انتخابات الأحزاب المغربية: شرعية التمديد والزعامات التقليدية

انتخابات الأحزاب المغربية: شرعية التمديد والزعامات التقليدية

06 ابريل 2016
بنكيران نجح بكسب ثقة الملك (فصل سنا/فرانس برس)
+ الخط -
تتجه أحزاب تنتمي إلى الأغلبية الحكومية في المغرب، لعقد مؤتمرات استثنائية في شهر مايو/أيار المقبل، بهدف الإبقاء على زعمائها الحاليين، وذلك قبل أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية المرتقبة في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الحالي، والتي ستؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة. وأعلن حزب "العدالة والتنمية" أنه يعتزم تنظيم مؤتمر استثنائي في الأسابيع القليلة المقبلة، سيكون على جدوله مادة وحيدة هي مناقشة بقاء عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، على رأس الحزب الحاكم، وهو الأمر الذي لاقى جدلاً سياسياً بين مؤيدين ورافضين، حتى من داخل الحزب.
من جهته، أعلن حزب "التجمع الوطني للأحرار"، الذي يشارك في الحكومة بأربعة وزراء، أنه سينظّم مؤتمراً استثنائياً في السابع من مايو/أيار المقبل، سيكون مخصصاً لمناقشة نقطة وحيدة، تتمثّل في المصادقة على تأجيل عقد المؤتمر الوطني العادي إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية.
بالنسبة لحزب "العدالة والتنمية"، فإنه يسعى لتمديد ولاية بنكيران لفترة ثالثة على رأس الحزب، على الرغم من أن القانون الداخلي يسمح بولايتين فقط، ويحتاج إلى تعديل للسماح لبنكيران بشغل ولاية ثالثة، ما أثار سجالاً بين من اعتبره أمراً منطقياً حتى يستكمل بنكيران ما بدأه من إصلاحات على رأس الحكومة في حالة فوز الحزب بالانتخابات المقبلة، مقابل اعتبار آخرين، ومن بينهم القيادي في الحزب عبد السلام بلاجي، أن التمديد لبنكيران لولاية ثالثة أمر غير قانوني، وأن التوجّه نحو التمديد يخالف قواعد الديمقراطية المعمول بها في "العدالة والتنمية"، والتي تميّزه عن غيره من الأحزاب، مبدياً خشيته من أن يصبح الحزب عادياً مثل غيره من الأحزاب التي تسير بزعامات خالدة.
أما بالنسبة لحزب "الأحرار"، فهناك شبه إجماع على بقاء صلاح الدين مزوار، الأمين العام للحزب ووزير الخارجية، على رأس الحزب، باعتبار أنها خطوة منطقية تستوجبها ظروف اقتراب الانتخابات التشريعية، إذ يتطلب هذا الموعد استثمار ما بقي من وقت في التحضير الجدي للانتخابات.

ويرى الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري محمد الزهراوي، أن البحث عن تمديد ولاية زعماء أحزاب لغايات انتخابية، يُعدّ شخصنة للعمل السياسي، وترسيخاً لثقافة "الزعيم الأسطورة" التي أصبحت بمثابة عُرف يحكم الحقل الحزبي المغربي، وتغلغلت هذه الثقافة في مخيلة الحزبيين المغاربة طيلة عقود من الزمن. ويعتبر الزهراوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الاستثناء الوحيد الذي طبع الحياة السياسية المعاصرة جسّده حزب "العدالة والتنمية"، بعدما بصم الواقع السياسي بممارسات وسلوكيات مغايرة اتسمت بالانسجام مع الأعراف المعمول بها داخل الأحزاب الديمقراطية العريقة في المجتمع الغربي، حتى صار يوصف بـ"الحزب النموذجي" في ما يخص الديمقراطية الداخلية التي تفتقدها الأحزاب الباقية.
ويشير الباحث السياسي إلى أن هذه "الصورة الاستثنائية" التي طبعت مسار "العدالة والتنمية" كمؤسسة حزبية عصرية تعمل وفق الضوابط القانونية والتنظيمية المنافية لمنطق الشخصنة، تغيّرت بعد تولي بنكيران دفة العمل الحكومي، إذ بات الحزب يُختزل في شخص الأمين العام إلى درجة التماهي مع النماذج الحزبية السائدة القائمة على "الزعامات التقليدية". ويلفت إلى مؤشرات ما سماه تنامي النزعة الواقعية عند "العدالة والتنمية"، متمثّلاً في إبرام تحالف حكومي مع بعض القوى السياسية مثل حزب "التقدّم والاشتراكية"، التي كانت تناصبه العداء السياسي والإيديولوجي، بالإضافة إلى التحالف مع حزب "الأحرار" الذي يتزعمه مزوار، على الرغم من أن الإسلاميين اتهموه بالضلوع في جرائم نهب المال العام.
وبحسب الباحث السياسي، فإن محاولة التمديد لبنكيران لولاية ثالثة تهدف لتحقيق مكسبين اثنين، الأول بسبب المحطة الانتخابية المقبلة وتحركات غريمه حزب "الأصالة والمعاصرة"، ما يتطلب شخصية تتمتع بقدرات بنكيران سواء على مستوى الخطابة والمناورة وتوجيه الرسائل، بعدما أثبتت الانتخابات الأخيرة فاعلية ذلك. أما الهدف الثاني، فيرتبط بالعلاقة بالمؤسسة الملكية، إذ استطاع بنكيران خلال السنوات الخمس الماضية بأسلوبه المهادن ونهجه التشاوري مع القصر، أن يكسب ثقة الملك محمد السادس، الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي على علاقة الحزب بالدولة في سياق عربي وإقليمي سمته التوتر والصراع بين المكوّن الإسلامي والنظم الحاكم.


المساهمون