لحركة "بداية" المصرية

شبح النهاية يلوح لحركة "بداية" المصرية

28 مايو 2015
تعرّضت الحركة لاتهامات كثيرة (الأناضول)
+ الخط -
يبدو الحديث واللغط حول حركة "بداية" المصرية حتى هذه اللحظة، أكبر بكثير من مستوى وجودها وتأثيرها في الشارع السياسي في مصر، الذي يعاني من الركود الحزبي. وأثارت الحركة منذ الإعلان عنها، العديد من علامات الاستفهام حول حقيقتها، وجدواها، ومن يقف وراءها، ومن له مصلحة في وجودها. وتعددت التفسيرات وتباينت، واتُهمت الحركة بأنها "مجرّد محاولة بائسة لإنتاج معارضة لنظام (الرئيس عبد الفتاح) السيسي بمواصفاته هو، وضمن سقف لا تتجاوزه"، وفقاً لتحليل باحث في مركز "الأهرام للدراسات الاستراتيجية"، وأحد المشاركين في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011. كما اتُهمت بـ"التنسيق مع شرائح من رافضي الانقلاب (3 يوليو/تموز 2013)"، على حدّ قول مسؤول في حزب "الوفد المصري"، فضّل عدم ذكر اسمه.

ولم يتوقف الهجوم على حملة "بداية"، التي سعت إلى تعريف نفسها بأنها "في الصفوف المعارضة للنظام"، خوفاً من تعاظم دور الحملة وأن تنتهي بإسقاط الرجل، على غرار ما حدث مع الرئيس المعزول محمد مرسي عبر حملة "تمرد"، حسبما يرى أحد كوادرها. غير أن الفارق بين الحملتين واضح، وهو أن حملة "تمرد" أبصرت النور بدعم واضح وصريح من المؤسسة العسكرية وأجهزة الاستخبارات المصرية، ورجال أعمال وسياسيين معارضين لمرسي، وما كانت لتنجح إلا بانقلاب عسكري من الجيش على أول رئيس مدني منتخب. مع العلم أن التضييق على أي تحرك شبابي ثوري، سمة مميزة لنظام السيسي، فالهجوم والانتقادات لا تقتصر فقط على "بداية"، وإنما سبقها الهجوم على "6 إبريل"، وبعض الحركات الثورية الأخرى مثل "الاشتراكيين الثوريين". ويخشى النظام الحالي من تكتل هذه القوى الثورية على اختلافها ضده، وبالتالي إثارة الرأي العام عليه، خصوصاً مع المشاكل التي تمرّ بها مصر، وتحديداً الأزمات المعيشية وغلاء الأسعار.

أما حملة "بداية"، وعلى الرغم من محاولة المنتمين إليها ترويج فكرة "إثارتها مخاوف النظام"، ففرصتها في إسقاط النظام الحالي ضعيفة، لأن المؤسسة العسكرية لا تقف معها، وبدأت حملات قوية للهجوم عليها وحرقها شعبياً. مع ذلك تُطرح علامات استفهام كثيرة حول من يقف وراء الحملة ومن يدعمها، خوفاً من أن تكون الحملة أشبه بـ"تمرد"، التي كانت مدعومة من الاستخبارات والجيش.

ويقول أحد أعضاء الحركات الثورية، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنه "من الوارد وجود جهة تقف خلف الحملة ولكن بشكل غير مباشر، لكنه احتمال ضعيف". وشكّلت ردّة فعل النظام على ثورة 25 يناير ومبادئها، والتي بدأت مع 3 يوليو/تموز واختطاف الثورة، محطة انطلاق لحركة "بداية"، التي ترى بأن "النظام الحالي ما هو إلا امتداد لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك بكل أركان نظامه"، بيد أن الحركة لا تصف ما حدث في 3 يوليو بـ"انقلاب عسكري" بل "ردّة على الثورة".

