لقد جرحوا لي صديقاً للتوّ

لقد جرحوا لي صديقاً للتوّ

23 مارس 2024
فانيسا فيلاندوني
+ الخط -
اظهر الملخص
- في قصيدة "هاوية"، تستكشف الشاعرة أعماق النسيان والوهم من خلال صورة صحراء بأهرامات منسية، موضحةً كيف تُعقّد الألغاز والأسرار محاولة البحث عن جنة ثابتة وسط إعصار وهمي.
- "جرحوا لي صديقاً" تعبر عن الألم النفسي والاتصال الروحي بين الأصدقاء عبر تجربة القشعريرة والأمل، مؤكدةً على الرابط العميق بين الأرواح حتى في أوقات الألم.
- الشاعرة تتناول موضوعات الوجود، الضياع، والبحث عن الذات في قصائدها، معبرةً عن الشوق للإشارات الضائعة والتأمل في الأسئلة الوجودية بلغة شعرية غنية، مما يعكس رحلة استكشافية للذات والعالم.

هاوية

في صمتٍ أغنّي 
سرَّ الهاوية،
ضائعةً في أفقِ صحراءٍ
من ألف هرمٍ يسقطون في غياهب النسيان،
من أحكام صادرةٍ على حَجَر
نُحِتت على رخام وهُدّمت في الأرض.
القطعُ المتناثرة للغزٍ خشبي 
ليست كافيةً لمحو الهاوية،
والسرّ يجري حيّاً في شرايين وهمٍ من إسمنت،
إسمنتٌ ينهض عليه إعصار وهميٌّ لا يترك أثراً 
لجنّة لا تذوب،
كبحيرة تَغرقُ في جفاف الدمع
حافي القدمين على زجاجٍ مكسور، 
يبحث الإعصار عن شمسٍ سحرتها العاصفة.


■■■


جرحوا لي صديقاً

قشعريرة تجتاح ذراعي اليسرى
تنزلق حتّى أصابعي وأفقدُ السيطرة.
لكن ابتسامتي تضيءُ اللحظة:
أعلمُ أنَّ شيئاً جيداً سيحدث اليوم.

يمرُّ الوقت وتعود القشعريرة
في البداية لم أفهم الأمر،
لكنّ قلبي انخطف وعرفت: 
لقد جرحوا لي صديقاً للتوّ.

تعود القشعريرة لي 
تطاردني كلّ يوم 
قلبي يطوف فرحاً:
أعرفُ أنّك تفكر فيَّ.


■■■


أنتظرُ إشارة ضائعةً

أنتظرُ إشارة ضائعةً في الأفق. نظراتي تلامس حركة الريح. كلُّ صوت يحمله الهواء، يصير لحظةً أبعد تضيع في المسافات. وأنا استمر بالنظر إلى الفراغ. أحياناً، أسأل نفسي ما فائدة الحياة، وما نفع الدموع التي تذرفها العيون رغم إرادتها؟
يقولون إنَّ الدموع كمثل المطر تغسل حزن الوجه عندما تنحدر على الخدود. 
ربّما كان ذلك صحيحاً، فحين أنتظر أي شيء يريد أن يظهر أمام عيني بصورة الخيبة، ينهمر الحزن ثقيلاً على كياني، يضغط على صدري ويمنعني من التنفّس. 
وفي هذه السنوات كلّها، لم أعرف أن أذرف دمعةً واحدة.
ربما كان ذلك صحيحاً، ربّما ترك الجفافُ الحزنَ معلَّقاً في الروح، 
والآن أحتاج بعض الدموع كي يذوبَ الحزنُ ويصير رماداً.


■■■


ضعتُ في رأسي

أشعرُ أنني أطفو فوق البحر.
أشعر كيف تحملني الأمواج.
أشعر أنني لا أستطيع السيطرة 
أشعر أنني أغرق في البحر. 
أشعر أنَّ الريح تدفعني
أِشعر كيف تحملني إلى السماء
أشعر بسقوطي البطيء 
أشعر أن الريح تجرجرني.
أشعر وكأنَّ الريح تدفعني.
أشعر بنفسي أرتجف، 
لكنني أحافظ على توازني
أشعر كيف تنزلق أفكاري في النهر.
أرتعش وأفقد التوازن. 
أشعرُ ولا أشعرُ
أنني وسط صحراء، 
أنني خارج هذا العالم 
ولكني فيه إلى حدِّ الغرق.
لقد ضعتُ في رأسي
ولا أعرف أين تركت هذه اللحظة الحاضرة.


■■■


ما دام السؤال باقيا

الرأس مليء بالأسئلة
الكتفان لا تتخلّصان من التوتر،
حائرةٌ خفيفةٌ وناعمة في الوقت نفسه،
وضائعةٌ لا أجد ملاذاً. 
الريح تهبُّ، والعالم يختفي
ووحيدةً انتهى بي الأمر في أرض مقفرة
لكن كل شيء لا يزال هناك، 
مثل صراخ بعيدٍ.
أشعرُ بنسيمه وأسمع الأصوات. 
وفيما تمتلئ الروح بالشكوك
كل شيء يبدو غير حقيقي
كأنّ كل شيء صار فراغاً
من أنا؟ ماذا أريد؟
وكيف يمكنني أن أطارد الأحلام؟ 
وعلى أيّ طريقٍ أمضي؟
القلب يخفق، يُظهرُ أمارات حياةٍ،
لكنّه لا يجيبني عن أسئلتي. 
القلبُ ضائع مثلي، وهو يعرف 
رغم كثرة الخيارات التي تمرُّ
أن لا شيء يشعره بالراحة. 
الأسئلة في رأسي تقودني إلى الجنون
جزءٌ مني يضعها جانباً
يقول لي: "عيشي وانسي الأسئلة كلّها"
لكن مهما حاولت ذلك، فإنَّ قلبي لن يفعل،
لأنني لا أستطيع أن أعيش ما دام السؤال باقياً:
من أنا؟ 


* ترجمة عن الإسبانية: جعفر العلوني


بطاقة 

Vanessa Velandonie شاعرة وحقوقية مكسيكية من مواليد عام 1998. حاصلة على شهادة في القانون من "جامعة مونتيري للتكنولوجيا"، وماجستير في القانون الدولي لحقوق الإنسان من "جامعة إسيكس" ببريطانيا. تنشط في مجال حقوق الإنسان، مع اهتمام خاص بحقوق الإنسان الفلسطيني. القصائد المترجمة هنا من ديوانها الأوّل "جَنّة الكلمات" الصادر عام 2020.

نصوص
التحديثات الحية

المساهمون