اعتداءات ضد منتقدي عباس في مظاهرة لفتح برام الله

اعتداءات ضد منتقدي عباس في مظاهرة لفتح برام الله

04 أكتوبر 2016
تصاعد الانتقادات تجاه عباس بعد المشاركة بجنازة بيريز(علي جادالله/الأناضول)
+ الخط -
اعتدى عشرات المشاركين في مسيرة دعت إليها حركة "فتح" دعماً لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، اليوم الثلاثاء، على مشاركين في مسيرة انتقدت أبو مازن ومشاركته في جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق، شمعون بيرز، يوم الجمعة الماضي.

وقام العشرات من المشاركين في مسيرة "فتح" بالاعتداء على الشبان والشابات الذين شاركوا في المسيرة بالضرب، وسط مدينة رام الله، اليوم، ومصادرة الهواتف النقالة لهم، في مشهِد عنيف قلّ ما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة، في وقت تم فيه منع الصحافيين من التصوير.

وتشهد الأراضي الفلسطينية تصاعداً كبيراً في حدّة الانتقادات ضد محمود عباس (أبو مازن) على وسائل التواصل الاجتماعي، ما دعا حركة "فتح" لإعلان تصديها لهذه الانتقادات والأصوات التي تقف وراءها.

وأصيب، على الأقل، عشرة أشخاص بجروح ورضوض، جرّاء اعتداء المشاركين في مسيرة "فتح" عليهم، حيث كان نشطاء من اليسار ومواطنون قد دعوا إلى جنازة رمزية للشهداء في ميدان الرئيس ياسر عرفات، وسط رام الله، عصر اليوم، تحت عنوان "جنازة الشهيد شرف وجنازة السفاح خيانة"، وتم نقل جزء منهم إلى المستشفى لتلقي العلاج.

وعُرف من بين المصابين محامي مؤسسة "الضمير لحقوق الإنسان"، مهند كراجة، الذي أصيب برضوض وجروح، وتم تمزيق ملابسه، فضلاً عن شبان وشابات غادروا المسيرة بمساعدة مواطنين آخرين بعد أن تعرضوا للضرب.

وقال شقيق مهنّد، سند كراجة، في اتصال هاتفي من مستشفى رام الله الحكومي مع "العربي الجديد": "لقد شارك أخي في المسيرة بهدف مراقبة سيرها وتوثيق أي انتهاك ضد المشاركين، لكنه تعرض للضرب المبرح على يد المشاركين في مسيرة فتح".

وأصدرت حركة "فتح" بياناً صحافياً، اليوم، وصلت "العربي الجديد" نسخة منه، بعنوان "فتح: سنوقف المؤامرة وسنلجم الأصوات الرخيصة".

وجاء في البيان: "إن الهجوم المأجور والرخيص الذي يخرج عن المنصات الإعلامية الدسيسة، حتى وإن كانت هذه المنصات تابعة لبعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، لن تكون بعيدة عن قوة ورد حركة فتح، وعلى الجميع أن يُدرك هنا بأن هذه الأصوات المأزومة ستتحمل وحدها نتيجة وضع نفسها في موقع الجبهة المضادة لحركة فتح، وعليه فلا لوم هنا على ما صنعت يداه من خسة وافتراء له ثمنه في قلب كل فتحاوي عنيد".

وأكدت فتح، في بيانها، الذي طالبت فيه كل من يقف خلف الكلمات المُغرضة والمواقف المدسوسة، بـ"التوقف الفوري"، وعدم الخوض في ممارسات تحمل كل أشكال التطاول على أبناء حركة فتح وقادتها، وكل تضحياتها من أجل الحفاظ على حقوق شعبنا الصامد".

وقالت فتح إنها "ستضرب بيد من حديد، وبلا هوادة، كل من يُفكر بالمساس بحركة فتح وقادتها، ولن تتهاون تجاه مثيري الفتن والجبناء، وخاصة لمن يعرف حجمه جيداً أمام حجم ومسؤولية حركة فتح".

وأكدت الحركة أن الصف الفتحاوي الداخلي على قناعة بقدرته وقوته في مواجهة كل من تسوّل له نفسه من طرف أو فصيل، مهما كان، باللجوء الإعلامي المدسوس في وجه حركتنا العظيمة.

وأكدت فتح على التفافها خلف الرئيس محمود عباس، ومواقفه الثابتة في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ومنجزاته، وأنها ستتصدى وبقوة لكل "المحاولات المأجورة الهادفة للمساس بمواقف الحركة وقرارها الوطني المستقل"، وفق البيان.


وفي سياق متصل، اعتدى عناصر من "الشبيبة الطلابية"، الذراع الطلابية لحركة "فتح"، ظهر اليوم، في جامعة القدس المفتوحة، بمدينة طولكرم، شمال الضفة الغربية المحتلة، على الطالب أمير نايفة، بالضرب والشتائم، وكذلك اعتدوا على كتلة الوحدة الطلابية داخل مقرها وسط الجامعة، وذلك بسبب انتقادهم وإبداء رأيهم بمشاركة عباس بجنازة بيريز.

