حشدُ أسماك ملوّنة

حشدُ أسماك ملوّنة

30 مايو 2018
(خورخي باولانطونيو)
+ الخط -

عَوْداتٌ

يعودُ المرءُ
عبرَ مرآةِ الصَّالةِ
دون النَّظرِ إلى ذاتِهِ حتَّى
إذا الطفولةُ لم تَعُدْ
برئاتٍ حديديَّةٍ
للأطفال المشلولين

كنَّا نضعُ أسماءً للأزهارِ
كنَّا نضعُ ألْقاباً
للجارَةِ المبحوحةِ الصَّوتِ
كنَّا نضعُ آذاننا في حالةِ تأهُّبٍ
عندما كان يتحدَّثُ الكبارُ
كنَّا الأبناءَ
وهُمُ
الكبارُ الذينَ يعودون من السينما
بالمعاطفِ الكَتِيمةِ والقبَّعاتِ وأزهارِ الَّليْلَكِ الباريسيَّةِ
وقبلٍ على الشِّفاهِ
وتَثَاؤُبَاتٍ بسِعَةِ سينِما سْكُوب

كنَّا الأبناءَ
ولم نكنْ نرى السَّاعةَ
التي نصيرُ فيها آباءً

■ ■ ■


بُستانيّ يابانيّ

أين يمضي دمي القديمُ
الذي اعتادَ الإبحارَ ما بين الياسمين؟

وضعتُ يدي
لكي أشيرَ لك على الخرابِ تحتَ الماءِ

حشدُ أسماكٍ ملوَّنَةٍ
تقفزُ تقفزُ تقفزُ
لكي تلتهمَ فتاتاً لامرئيّاً
يتساقطُ من فمك المختومِ

لم أستطعْ أن أتذكَّرَ اللحظةَ التي تعارفنا فيها
تحتَ أيِّ سماءٍ أو هواءٍ استوعبنا
أجسادَنا
ولا أيَّ انبعاثٍ وُدِّيٍّ
أتاحَ لنا أن نمشيَ فوقَ المياهِ
أشرْتُ إلى الرَّافِدَةِ
التي تَفُلُّها الطحالبُ
كانتِ الأسماكُ تطفو
حشْدُ أسماكٍ أبيدَ

■ ■ ■


ضيفٌ مُعْتِم

"أعرفُ أن غنائي قابلٌ للعطبِ
بشكلٍ مُعتِمٍ سيمضي عبر الذاكراتِ
مثلَ ضيفٍ مُعْتِمٍ" - روبيرتو باين

لمسَ الجبهة خلالَ نهايَةِ المساءِ
سَمَّى الأعشابَ
واستدعى لُغاتِ الغَرَق

على كاهلِ العالَمِ
ثمَّةَ جرَّةٌ حيثُ يخفِقُ الطوفانُ

سوف يكتبُ علامتنا
حوتٌ فضِّيٌّ يندفعُ نحو النِّسيانِ
وسيُشعِلُ إشارةً
لكي يُزيحَ الضَّبابَ من أيادينا
أعيُنُنا ستكونُ جرساً من زجاجٍ

المطرُ ذاتُهُ
خِفَّةٌ تبحثُ عن النَّهْرِ الذي يهاجرُ
من ضفافِ الخوفِ

سيكونُ لدينا حينئذٍ
الوشمُ ختمٌ علامةٌ
احتضارٌ
أولئك الذين يُعيدون المُمْكِنَ:
ثمَّةَ ضيفٌ مُعْتِمٌ
لختْمِ
السُّؤالِ الأخيرِ
للجفنين المتألِّمَينِ

■ ■ ■


تكوين

لا أحدَ يعلمُ ما قالته العرَّابَةُ
لما حكت
أنها لن تبقى
وأن القرينَ
على وشك الرحيلِ
صحبة عذراء من الأقزام

لا أحدَ يعلمُ كمْ صلَّتْ لأجل أن تبقى
ولا كيف كبُرَ بطنُها بغتةً
في ضوضاءٍ باردة
وحُلِيٍّ وأقاحٍ وتطريزاتٍ

كانت ترغبُ أن تلِدَ صبيَّةً
لكي تغنِّيَ لها تنويماتٍ
كانت تصلي بالكتالونية
بينما كان المطرُ يبللُ أشجار السَّنطِ

لا أحدَ يعلمُ شيئاً عن اليوميةِ الموعودةِ
التي ما كتبتْها قطُّ
أجل في النهايةِ أنجبَتْ طفلاً ذكراً
وبدأتْ تنفلتُ منها العينانِ
إلى مستنقع الفيضانِ


* Jorge Paolantonio شاعر أرجنتيني من مواليد 1949.
** ترجمة عن الإسبانية: خالد الريسوني

دلالات

المساهمون