معسكران يتنازعان طريق النفط: إيران تطرح تحالفاً لتأمين الملاحة

معسكران يتنازعان طريق النفط: إيران تطرح تحالفاً لتأمين الملاحة

24 يوليو 2019
أكد روحاني أن إيران الحارس الأساسي لأمن الملاحة (الأناضول)
+ الخط -
من تبادل احتجاز ناقلتي النفط الإيرانية والبريطانية، انتقل الصراع في بحر الخليج إلى تشكيل قوات بحرية "لحماية أمن الملاحة" في المنطقة، وبعدما كانت الولايات المتحدة أول من طرحت في 10 يوليو/ تموز الحالي فكرة تأسيس تحالف عسكري بقيادتها وبريطانيا، لتأمين الملاحة في مضيق هرمز، ردت إيران أمس بإعلان سعيها لتشكيل تحالف بحري مماثل، من دون الكشف عن أسماء الدول التي قد تشارك فيه، مع التشديد على أنها تراقب من كثب "جميع السفن العدوة" التي تعبر مياه الخليج. وفي ظل هذا الصراع المتصاعد، تشهد العاصمة النمساوية فيينا الأحد المقبل اجتماعاً للدول الموقّعة على الاتفاق النووي في محاولة لإنقاذه.

وأعلن قائد السلاح البحري في الجيش الإيراني، حسين خانزادي، أمس الثلاثاء، أن بلاده تسعى إلى تشكيل تحالف بحري لضمان أمن الملاحة في المياه الدولية في الخليج وبحر عمان، مشيراً إلى إجراء مناورات بحرية مشتركة لأول مرة حتى نهاية العام، وقال إنها باكورة تشكيل التحالف. وفي حوار مع نادي "المراسلين الشباب"، أكد خانزادي أن "هذا التحالف سيتشكل حتماً"، من دون أن يكشف عن أسماء الدول التي تشارك فيه، مضيفاً أن "التعاون الجماعي ضرورة للوصول إلى الأمن الجمعي". ولفت إلى أن إيران "توفر أمن الملاحة في مياهها الإقليمية"، قائلاً إنها سعت إلى تأمين أمن المياه الدولية في المنطقة مع دولها.

واتهم خانزادي واشنطن وقوى أخرى بدعم القرصنة البحرية "لتبرير وجودها من خلال ذلك"، قائلاً إن واشنطن ولندن "تزعزعان أمن البحار من خلال تصرفاتهما". وتعقيباً على احتجاز بريطانيا ناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" في جبل طارق في الرابع من الشهر الحالي، قال "من يعش في بيت زجاجي لا يرم الحجر إلى بيت الآخرين".
وشدد على أن القوات البحرية الإيرانية ترصد كل تحركات السفن والبوارج والمدمرات الأميركية منذ لحظة دخولها إلى الخليج وبحر عمان، داعياً القوات الأجنبية إلى الخروج من المنطقة، قبل أن يجزم أنها "ليست بحاجة إلى أي وجود أجنبي". وأكد جهوزية القوات الإيرانية لمواجهة "العدو"، مشيراً إلى أنه "عليه أن ينتظر مفاجآتنا في مكان لا يمكنه رؤيتنا".

مقابل ذلك، كان نائب الرئيس الإيراني، إسحاق جهانغيري، يندد بالدعوة الأميركية إلى تشكيل تحالف لضمان أمن الملاحة في مضيق هرمز وباب المندب، قائلاً إن "لا حاجة لتشكيل هذا التحالف للحفاظ على أمن المنطقة"، متحدثاً عن أن "الساعين إلى تشكيل هذه التحالفات، عندما خرجوا من مناطق وجودهم سابقاً، لم يحققوا أي مكسب سوى الفوضى وبث اللاأمن". وشدد على أن إيران بإمكانها "تأمين أمن المنطقة بمساعدة دولها"، لكنه أكد في الوقت نفسه أنه "لكي تكون هناك منطقة آمنة والجميع يستفيد من ذلك فلا خيار إلا رفع الضغوط عن إيران وإجراء حوار منطقي معها من دون ضغوط". وأضاف أنه لو حصل ذلك "فحينئذ ستكون هناك منطقة آمنة وهادئة للجميع"، مشيراً إلى أن بلاده "كانت وما زالت تحافظ على أمن المنطقة". وفي إشارة إلى الأحداث الأخيرة في الخليج والشرق الأوسط، قال نائب الرئيس الإيراني إن "الأحداث الأخيرة نقلت هذه الرسالة إلى العالم بأنه يمكن التعامل مع إيران من خلال المنطق والحوار لحل القضايا، لكن في حال سلكوا طريقاً غير الحوار معها فإنهم سيكونون خاسرين والمنطقة ستتضرر".


وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد قال خلال اجتماع مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الإثنين، إن "إيران كانت على مر التاريخ الحارس الأساسي لأمن وحرية الملاحة في الخليج الفارسي ومضيق هرمز وبحر عمان، وستبقى كذلك"، بحسب بيان إيراني. فيما قالت وزارة النفط العراقية أمس إن روحاني أعطى تطمينات للوفد العراقي بشأن ضمان حرية الملاحة في الخليج ومضيق هرمز واحترام القانون الدولي الذي يكفل ذلك.

وفي السياق، شدد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على أن "إيران لا تسعى إلى المواجهة" وذلك في تغريدة عبر "تويتر" هنأ فيها بوريس جونسون باختياره رئيساً لحزب المحافظين والحكومة البريطانية. واتهم ظريف رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، بتوقيف الناقلة الإيرانية في جبل طارق بـ"تعليمات أميركية"، مضيفاً "إيران لا تسعى إلى المواجهة، لكن لديها خطاً ساحلياً بنسبة 1500 ميل في الخليج الفارسي، وهذه مياهنا وسنحافظ عليها".

في المقابل، وبعد أن أعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، جوزيف دانفورد، في 10 الحالي، تخطيط بلاده لتأسيس تحالف عسكري بقيادتها وبريطانيا، بهدف تأمين الملاحة في مضيق هرمز، أكد وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت الإثنين عزم بلاده على إنشاء "قوة حماية بحرية بقيادة أوروبية بأسرع وقت ممكن" لضمان حرية الملاحة في مياه الخليج، مع حرصه على التأكيد أن هذا الأمر "ليس جزءاً من سياسة الولايات المتحدة بفرض الضغوط القصوى على إيران لأننا لا نزال متمسكين بالاتفاق النووي".

غير أن الموقف الفرنسي جاء مغايراً، إذ قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إن بلاده تعمل مع عواصم أوروبية على تحسين الأمن البحري في الخليج، لكنه لم يصل إلى حد دعم دعوة بريطانيا إلى تشكيل قوة بحرية. وأضاف لودريان أمام أعضاء البرلمان أمس، أن تهدئة التوتر ضرورية، "لذلك فنحن نعمل على تأسيس مبادرة أوروبية، مع بريطانيا وألمانيا، لضمان وجود مهمة لمراقبة الأمن البحري في الخليج". جاء الموقف الفرنسي فيما كان نائب وزير الخارجية عباس عراقجي في باريس ناقلاً رسالة من روحاني إلى نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ودخلت السعودية على الخط، داعية المجتمع الدولي لاتخاذ ما يلزم لردع أي مساس بحرية الملاحة البحرية. واعتبرت الحكومة السعودية خلال اجتماع لها أمس أن "ما تقوم به إيران من تصرفات يعد انتهاكاً للقانون الدولي، ومن ذلك اعتراض سفن مدنية بما فيها احتجاز السفينة البريطانية في الخليج العربي".

وفي ظل هذا التصعيد، يُعقد اجتماع دولي في فيينا الأحد المقبل في مسعى جديد لإنقاذ الاتفاق النووي. وأعلنت الخارجية الإيرانية في بيان أن الدول الموّقعة على هذا الاتفاق (ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا وإيران) ستتمثّل في هذا الاجتماع على مستوى وزاري أو على مستوى المديرين السياسيين. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن الإثنين أنّه بات يشعر بصعوبة أكبر في التفكير بالتفاوض مع إيران، قائلاً "أصبحت رغبتي في التوصل إلى اتفاق مع إيران أكثر تعقيداً".

المساهمون