اقرأ أيضاً شكوى للأمم المتحدة:الشرطة المصرية قتلت 5 مواطنين في أسبوع

وتعرّضت الحملة لاتهامات بعلاقاتها مع الولايات المتحدة وقطر وتركيا، وجماعة "الإخوان المسلمين"، وأجهزة سيادية داخل مصر، وأجهزة استخبارات عالمية، كما تحظى بدعم من حمدين صباحي، باعتبار أن منسق الحملة كان متحدثاً باسم حملة صباحي في الانتخابات الرئاسية الماضية. وذكر منسّق حملة "بداية" عمرو بدر، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الحملة مستمرة في طريقها لمعارضة النظام، ولن تُثنيها الاتهامات التي تنهال عليها بغير وجه حق".

ويضيف "الاتهامات التي تطال الحملة هي محاولة للتشويه فقط، لأن الحملة تنتمي في الأساس إلى الثورة ومبادئها (عيش ـ حرية ـ عدالة اجتماعية). ويلفت إلى أن "النظام الحالي يخشى من الحملة، وبالتالي أطلق أذرعه للهجوم عليها، خوفاً من الإطاحة به عبر موجة ثورية جديدة". ويشير إلى "تخوّف نظام السيسي من تمدد الحملة وانتشارها وكثرة المنضمين إليها من الشباب، ومن ثم اتخاذ خطوات ضد النظام الحالي لإسقاطه".

ويعتبر بدر أن "ما حدث في 30 يونيو/حزيران 2013 هو موجة ثورية لرفض حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، غير أنه لا يُمكن اعتبار 3 يوليو انقلاباً عسكرياً، وإنما ردة على الثورة ومبادئها". ويشدد على أن "الحملة جاءت في وقت انتهت فيه السياسة تماماً في مصر منذ 3 يوليو، وهي تمثل حجراً في مياه راكدة، لرفض صوت معارض جديد في مصر يستطيع أن يقول للنظام لا". ويشير إلى أن "الحملة مفتوحة لانضمام الجميع، ولكن شرط عدم انضمام من يرى أن مرسي عائد لمنصبه، ومن يعتبر أن السيسي منزّه ولا يخطئ".

ويرى بدر أن "الهجوم على الحملة واتهامها بأنها تابعة للإخوان، وتارة بالعلاقة مع دولة خارجية، منها الولايات المتحدة وتركيا وقطر، ثم الاتهامات بالعلاقة مع أجهزة داخل مصر، فضلا عن العلاقة بحمدين صباحي، كل هذه الاتهامات تثبت صحة موقف الحملة وانحيازها لثورة يناير".

ويوضح أن "كل الاتهامات الموجّهة للحملة متناقضة"، متسائلاً "كيف تكون الحملة مدعومة من الولايات المتحدة وفي الوقت نفسه من أجهزة داخل مصر؟ وكيف يُمكن أن تكون مدعومة من الإخوان وفي الوقت نفسه من حمدين صباحي؟".

اقرأ أيضاً مصر: المطالبة بالتحقيق بوفاة 265 معارضاً داخل أماكن الاحتجاز 

ويلفت إلى "تقديم شخصيات تابعة للنظام، بلاغات ضد الحملة للنائب العام، وبالتأكيد ستزيد تلك البلاغات، لاتهامات تتعلق بإسقاط نظام الحكم". ويشدد على أن "النظام الحالي جاء عبر التظاهر وإسقاط الشباب حكم مرسي، ولكن كيف لا يقبل بمثل هذا الآن؟ وكيف لنظام جاء بالتظاهرات أن يضع تنظيم تظاهرة تحت رحمة مأمور قسم شرطة؟".

من جهته، لم يستبعد أحد رموز شباب ثورة يناير صفوان محمد، وجود "جهة تقف خلف حملة بداية، ولكن لو وُجدت فستكون بشكل غير مباشر". ويقول محمد في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يتوقع أن تكون الحملة مدعومة من الاستخبارات أو الجيش، على غرار تمرد". ويشدد على أنه "لو كانت حملة بداية استخباراتية أو تابعة للجيش، لما تمّ حرقها بهذه الصورة، لأن الجهتين تعرفان كيفية التخطيط لمثل تلك الحملات، والدليل تمرد".

