"مغامرة حداثوية": جمالٌ تحدّده وظائف الفن

"مغامرة حداثوية": جمالٌ تحدّده وظائف الفن

24 اغسطس 2018
(من المعرض)
+ الخط -

"مغامرة حداثوية" عنوان معرض يستضيفه "مركز بومبيدو" في باريس حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري، ويلقي الضوء على واحدة من أبرز الحركات الفنّية خلال القرن العشرين، والمتمثّلة في "اتّحاد الفنّانين الفرنسيّين الحداثويين" التي تأسّست عام 1929 واستمر نشاطها حتى 1958.

عند ظهوره، دعا الاتحاد عند إلى إحداث قطيعة تامّة مع القيم التقليدية للفن؛ حيث كان أعضاؤه الذين تجاوزوا 170 فناناً ينطلقون من رؤى ثورية تطمح إلى تغيير مفاهيم الجمال في العمارة والرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي وصناعة المجوهرات وتصميم الأثاث والأزياء والملصق الفنّي والرسوم البيانية.

يضمّ المعرض أعمالاً لعدد منهم؛ مثل النحّات هنري لورينز (1885 – 1954) الذي تأثّر بالمدرسة التكعيبية في بداياته، ثم اقترب من الطبيعة؛ حيث طوّر أسلوباً خاصاً ينزع نحو التجريد في نحت المجسّمات العارية التي استوحى موضوعاتها من الأساطير الإغريقية والرومانية، من خلال إعادة تفسيرها ومنحها دلالات جديدة.

أمّا المصمّم والمعماري رينيه هربست (1891 – 1982)، فقدّم محاضرات وكتباً ومقالات حول منظوره الجديد لديكورات الشارع وفن العرض، وراجت تصميمات الأثاث التي أنجزها من الفولاذ والكروم وقام بطلائها بالنيكل والصلب. وعلى المنوال نفسه ذهب المصمّم وفنّان الديكور لويس سوغنوت الذي استخدم المعدن في كلّ ما أنتجه من أعمال تعتمد البساطة والابتعاد عن التعقيدات والزخرفات التي ارتبط بها الفن الكلاسيكي.

كانت تجربة المعماري لو كوربوزييه (1887 – 1965) هي الأغنى في الحركة والأكثر تأثيراً في مجاله وانتشاراً في أوروبا والعالم، عبر مبادئه الأساسية المعروفة، حيث رفع المبنى على أعمدة دائرية ما سمح باستغلال الحيّز الذي يتوفّر أسفله، واستخدام المسقط الحر الذي يوفّر الاستقلالية التامة للقواطع الداخلية عن السقوف، والواجهات الحرّة، والنوافذ الأفقية الطويلة، وتصميم حديقة السطح.

كما تُعرض أعمال روبرت ماليت - ستيفنز، وجان بروفوف، وإيلين غراي، وبيير تشراو، وفرانسيس جوردان، والتي كسرت جميعها الحواجز الفاصلة بين مفهومَي الوظيفة والاستهلاك، حيث كانت أولويّتهم في تقديم منتجات فنيّة تتميّز بالبساطة والعفوية وسهولة الاستخدام، غير آبهين بالفخامة والبهرجة السائدة في عصرهم.

تعرّضت المجموعة إلى انتقادات واسعة حتى منتصف الثلاثينيات، لكنهم أصرّوا على تجريبهم من خلال تنظيرات متماسكة تربط الفن بالحياة اليومية، وهو ما يُبيّنه المعرض بالوثائق والبيانات التي تلقي الضوء على صدامهم مع الشركات التي كانت تمنع تحويل تصميماتهم للاستهلاك على نحو عام. وتشتمل المعروضات كذلك على أعمال الجيل الثاني من الحركة التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945).

المساهمون