"القيم الأصيلة"... أولوية "العدالة والتنمية" المغربي في النموذج التنموي

"القيم الأصيلة"... أولوية "العدالة والتنمية" المغربي في النموذج التنموي

03 يناير 2020
جعل "العدالة والتنمية" مراعاة "القيم الأصيلة" للمجتمع بمقدمة أفكاره(Getty)
+ الخط -
اختار حزب "العدالة والتنمية" المغربي، الذي يقود الحكومة حالياً، جعل مطلب مراعاة "القيم الأصيلة" للمجتمع، في مقدمة أفكاره التي قدّمها أمام اللجنة الملكية الخاصة بإعداد نموذج تنموي جديد للبلاد. 

وكان الحزب، ذو المرجعية الإسلامية، أول الأحزاب السياسية المغربية التي التقت اللجنة، التي عيّنها الملك أخيراً، لإعداد تصوّر شامل حول نموذج تنموي بديل. وحرص الوفد، الذي قاده نائب الأمين العام للحزب سليمان العمراني، على إشهار ورقة القيم في اللقاء الذي جرى، أمس الخميس، بما يؤكد التحفظات التي عبّرت عنها أصوات من داخل الحزب، على الأعضاء الذين عيّنهم الملك، يوم 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

فمباشرة، بعد تعيين هذه اللجنة برئاسة السفير المغربي في فرنسا وزير الداخلية السابق شكيب بنموسى، قام رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق لحزب "العدالة والتنمية"، عبد الإله بنكيران، بمهاجمة تركيبة اللجنة، معتبراً، في لقاء لمؤتمر "الاتحاد الوطني للشغل" (نقابة مقربة من الحزب) في المغرب، بمدينة بوزنيقة قرب الرباط، يوم 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أنّ الأشخاص الذين تضمهم اللجنة ينتمون إلى "تيار واحد"، في إشارة منه إلى التيار الذي يوصف بـ"الحداثي"، مع غياب أي ممثل للتيارات الإسلامية والمحافظة.

وقال بنكيران، في اللقاء ذاته، إنّ تكوين اللجنة التي اقترحها بنموسى "لم يعجبني لأنه ذهب في تيار واحد، وفيه أشخاص متخصصون في التشكيك في الدين، ولا يتضمن التوازن".

هجوم لم يتأخر رئيس اللجنة شكيب بنموسى، في الرد عليه بشكل ضمني، إذ قال، في أول اجتماع للجنته، جرى في اليوم الموالي لهجوم بنكيران عليها، إنّ تركيبة اللجنة "تستوفي بكل تأكيد شروط الانسجام والتكامل"، معتبراً ذلك "إحدى الركائز الأساسية التي من شأنها إثراء النقاش، وإيجاد حلول مبتكرة في إطار نموذج تنموي يستجيب لطموحات المغرب ومواطنيه". وشدّد بنموسى على أنّ تركيبة لجنته "تختزل مجموعة من الاعتبارات الهامة، منها القرب من القضايا الأساسية التي تهمّ المجتمع المغربي، وتعدد اختصاصات أعضائها، والحضور الكبير للعنصر النسوي، وضخ دماء جديدة عبر إشراك أعضاء شباب، والانفتاح على المغاربة المقيمين في الخارج".

وحرص سليمان العمراني، رئيس الوفد الممثل لحزب "العدالة والتنمية" الذي حلّ في ضيافة اللجنة، أمس الخميس، على إبراز موضوع القيم في تصريحاته للصحافة عقب اللقاء، وقال إنّ المذكرة التي قدّمها للجنة بنموسى، ركزت على ثلاثة مداخل أساسية تعكس رؤية الحزب للنموذج التنموي المأمول، موضحاً أنّ المدخل الأول يتمثل في إقرار "مركزية القيم المجتمعية"، مضيفاً أنّ هناك تجارب ناجحة "ثمنت قيمها المجتمعية ونحتت انطلاقاً منها نماذج جد متقدمة على المستوى التنموي، وبالتالي لن تكون بدعاً من هذه التجارب"، مبرزاً أنّ المغرب "غني بمنظومة قيمية مجتمعية أصيلة".

أما الركيزتان الثانية والثالثة، فهما "تعزيز مكانة الاختيار الديمقراطي عبر احترام إرادة الناخبين، وتعزيز نظام الحكامة الجيدة (حسن التدبير)"، بحسب العمراني.


ونشر حزب "العدالة والتنمية"، مباشرة بعد اجتماعه بلجنة بنموسى، النص الكامل لمذكرته الخاصة بمقترحاته حول النموذج التنموي.


أولويات حزب "الاستقلال" و"الاتحاد الاشتراكي"

وإلى جانب وفد حزب "العدالة والتنمية"، استقبلت اللجنة، التي ينتظر أن تصدر تقريرها النهائي وتسلّمه للملك قبل نهاية يونيو/حزيران المقبل، كلاً من "حزب الاستقلال" و"الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية". وعلى عكس حزب "العدالة والتنمية"، قال وفد "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، إنّ مسألة الحداثة "أساسية" بالنسبة إليه، شأنها شأن "قضية المساواة التي تتيح جعل نصف المجتمع يضطلع بدوره على الوجه الأكمل".

واكتفى "الاتحاد الاشتراكي" بتقديم بعض الأفكار العامة، مثيراً في الوقت نفسه انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بسبب شخصيات الوفد الذي مثّل الحزب في اللقاء، والذي ضمّ كلاً من ابنة كاتبه الأول، وابن الرجل الثاني في الحزب رئيس مجلسه الوطني ورئيس مجلس النواب الحبيب المالكي.


أما ثالث الأحزاب السياسية التي استقبتلها لجنة بنموسى، في اليوم الأول من مشاوراتها، فهو "حزب الاستقلال" المعارض، فقال أمينه العام نزار بركة، بعد اللقاء، إنّ "وضع النموذج التنموي الجديد يجب أن يرتكز على إحداث قطيعة مع اقتصاد الريع والامتيازات، ونهج حكامة قائمة على الفاعلية والشمولية".


وأضاف بركة أنّ تصور حزبه للنموذج التنموي الجديد "يقوم على القطيعة المرتبطة بالانتقال من مجتمع اقتصاد الريع والامتيازات إلى مجتمع تكون لأفراده نفس الحقوق والواجبات"، وكذا "الانتقال من حكامة مبنية على الزبونية والمحسوبية إلى حكامة ترتكز أساساً على الفاعلية والاستهداف والشمولية والاندماجية في السياسات المطبقة".


وكان الملك المغربي محمد السادس، قد أعلن في خطابه بمناسبة "عيد العرش"، والذي ألقاه يوم 29 يوليو/تموز 2019، أنه سيحدث لجنة من أجل بلورة النموذج التنموي الجديد، الذي كان قد دعا إليه في أكتوبر/تشرين الأول عام 2017، بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية.

وأوضح الملك محمد السادس أن هذه اللجنة "لن تكون بمثابة حكومة ثانية، أو مؤسسة رسمية موازية؛ وإنما هي هيئة استشارية، ومهمتها محددة في الزمن"، مضيفا أنها ستشمل "مختلف التخصصات المعرفية، والروافد الفكرية، من كفاءات وطنية في القطاعين العام والخاص، تتوفر فيها معايير الخبرة والتجرد، والقدرة على فهم نبض المجتمع وانتظاراته، واستحضار المصلحة الوطنية العليا".