غوتليب.. آخر سقوط للتفاحة

غوتليب.. آخر سقوط للتفاحة

05 ديسمبر 2016
(غوتليب، تصوير: رافاييل دوتينييه)
+ الخط -
من المؤكّد أن العصر الذهبي لفن الأشرطة المصوّرة لم يستطع مغادرة القرن العشرين، غير أن بعض الأسماء، من رسّامين وكتّاب، وكذلك شخصيات فنيّة، عرفت كيف تواصل الرحلة نحو القرن الجديد، ومنها الكاتب والرسّام الفرنسي مارسيل غوتليب الذي رحل أمس عن 82 عاماً.

خبر رحيله صدر أمس في بيان لناشره، "دارغو"، جاء فيه "ملايين من القرّاء ضحكوا وهم يتصفّحون حكايات "روبريك –آ - براك" أو "ملفات دينغو" أو "غي لورون"، وها هم اليوم يفقدون صاحب هذه الأعمال".

ولد غوتليب في 1934 لأسرة يهودية من أصول مجرية. هذه الأصول كانت مصدر إشكال لديه، وإن لم يظهر في أعماله بشكل مباشر، رغم أن البعض يفسّر حدّة سخريته بحالة التمزّق الهوياتي الذي لديه. ذات مرة، أعلن غوتليب -بشكل ساخر وغامض- بأنه سيزور كل بلدان العالم إلا المجر و"إسرائيل". ربما لم يزر الرسام الفرنسي كل بلدان العالم كما قال، ولكنه من جهة أخرى لم يذهب إلى البلدين المذكورين.

في بداياته، في خمسينيات القرن الماضي، كان على الرسّام الناشئ أن يشقّ طريقاً بين عمالقة ونجوم الأشرطة المصوّرة. وحين كانت قصص المغامرات والمخابرات في أوج ازدهارها، بدأ هو بعملية خلط عناصر السخرية بالعوالم النفسية مع إضفاء حيوية خاصة على تحرّكات الشخصيات ضمن القصة، والتي كان يحبّ أن يخرج في رسمها عن المعايير المعروفة عن أبطال الأشرطة المصوّرة سواء من ناحية تركيبتها الشخصية أو من خلال طريقة تصويرها.

على المستوى السردي، تميّز غوتليب بالاقتضاب والعمق الفكري في حوارات شخصياته، وكان من النادر أن يستمرّ مشهد واحد أكثر من صفحتين. كما تميّزت أعماله بثوابت أخرى، مثل ظهور شخصيات تخترق معظم قصصه، ومن أبرزها شخصية "كوكسينال"؛ الحشرة التي تظهر في وضعيات مختلفة وتضيء للقارئ ما خفي عليه، أو شخصية نيوتن الذي يظهر فجأة في القصة ليكتشف سرّاً من أسرارها بعد أن تسقط عليه تفاحة.

لكن أبرز ما حُسب لـ غوتليب هو دقّة صناعته للشخصيات، التي يعتبرها البعض لا تقلّ حياة وإقناعاً من شخصيات كبار الروائيين، ولعلّ أبرزها شخصية غي لورون؛ الكلب - الإنسان، أو هامستار جوفيال؛ قائد فرقة الكشافة الذي يضيء لأتباعه عوالم الموسيقى الحديثة، أو شخصية بيبير، العجوز ذي الرغبات الجنسية المتخّيلة. لعلّ هذه العناصر هي التي وفّرت لـ غوتليب شعبية قارّة حتى حين هجرت الأضواء عوالم الأشرطة المصوّرة.


المساهمون