تصعيد أميركي ضد قانون الجمعيات الأهلية في مصر

تصعيد أميركي ضد قانون الجمعيات الأهلية في مصر

10 ديسمبر 2016
تخوّفات دولية من تضييق إضافي على الحريات (Getty)
+ الخط -



تلقّى النظام المصري ضربة جديدة على المستوى الدولي، بسبب قانون الجمعيات الأهلية الذي وافق عليه مجلس النواب المصري، وينتظر تصديق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إذ يعتزم السيناتور الأميركي الجمهوري ليندسي غراهام، تقديم مشروع قانون في مجلس الشيوخ الأميركي، لتعليق المساعدات إلى مصر، بسبب قمع منظمات المجتمع المدني.
ويواجه قانون الجمعيات الأهلية، رفضاً كبيراً ليس فقط من قِبل منظمات حقوق الإنسان وحدها، ولكن أيضاً الجمعيات الخيرية والتنموية، لجهة التضييق الكبير المفروض على عملها، بما جعل البعض يعلّق عمله وسط تهديدات بوقف العمل تماماً، إذا تم التصديق عليه.
ويأتي تلويح غراهام بالضغط على مجلس الشيوخ الأميركي، لتمرير قانون لتعليق المساعدات لمصر، بعد لقاءات أجراها وزير الخارجية المصرية سامح شكري، في واشنطن، على مدار أكثر من أسبوع، مع قيادات في الكونغرس بغرفتيه (النواب والشيوخ). وفي الوقت الذي دفع فيه شكري بقوة خلال لقاءاته في واشنطن، لضرورة زيادة المساعدات المقدّمة لمصر وتحديداً العسكرية لمواجهة "الإرهاب"، جاءت محاولات غراهام للضغط لمنع التصديق على القانون المصري.
وفي مستهل لقاءات وزير الخارجية المصري، التقى غراهام، الذي زار مصر أكثر من مرة في أعقاب الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي، كان آخرها في أبريل/نيسان الماضي. تحركات السيناتور الأميركي، جاءت متطابقة مع رؤيته التي أطْلع شكري عليها، إذ إن مصر دولة مهمة بالنسبة للولايات المتحدة، التي تتطلع لأن تخطو مصر خطوات أكثر جدية على مسار التحول الديمقراطي، لا سيما في ما يتعلق بدعم دور المنظمات غير الحكومية.
وتوقعت مصادر برلمانية، عدم تصديق السيسي على قانون الجمعيات الأهلية في القريب العاجل، بانتظار دراسة ما يمكن أن يسفر عن إصدار القانون بشكل رسمي. وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن هناك ضغوطاً غير معلنة تتعرض لها مصر حالياً من دول في الاتحاد الأوروبي، بخلاف الضغط الداخلي. وأضافت أن الولايات المتحدة دخلت على الخط من خلال غراهام، وإن كان هناك استبعاد لإقرار مشروع القانون الذي يعتزم تقديمه، ولكن كل شيء وارد.


وتابعت المصادر أنه ستكون هناك محاولات واتصالات مع دوائر واسعة في الكونغرس سواء من خلال مجلس النواب أو السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة الخارجية، لاحتواء الموقف، وضمان عدم تمرير مثل هذا القانون. ولفتت إلى أنه حتى مع التصديق على القانون وعدم إثارة أزمة كبيرة حياله، فإن الضغوط ستتزايد مع البدء في تطبيقه، إذ سيتم التضييق بشكل كبير على المنظمات الحقوقية العاملة في مصر.
وأشارت إلى أن الأزمة الأكبر ستكون مع دول الاتحاد الأوروبي وليس مع الولايات المتحدة في الأساس، لارتباطها مع منظمات عاملة في مصر. وحول إمكانية عدم التصديق على القانون من قِبل السيسي، أكدت المصادر أن كل شيء وارد، ولكنه يبقى خياراً مستبعداً ولا يوجد مؤشر عليه.
وتمنح المادة 123 من الدستور المصري الجديد، رئيس الجمهورية الحق في الاعتراض على القوانين التي يقرها مجلس النواب، وإعادتها مرة أخرى خلال مدة 30 يوماً، وإذا وافق عليها مجلس النواب بشكل نهائي تصبح قانوناً من دون انتظار تصديق الرئيس. وأقر مجلس النواب المصري، قانون الجمعيات الأهلية بشكل نهائي في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد الموافقة على تعديلات مجلس الدولة على الصيغة النهائية لمشروع القانون.
من جهته، قال الخبير السياسي، محمد عز، إن الدول الغربية تدرك تماماً نوايا النظام الحالي، لجهة التضييق على منظمات المجتمع المدني، إذ إن قانون الجمعيات الأهلية يعد تقنين التضييقات قانونياً. وأضاف عز لـ"العربي الجديد"، أن النظام الحالي يدرك ما سيواجهه من ضغوط وانتقادات تتعلّق بهذا القانون، وبالأخص بعد ممارسة التضييق الفعلي، ولم يصدر انتقادات علنية ومواقف رسمية قوية حتى الآن، بانتظار تطبيق القانون.
وتابع أن أغلب الدول تفضّل عدم التعليق على القانون حتى لا يكون ذلك بمثابة تدخّل في الشأن الداخلي المصري، ولكنها ستتطرق بالتأكيد إلى الممارسات التي ستظهر بعد التصديق على القانون. ولفت إلى أن القانون له أبعاد دولية وليس مستغرقاً في المحلية كما يظن البعض باعتباره شأناً داخلياً مصرياً، ولكنه يتعلق بمنظومة دولية تهتم بالارتقاء بمنظمات المجتمع المدني وعدم إضفاء قيود على عملها.
وأكد الخبير السياسي، أن موقف السيناتور الأميركي الجمهوري، يلغي آمال السيسي في أن الجمهوريين سيكونون سنداً قوياً له ولنظام حكمه، معتبراً أن القانون الأميركي المنتظر تقديمه هو نوع من أنواع الضغط على مصر لمنع تمرير قانون الجمعيات الأهلية سيئ السمعة، الذي أقر بشكل سريع للغاية مقارنة بقوانين أخرى أكثر أهمية ولها صفة الإلزام الدستوري.