مع غزّة: إبراهيم فوزي

مع غزّة: إبراهيم فوزي

30 مارس 2024
إبراهيم فوزي
+ الخط -
اظهر الملخص
- إبراهيم فوزي يشارك تأثير الأحداث في غزة على حياته، مفقدًا الشغف بمشاريعه الأدبية ليتجه نحو ترجمة أعمال تدعم القضية الفلسطينية وتكشف زيف الصهيونية، معبرًا عن ألمه لفقدان التواصل مع كاتب من غزة.
- يرى فوزي في الإبداع وسيلة للمقاومة والتحرر، مؤكدًا على دوره في كشف الخطاب الصهيوني وتشجيع التضامن العالمي مع فلسطين، معتبرًا الأدب والفن أدوات قوية لإحداث تغيير ثقافي وروحي.
- يختتم برسائل ملهمة لأهل غزة والعرب، مشيدًا بصمود أهل غزة وداعيًا للتضامن مع القضية الفلسطينية، ويؤكد على أهمية الأمل والنصر المنتظر، معتبرًا العمل الإبداعي كمقاومة وتعبير عن الهوية.

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزّة وكيف أثّر على إنتاجه وحياته اليومية، وبعض ما يودّ مشاركته مع القرّاء. "الإبداع الآن صرخة في وجه الظلم"، يقول الأكاديمي والمترجم المصري إبراهيم فوزي في حديثه لـ"العربي الجديد".


■ ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟

- منذ بدء حرب الإبادة التي شنتها "إسرائيل"، وحتى الآن، شاهدنا القتل والتدمير والتشريد والتجويع. قصف كل شيء: المنازل والمدارس والجامعات. ما يجري في غزّة أوقفني للتفكير، ومنحني سبباً للعمل. فإن كانت قلوبنا تنزف دماً، فإن ألسنتنا لن تتوقف، وأقلامنا لن تجف. أقضي معظم وقتي أتابع الأخبار. يشارك أصدقائي على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً وفيديوهات قادمة من غزّة، تدمي القلب، جثث الشهداء ملقاة في الطرقات، أطفال ينزفون، وأمهات يصرخن لفقد عائلاتهن بالكامل. الشوارع تحولت لمقابر كبيرة. لذا، هاجسي الوحيد هو إخوتي في غزّة، وكيف ومتى سينتهي هذا الكابوس، وماذا يمكنني أن أفعل لأدعمهم وأكون صوتهم.


■ كيف أثّر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية؟

- لم تعد حياتي كما كانت قبل السابع من أكتوبر. عدت قبل ذلك التاريخ بقليل من رحلة قصيرة إلى المملكة المتحدة، عدت محملاً بالعديد من المشاريع الأدبية التي لم يكن رأسي يتسع لها، والأخبار التي أسعدتني حينها، لكنني الآن تسيطر عليّ مشاعر الحزن، فقدت شغفي بما أفعل إن لم يكن لأجل فلسطين. أشعر أن انشغالي عن القضية الفلسطينية خيانة، أن سعادتي بأي إنجاز صغير خيانة. أترجم الآن مقالات حول الصهيونية، وكيف بدأت، وأترجم شهادات لكتّاب فلسطينيين، أشارك في أحداث وفعاليات تدعم الفلسطينيين، وأوقع عرائض لوقف الحرب في غزّة. مؤخراً، كنت أترجم شهادة لكاتب في غزّة وكنا نتحدث عبر الواتساب، لكن فجأة لم يعد يرد على رسائلي، ولا يفتح الواتساب، ولا أخبار عنه مطلقاً. هذا الموقف أصابني بألم نفسي شديد. يومياً، أفتح الرسائل بيننا منتظراً أن يرسل إليَّ يخبرني أنه ما زال بخير.

ترجمة كتابات فلسطين ضرورية لتكذيب السردية الصهيونية

■ إلى أي درجة تشعر بأن العمل الإبداعي ممكنٌ وفعّال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم؟

- العمل الإبداعي وسيلة للتحرر، ومقاومة للعدوان. مسؤولية المبدع في مثل هذه الأوقات هي أن يكون صرخة في وجه الظلم؛ فالعمل الإبداعي له القدرة على الوصول إلى أعماق النفس البشرية. بصفتي مترجما، أرى أن ترجمة ما يكتبه الفلسطينيون أمر بالغ الأهمية الآن. الوضع المأساوي في غزّة يتطلب تدخلاً سياسياً، لكن قوة العمل الإبداعي تكمن في كشف زيف الخطاب الذي يروج له العدو الصهيوني، وخلق سردية مناهضة له، وتشجيع حالة من التضامن العالمي مع القضية الفلسطينية.