وقال أمير نايفة، في حديث لـ"العربي الجديد": "طلب مني ثلاثة شبان من الشبيبة أن أذهب معهم بخصوص الحديث بشأن موضوع معيّن، ذهبت معهم إلى مقر مجلس الطلبة، لأجد ثلاثين شاباً من عناصر الشبيبة متواجدين هناك، وما أن وصلت، حتى أحاطوا بي وانهالوا عليّ بالضرب والشتائم دون أن أعلم الأسباب، إلى أن تدخل أمن الجامعة واستطاع أن يخرجني من عندهم ويحتوي الاعتداء".

وأشار نايفة إلى أن اعتداء آخر حصل في اليوم ذاته على ثلاثة شبان من كتلة الوحدة الطلابية، الذراع الطلابي لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، في حين نفى نايفة أن يكون هو ممثل الكتلة الإسلامية، مؤكداً على أن نشاط الكتلة الإسلامية متوقف داخل الجامعة منذ 2007.

وفي الجامعة ذاتها، أصدرت حركة "الشبيبة الطلابية" في جامعة القدس المفتوحة، فرع
طولكرم، بياناً شديد اللهجة، لم يتمكّن "العربي الجديد" من التأكد من صحته، تحذّر فيه كل من يفكر بالتطاول على الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية والمشروع الوطني والأجهزة الأمنية.

وقالت الشبيبة، في البيان الذي تم تداوله على صفحات التواصل الاجتماعي: "أهلنا، أحبّتنا، لقد راقبتم جميعا حالة زوبعة الانتقادات للرئيس محمود عباس لمشاركته في الجنازة، ونحن قلنا، وما زلنا، إننا مع حرية الرأي والتعبير في حدود المنطق والمفاهيم الوطنية، ولن نقبل من أي كان أن يتطاول أو يخون أو يسيء للرئيس محمود عباس".

ووصفت شبيبة فتح انتقاد ممثلين للكتل الطلابية في الجامعة لمشاركة عباس في جنازة بيرز بأنه "اعتداء سافل"، إذ قالت إن "تطاولاً سافلا وقع من أحد ممثلي الكتلة الإسلامية (الذراع الطلابية لحركة حماس) وممثل كتلة الوحدة الطلابية (الذراع الطلابية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين)، ما استدعى منا أبناء الشبيبة الطلابية بأن نعيد تربيتهم ونعلمهم أساسيات الخطاب الملتزم والانتقاد البناء".


من جانبها، حمّلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في بيان لها تعقيبا على الاعتداء على النشطاء، الرئيس محمود عباس شخصياً المسؤولية عن الاعتداء "الهمجي" لعناصر من الأجهزة الأمنية وبعض البلطجية على مسيرة رام الله مساء اليوم.

واعتبرت الجبهة إقدام عناصر من الأجهزة الأمنية بلباس مدني، وبعض البلطجية على الاعتداء على مجموعة من الشبان والفتيات بالضرب، والتلفظ بألفاظ سوقية وخادشة، وحتى وصل بهم الأمر للتحرش ببعض الفتيات، هو تطور خطير في ممارسات أجهزة أمن السلطة، ستكون لها تداعياتها الخطيرة على مجمل العلاقات الوطنية، ولا يمكن أن تمر مرور الكرام، وستواجه بمزيد من الإصرار على مواجهة النهج السلطوي وممارسات الأجهزة الأمنية القمعية، وفق

البيان.

وطالبت الجبهة الشعبية بضرورة عقد اجتماع طارئ للقوى الوطنية والإسلامية للوقوف أمام مسؤولياتها في الشأن الوطني العام، ولمناقشة تداعيات هذا الاعتداء الهمجي، وسبُل الرد عليه ومواجهته، وإنزال أشد العقاب بكل المتورطين وبمن أعطوا الأوامر لارتكابه.

ورأت الجبهة في اعتماد أسلوب البلطجة والتحريض والتهديد والقمع والإساءة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وكل من يخالفونهم ويعارضونهم في الرأي هو انحدار خطير وتدنٍ للقيم الوطنية، واستخفاف بجماهير الشعب الفلسطيني وبالعلاقات الوطنية، وانتهاك خطير للأعراف والقوانين التي تمنع التعدي على الحريات، وحرية الاحتجاج السلمي.

ودعت الجبهة جماهير الشعب الفلسطيني إلى التحرك العاجل لمواجهة التغول السلطوي، وتنديداً بالاعتداء الهمجي، وحماية لحقوقها في الاحتجاج السلمي، ومعارضة كل السياسات والنهج السياسي الذي تمارسه القيادة الفلسطينية المتنفذة.