ويشير إلى "رفضه الشخصي الانضمام لحملة بداية"، لأنها تحتوي على ما سمّاهم "مرتزقة القوى المدنية، بعضهم كان يدعم السيسي بقوة، ولكن مع تزايد الانتقادات له بدأوا ينقلبون ضده". ويقول أستاذ العلوم السياسية، أحمد تهامي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يُمكن الجزم بمن يقف خلف حركة بداية، على الرغم من أن هذا الأمر غير مستبعد".

ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الحركة لن يُكتب لها النجاح بشكل كبير، مع حملة التشويه التي تتعرض لها، واتهامها بأنها تابعة لجماعة الإخوان المسلمين". ويتابع "الحملة أشبه بحملة تمرد، لكن بداية تهاجَم بشكل كبير من كل الاتجاهات، على الرغم من عدم سماح المناخ العام بحرية الحركة لها".

ويلفت إلى أن "حملة تمرد كانت مدعومة بشكل كبير من أجهزة في الدولة، والمناخ العام كان معبأ ضد الرئيس المعزول محمد مرسي حينها، مما ساعد على تحقيق ما كانت تهدف إليه". وعن قرار النائب إحالة القائمين على حملة "بداية" إلى نيابة أمن الدولة، أكد تهامي أن "هذه الخطوة تؤكد أن الحملة ليست محل تأييد من أجهزة في الدولة، كما أن النظام يتربّص بها". ويشدد أستاذ العلوم السياسية على أن "تأثير الحركة سيكون محدوداً في الفترة المقبلة، لأن الوضع العام في مصر محدود الأفق في الفترة التي أعقبت عزل مرسي حتى الآن".

وعلى الرغم من قرار النائب العام إحالة القائمين على حملة "بداية" إلى نيابة أمن الدولة، للتحقيق معهم في البلاغ المقدم ضدهم من المحامي سمير صبري، وهو معروف بولائه للنظام الحالي، إلا أن القرار لم يصل إلى شباب الحملة بشكل رسمي.

وذكر صبري في بلاغ للنائب العام "أنه خرج إلى الفضائيات شخص يدعَى شريف دياب، يقول إنه المسؤول السياسي بحركة بداية، وأخذ يهاجم الدولة المصرية ونظام الحكم، وردد بأنه لا يمكن الاستمرار بعد أربع سنوات من ثورة 25 يناير ما بين الفاشية الدينية والفاشية العسكرية".

وأضاف: "دياب أكد أن الحركة ضد أي خطاب طائفي لأي جماعة مهما كان مسماها، ودافع وبضراوة عن جماعة الإخوان المسلمين، مكرراً أنها ليست إرهابية ولا تمارس إرهاباً". وتابع "ثم يخرج من يدعى عمرو بدر، منسق هذه الحركة، ليقول إنه لا يؤمن بأن النظام الحالي امتداد لنظام مبارك، وأن السيسي يمثل ثورة".

من جانبه، يقول الخبير السياسي، محمد عز، لـ"العربي الجديد"، إن حملة بداية وإن كانت معارضة للنظام الحالي، لن يكون لها تأثير كبير خلال الفترة الحالية، ولكن بدأت في التوسع والانتشار". وأردف "الهجوم على الحملة والبلاغات المقدمة ضدها، سبّب في انتشارها وشهرتها خلال الأيام القليلة الماضية، وهو تقدّم يُسجل لها على الرغم من ظهورها منذ فترة طويلة".

وشدد على أن "الحملة ستجذب شباباً كثراً لكونها معارضة للنظام، ولكن موقفها من التيار الإسلامي وبعض الحركات، سيسبّب لها ضعفاً بعض الشيء، لأن الشباب الإسلامي عدده كبير". ويؤكد أنه "لو اتخذت الحملة مساراً صحيحاً من حيث الانتشار مثل حركة تمرد، فستكون مؤثرة جداً في الفترة المقبلة". ولكنه قلّل من القدرة على إزاحة السيسي عبر الحملة، لأنها ليست مدعومة من جهة قوية في الدولة على ما يبدو حتى الآن، وتحديداً المؤسسة العسكرية".

اقرأ أيضاً: لماذا سمح الأمن بتسريب رسالة مرسي؟

المساهمون