"ما فينا ندفع": داريو فو المتهكّم الضاحك

"ما فينا ندفع": داريو فو المتهكّم الضاحك

10 يناير 2019
(من العرض)
+ الخط -

تحظى نصوص الكاتب الإيطالي، داريو فو (1926 – 2016)، بمعالجات مسرحية متعدّدة، بالنظر إلى جرأة مضامينها التي تنتقد ظواهر اجتماعية وسياسية ودينية تمسّ حياة الناس في مختلف الثقافات والبلدان، بل ربما تشكّل استعادتها اليوم أهمية إضافية مع الأزمات الاقتصادية وتصاعد اليمين والتطرُّف في العالم.

أحد أبرز النصوص التي قُدّمت مسرحياً في أكثر من نسخة عربية، هو عمله الذي يحمل عنوان "لن ندفع، لن ندفع!"، والذي تقدّمه المخرجة اللبنانية لينا أبيض على خشبة مسرح "دوار الشمس" في بيروت عند الثامنة والنصف من مساء اليوم الخميس بعنوان "ما فينا ندفع! ما رح ندفع!" وتتواصل عروضه في الموعد نفسه حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري.

يتضمّن العمل مقاربة جذرية للصراع الطبقي وفكرة السلطة التي تُمثّل نواتها العائلة، حيث هيمنة رأس المال واحدةٌ ومقاومة الإنسان المهمّش لها أيضاً واحدةٌ، وتعرية الفوضى وحالات التشظّي التي يعيشها المواطن العربي، نتيجة توحّش الرأسمالية التي توسّع مستوى الحرمان ويتكاثر بسببها عدد الفقراء يوماً بعد يوم.

المسرحية قُدّمت أول مرّة العام الماضي، ويشارك في أداء شخصياتها كلّ من دارين شمس الدين، وسني عبد الباقي، وهبة سليمان، وهشام خداج، ورافي فغالي، وعلاء عيتاني، وياسين عبّود.

يروي النص الأصلي الذي نُشر عام 1974، كيف وصل التضخُّم الاقتصادي حدّاً قياسياً في الارتفاع، فينكسر الغضب والتوتر السائد عندما تقود أنطونيا ثورة في السوبرماركت في الحي وتتم سرقة المبنى، ثم تحاول هي وصديقتها ريتا يائستين أن تخبئا "البضاعة المحرّرة" قبل أن يكتشف زوجاهما وكذلك الشرطة ما حدث.

تضع المخرجة وأستاذة المسرح أحداث عرضها ضمن سياق لبناني، رغم أن أسماء الشخصيات والأماكن تظلّ بتسمياتها الإيطالية، لكن الأجواء والحوارات تحيل إلى مكان قريب من المشاهد، حيث المسرح بيت شبه خاوٍ، خزائنه فارغة، حتى تقرّر المرأتان في مشهد هستيري تقاسم وتوزيع الأكياس التي سُرقت في أرجاء المنزل، ويحظى بطن ريتا بأحدها فينتفخ، وهكذا صارت حاملاً في شهرها الخامس تقريباً بين ليلة وضحاها.

على كتيّب المسرحية، ورد اقتباس لداريو فو يقول فيه: "حين يكون المسرح متهكماً ومُضحكاً، فعليك قبل كل شيء أن تدافع عنه، لأن المسرح الذي يجعل الناس تضحك هو مسرح العقل البشري"؛ هذا هو الضحك الذي يبحث عنه صنّاع العمل في واقع لبناني وعربي يزداد بؤساً.

دلالات

المساهمون