■ لو قيّض لك البدء من جديد، هل ستختار المجال الإبداعي أو مجالاً آخر، كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني؟

- سأظل ملتزماً بالعمل الإبداعي؛ لأنني مؤمن بقوة الأدب والفن في إحداث تغيير ثقافي وروحي عميق. العمل الإبداعي مقاومة في حد ذاته، ولا ينفصل عن العمل السياسي أو الإنساني.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

- أتمنى أن يصبح العالم مكانا آمنا، يعمّ فيه السلام. أتمنى أن تنتهي كوابيس الحرب، وأن يقف العالم بأسره مع الحق في وجه الظلم والطغيان.

العمل الإبداعي مقاومة في حد ذاته ولا ينفصل عن السياسي 

■ شخصية إبداعية مقاوِمة من الماضي تودّ لقاءها، وماذا ستقول لها؟

- أتمنى أن التقي غسان كنفاني، وسأقول له: شكرا لروحك وقلمك وإبداعك. شكراً لأنك رمز للمقاومة الثقافية والإبداعية بالنسبة إلي.


■ كلمة تقولها للناس في غزّة؟

- صمودكم وشجاعتكم منحتنا الأمل في النصر، وأنا موقن أن الله لن يضيعكم، وستنتهي هذه الحرب بنصر مؤزر. لكنها حرب طويلة تحتاج صبراً وتضحيات، وأنتم أهل لها. العالم كله شاهد على معاناتكم وصمودكم، وعلى وحشية الصهاينة. تعبيركم عن سعادتكم وانتصاراتكم المعنوية يقهر عدوكم، مواقفكم تجعلنا نعيد النظر في ذواتنا وحياتنا وجدواها وما نقدمه لهذا العالم. لقد جعلتم صورة الغربي المناصر للحريات تتحطم أمام أعين الجميع. لا تحزنوا؛ فالله معكم.


■ كلمة تقولها للإنسان العربي في كلّ مكان؟

- أيها العرب، اتحدوا؛ فاتحادنا قوة وتضامننا مع أهلنا في غزّة شرف. فالقضية الفلسطينية قضيتنا جميعا والحرب ضدنا. لنقاوم حتى لو فقط بنشر القضية ومشاركة فظائع الصهاينة التي يرتكبونها يومياً. استمروا في مقاطعة كل من يدعم عدونا الصهيوني، ويجاهر بدعمه له، وتأكدوا أن هذه المقاطعة ذات أثر سلبي كبير عليهم. اكتبوا وافضحوا عدوكم، ولا تتوقفوا أبداً، ادعوا لإخوانكم، ولا تنسوهم أبداً، فهم ليسوا مجرّد أرقام.


■ حين سُئلت الطفلة الجريحة دارين البيّاع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان، ماذا تريدين من العالم، أجابت "رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي".. ماذا تقول لدارين ولأطفال فلسطين؟

- عزيزتي دارين: نحن نراك، نسمعك، نحبك، ونشعر بك. تقف كلماتي عاجزة عن وصف ما مررت به، لقد سرقوا طفولتك البريئة، لكن عيونك الشجاعة ووجهك البريء، وروحك النقية تمنحنا أملاً وقوة. احلمي يا عزيزتي بالنصر؛ فهو آت. ساعدي الفقراء كما "وصّاكِ بابا"، وارسمي علماً بالألوان الحمراء والبيضاء والخضراء.


بطاقة

إبراهيم فوزي، أكاديمي ومترجم أدبي مصري من مواليد عام 1993. يعمل مدرسًا مساعدًا للأدب الإنكليزي، ومحرّراً أدبياً بمجلة روايات وMinorLits و Asymptote، وَمُقْدَم بودكاست مع New Books Network. ترجم إلى الإنكليزية قصص أطفال فلسطينية، ويصدر كتابه Belonging to Prison هذا الصيف عن Cambridge SP, UK. فازت ترجمته إلى الإنكليزية لرواية الكاتب الكويتي خالد النصرالله "الخط الأبيض من الليل" بجائزة English PEN, UK العام الماضي.
 

مع غزة
التحديثات الحية

المساهمون