ستيفان دي ميستورا متحدثاً باسم دمشق وموسكو: فلتستسلم حلب

ستيفان دي ميستورا متحدثاً باسم دمشق وموسكو: فلتستسلم حلب

06 أكتوبر 2016
منطق دي مستورا قريب من موسكو ودمشق(فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -
بدا لوهلة أن رئيس النظام السوري بشار الأسد يتحدث، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، غير أن الكلام كان بالفعل لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا.

مصدر الالتباس أن دي ميستورا، في كلمته التي روّجت لها مسبقاً دوائره على أنها ستكون "مهمة للغاية"، وألقاها خلال مؤتمر صحافي في جنيف، يوم الخميس، بدا متبنياً بالكامل لرواية روسيا ونظام الأسد حول عرض الاستسلام الذي قدمه للمعارضين السوريين في حلب، والذي ينص على انسحاب المقاتلين من الأحياء الشرقية لحلب وتهجيرهم، وإفساح المجال أمام احتلال النظام لها وتغيير تركيبتها الديمغرافية على غرار ما حصل في داريا والزبداني والوعر وغيرها.

كما ظهر تبني المبعوث الدولي لرواية موسكو ودمشق حول "محاربة الإرهاب" في تبرير إبادة السوريين، خصوصاً في حلب، عندما أفصح عن "تقديرات" الأمم المتحدة التي تفيد بأن عدد المقاتلين في حلب الشرقية من "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقاً) يناهز 900.

وربما نسي دي ميستورا أن يقول إنه يحق إبادة أحياء حلب الشرقية بمدنييها الـ400 ألف وفقاً للاتفاق الأميركي الروسي، بما أن فيها مقاتلين من تنظيم لا تشمله الهدنة التي قُتلت قبل أن تولد. لكن لا مؤشرات إلى احتمال قبول فصائل المعارضة المسلحة بعرض الاستسلام المكرر من دي ميستورا، إذ سبق لها أن رفضت العرض الأصلي من صاحبه الأساسي، النظامين السوري والروسي.

وظهر أن للأمم المتحدة أجهزة أمنية شديدة الفعالية، لكي تتمكن من معرفة رقم يفترض أن يكون الوصول إليه صعباً، من نوع أن المقاتلين في الشهباء يناهز عددهم ثمانية آلاف، وأن آلافاً منهم أتوا من مدينة إدلب وأريافها للقتال على جبهة الراموسة، جنوبي حلب، بينما هذه المنظمة عاجزة أو غير راغبة بمنع إنجاز تدمير المدينة القديمة في غضون شهرين، بحسب كلام دي ميستورا نفسه.

وقد تكون وكالات أنباء عالمية، شأن "رويترز"، التقطت سريعاً ما يرغب دي ميستورا بقوله، فعنونت خبرها "مبعوث الأمم المتحدة يجازف بحياته من أجل السلام في حلب"، على خلفية عرضه بأن يواكب انسحاب المقاتلين، الذين قال إن عددهم تسعمئة، من حلب لإنقاذ المدينة، وهو بذلك أيضاً يكون قد تحدث باسم النظام والروس في ربط جريمة الإبادة بـ"التنظيمات الإرهابية"، وكأن شاحنات الأمم المتحدة التي قصفت في 19 الشهر الماضي في ريف حلب مثلاً، كانت تابعة لجبهة النصرة أو لـ"داعش".

ولم تنل روسيا ولا النظام السوري أي إدانة من دي ميستورا، في مساواة من قبله للجلاد بالضحية، وهو سلوك معتاد من دي ميستورا، منذ ما يناهز العامين من توليه منصبه حيال الملف السوري.

ولأن الرجل وضع نفسه منذ اليوم الأول بتصرف الاتفاق الأميركي ــ الروسي حيال الملف السوري، فإنه أعرب عن أسفه الشديد لوقف الاتصالات الأميركية - الروسية، ما شكل نكسة كبيرة في سورية".

ولكن سرعان ما تبرأ دي ميستورا من المسؤولية، عندما اعتبر أنه ليس مخولاً "بتقديم ضمانات إلى جبهة النصرة لمغادرة حلب"، لكنه استدرك قائلاً "لن نقبل أن تقع مجازر في شرق حلب تشبه رواندا وسربرنيتسا".

وكأن كلام دي ميستورا كان منسقاً مسبقاً مع الروس، فما كادت تمر دقائق على نهاية مؤتمره الصحافي، حتى رحبت روسيا باقتراحه حول انسحاب من سماهم مقاتلي جبهة النصرة من حلب، ربما لفتح المجال أمام مليشيات النظام لدخول حلب بلا أي مقاومة، بما أن كل من يعارض النظام السوري هو إرهابي بالمعايير السورية الحكومية والروسية.