المغرب: تحالفات واتهامات حزبية مبكرة تسبق الانتخابات التشريعية

المغرب: تحالفات واتهامات حزبية مبكرة تسبق الانتخابات التشريعية

08 مارس 2016
تشتد حدّة المنافسة بين الأحزاب السياسية (فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -
بدأت المنافسة الحزبية التي تسبق الانتخابات التشريعية المرتقبة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل بالمغرب، مبكراً، من خلال مشهد سياسي يتم فيه تبادل الاتهامات بين أحزاب مشاركة في الحكومة، وعبر إرساء تحالفات حزبية استعداداً للاقتراع المقبل. وانطلق موسم التسخين الانتخابي على وقع هجوم، يصفه مراقبون، بأنّه غير مسبوق من طرف الأمين العام لحزب "التجمع الوطني للأحرار"، المشارك في الائتلاف الحكومي الرباعي، وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، على حزب "العدالة والتنمية" الحاكم.

وبعدما اتهم وزير الخارجية، بصفته الحزبية، رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بأنه يسعى إلى التحكم بالمشهد السياسي والحزبي في المغرب، وتقسيمه إلى حلفاء وأعداء، جدّد مزوار الهجوم، أخيراً، على الحزب الحاكم، على الرغم من مشاركته في الائتلاف الحكومي ذاته.
ووصف مزوار بنكيران بأنه "جبان ينشر مواقفه عبر المواقع الإلكترونية ويخشى المواجهة"، بحسب تعبيره، خلال لقاء حزبي في الدار البيضاء. كما نعته بأنه عرّاب جماعة "الإخوان المسلمين" والمتحدث الرسمي باسمهم، مشيراً إلى أنّ حزبه كان له الفضل في تحقيق العديد من المكتسبات الحكومية.

وأضاف مزوار، أنّه "خلال دخول حزب الأحرار إلى الحكومة قبل سنتين ونصف، عوضاً عن حزب الاستقلال الذي انسحب من حكومة بنكيران، كانت ركائز الاقتصاد المغربي تسير نحو الهاوية، إذ كان العجز المالي بحدود 7.4 في المائة، وميزان الأداء أقل من 9.6 في المائة، وعندما شارك الحزب في الحكومة تقلّص العجز، وبلغ 0 في المائة"، على حدّ قوله.

وعلمت "العربي الجديد" أنّ رئيس الحكومة طلب، مجدداً، من قياديي ومسؤولي حزب "العدالة والتنمية" عدم الرد على التصريحات الجديدة لرئيس حزب "الأحرار"، باعتبار أنه المتحدث الرسمي الوحيد المخوّل له الرد على ما ورد على لسان مزوار، وذلك لصون اللحمة الحكومية بما تبقى من ولايتها.

ولم تتوقف حدّة المناوشات الانتخابية بالمغرب عند هذا الحد، بل تعدّتها إلى تقارب أحزاب سياسية في ما بينها، بما يشبه التحالف السياسي للتنسيق لخوض غمار الانتخابات التشريعية المقبلة. فقد جمع لقاء، أخيراً، حزبَي "الاتحاد الاشتراكي"، و"الأصالة والمعاصرة" المعارضين. واتفق الحزبان المعارضان على "ضرورة مواصلة الحوار حول إصلاح القوانين الانتخابية، بهدف التوصل إلى منظومة انتخابية تعكس الصورة الحقيقية للخريطة السياسية. وتوفر الشروط الضرورية للممارسة الديمقراطية، طبقاً لما ورد في الدستور من احترام للتعددية وللتنوع داخل المجتمع المغربي".

في هذا السياق، يعلّق أستاذ العلوم السياسية في جامعة فاس، الدكتور أحمد مفيد، على موضوع التحالفات الحزبية قبل الانتخابات المقبلة، بالقول إن "التحالفات التي تتم قبل الانتخابات تبقى هشّة، لا تصمد في الواقع، إذ كثيراً ما تكشف الممارسة أن مسألة التحالفات القبلية بالمغرب تكتيكية". ويضيف مفيد لـ"العربي الجديد"، أنّه "ثبت من خلال العديد من الاستحقاقات الانتخابية السابقة التي شهدها المغرب، أنّ التحالفات الممكنة تبقى رهينة ما تسفر عنه نتائج الانتخابات. فحزب الحركة الشعبية مثلاً، كان قبل انتخابات 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 عضواً مؤسساً لمجموعة الثمانية، لكنه سرعان ما انسحب منها بعد إعلان نتيجة الانتخاب، واختار التحالف مع حزب العدالة والتنمية"، وفقاً للأستاذ الجامعي.

ويستطرد المحلل السياسي ذاته بالقول، إنّ "الأمر ذاته ينطبق على حزب التجمع الوطني للأحرار الذي كان من أهم مكونات مجموعة الثمانية، وكان معارضاً لحكومة بنكيران في صيغتها الأولى. غير أنه اختار في ما بعد الانضمام للتحالف الحكومي بعد انسحاب حزب الاستقلال. من خلال هذه التجربة، يتبيّن أن الممارسة السياسية بالمغرب لها بعض الخصوصيات، إذ إنّ الفاعلين السياسيين لهم حساباتهم الخاصة، والتي تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات. وهذا ما يجعل من الصعب في الوقت الراهن توقّع طبيعة التحالفات الممكنة في الانتخابات المقبلة"، على حدّ تعبيره.

ويرى الأستاذ الجامعي أنّ "معظم التحالفات القبلية بين الأحزاب المغربية لا تكون مبنية على برامج ومشاريع مشتركة، إنما تعتمد على تصريحات متبادلة، في حين أن التحالفات الحقيقية تكون مبنيّة على برامج وبدائل للسياسات العمومية"، وفق تعبير مفيد.

اقرأ أيضاً: وزير مغربي "يهاجم" رئيس حكومته بنكيران ويتهمه بـ"الهيمنة"