هجوم مخدوم على الجيل الثالث من المهاجرين

هجوم مخدوم على الجيل الثالث من المهاجرين

07 ديسمبر 2014
+ الخط -
أحزاب يمين الوسط في عدد من الدول التي تعتبر في العادة الأكثر احتراماً للتنوع الثقافي ولحقوق الإنسان، بغض النظر عن أصله، تنجر في مواقفها نحو انحدار يقلد شعارات اليمين الشعبوي بتشديد القوانين ومحاصرة ذلك التنوع والحد منه "خوفاً من فقدان الناخبين".

ومثل هذا الانجرار، لأحزاب حاكمة أو يمكن أن تحكم بعد الانتخابات، هو الذي يوسع شرعية اختلاط شعارات "النازيون الجدد" والحركات الفاشية بتلك التي تعتبر المخرج من كل أزمة مجتمعية في اللجوء نحو تشديدات ترسل رسالة محبطة لتلك الأجيال من أصول مهاجرة. 

خطورة ما يجري في تمدد اليمين المتطرّف وتغلغل برامجه وتماهي يمين الوسط، مما يشير إلى تحديات كبرى تواجهها الجاليات لناحية التأثير الجماعي وعزوف البعض عن أخذ دوره الممأسس في مجتمعات تصنع فيها حالة استقطاب تطرب أذن التطرف عند الجانبين. فالجواب على هذا التوسع اليميني يقابله أحياناً تسويق متشدد يستغل الدين ويضعه كمخرج لكن في عزلة قاتلة وسلبية. 

فحين يضطر شباب أوروبي من أصول مهاجرة، وبناء على لون البشرة والاسم، إلى عمل ماكياج وصبغ شعر للولوج إلى سهرة في نهاية الأسبوع في بعض المجتمعات وتغيير اسم أحدهم للحصول على وظيفة، فإن الأمر الذي تقوم به الجماعات الأقوى خطابة وشعارات بين الجاليات المسلمة ليس في مواجهة هذا التمييز والتمدد اليميني بل اختيار الحلول السهلة القائمة على تحريم فعل شباب مراهق، يريد أن يرتاد مقهى أو ملهى ليليّاً إسوة بكل مراهقي مجتمعه الذي ولد وكبر فيه وعايشهم في المدرسة والنوادي. هذا الاستسهال في الحلول لا يقابله جهد حقيقي لتثبيت المواطنة. 

أضف إلى ذلك، فالنسب المائوية التي كانت متواضعة لليمين المتشدد، باتت اليوم تشكل بيضة القبان في برلمانات كثيرة، وأخرى قادمة على وقع أزمات الأحزاب التقليدية، وهو ما يعني أن ذلك التقدم لم تواجهه أحزاب يمين الوسط ويسار الوسط بحزم، بل بانتهازية الجري نحو اليمين، مما يكسب التطرف اليميني شرعية إضافية أمام الناخبين.

وذلك أمر يمكن لمؤسسات الجاليات أن تحد منه عبر مشاركة فعالة في الحياة العامة والخروج من تقوقع على الذات والاكتفاء بالشكوى غير ذات التأثير في تغيير هذا الواقع الذي يمكن زحزحته، أيضاً، بالتحالف مع القوى التي ترفض أن تصبح الحركات النازية والفاشية صاحبة دور في سياسات تلك المجتمعات من خلال غطاء يقدمه هذا اليمين القومي المتطرف بشعاراته البراقة. 

الكتل اليمينية المتشددة تتشدق كثيراً بأنها وطنية إصلاحية تريد حماية مجتمعات الرفاهية والحفاظ على امتيازات "الأصلاء" من أبناء تلك البلاد. 

لكن، حين يرفع اليمين المتطرف برامجه السياسية ويصبح أمر مناقشتها يتعلق بشرعية حتى الجيل الثالث والرابع من هؤلاء المواطنين المتحدرين من أصول عربية ومسلمة فإن الأمر يستدعي وقفة جدية مع ما يجري.


المساهمون