أبو يعرب المرزوقي: واقفون في جغرافيا استعمارية

أبو يعرب المرزوقي: واقفون في جغرافيا استعمارية

الرباط

العربي الجديد

العربي الجديد
21 يناير 2016
+ الخط -

أكثر من خمس سنوات بقليل منذ أن بدأت رياح التغيير تهب على العالم العربي، ضمن ما عُرف بـ "الربيع العربي". كانت شوارع العواصم العربية من تونس إلى القاهرة ومن الرباط إلى دمشق فضاءات لشعارات جرى الالتفاف على بعضها فيما ظلّت أخرى تستمد طاقتها من المنابع الروحية للشعوب العربية.

في محاضرة ألقاها أمس في العاصمة المغربية الرباط بعنوان "الدلالات الفلسفية لوضع الثورة الراهن"، عاد المفكّر التونسي أبو يعرب المرزوقي إلى هذه الشعارات مقلّباً إياها على ضوء الفلسفة، تحديداً فلسفة التاريخ وفلسفة الدين.

الشعار الأبرز الذي يقف عنده المرزوقي هو "الشعب يريد"، والذي يرى بأنه حسم قضية "لمن تعود السيادة في الأوطان؟". يترجم هذا الشعار عملياً إلى مطالب أهمّها الحرية والكرامة.

اعتبر المرزوقي أن هذا الشعار، إضافة إلى أبعاده السياسية، مشبع بحمولة روحية، فاستعماله، بحسبه، يدل على إرادة تغيير مفهوم القضاء والقدر، لأن الشعار مستلهم من بيت للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي، يمثّل صياغة شعرية للآية القرآنية "إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم".

يرى صاحب "الاجتماع النظري الخلدوني" أن رفع هذا الشعار يمثّل رفضاً للقراءة التي تعتبر أن القضاء والقدر هما اللذان يحدّدان التاريخ أو أفعال الإنسان، وهو المطب المعرفي والتاريخي الذي سقطت فيه الحضارة الإسلامية، وجرى تبرير الهزائم، ومنها الاستعمار، من خلاله.

يشير المرزوقي إلى أن الثورة، في تونس مثلاً، سرعان ما اكتشفت أن الإمكانيات المادية لبلد ما لا يمكن أن تحقّق الحرية والكرامة، وهو ما يسميه بـ "قدر الجغرافيا"، الذي لا يكفي لبناء تنمية اقتصادية وعلمية. يمكن تعميم هذه الفكرة على كل بلد عربي على حدة، بمعنى أن المجال الجغرافي الضيق لهذه البلدان يقف ضد التنمية الاقتصادية، وبالتالي سقطت الثورات عند "عجز في السيادة".

من هنا، يعتبر المرزوقي أن المعركة ليست فقط في المطالبة بالحرية والكرامة، وإنما المطالبة أيضاً بتحقيق شروطهما، ما ينقل الثورة من ما هو محلي إلى ما هو إقليمي، أي أن المطالب لن تتحقّق إلا إذا جرت إزالة "الجغرافيا الاستعمارية والتاريخ الاستعماري".

يكشف صاحب "استئناف العرب لتاريخهم الكوني" أن ذلك لم يكن العائق الوحيد أمام الربيع العربي، إذ قوبل كل حراك ثوري بـ "ثورة مضادة داخلية"، أرادت الحفاظ على الفساد داخل الدولة، حيث أن مشروع الدولة الجديد النابع من شعارات الثورة يقتضي توزيعاً عادلاً للثورات، وهو ما يتعارض مع مصالح المستفيدين من النظام الاستبدادي، إضافة إلى مصالح في الإبقاء على الجغرافيا الاستعمارية، وهو ما تغذّيه الدول الاستعمارية حفاظاً على مصالحها هي الأخرى، وهو ما يسمّيه بـ "ثورة مضادة عالمية".

وهنا تكمن المعركة، بحسب أبو يعرب المرزوقي، فالتاريخ الاستعماري هو الذي يعمل على إلغاء التاريخ الموحّد للمسلمين، ويقتل كل إمكانية للإبداع. 

ذات صلة

الصورة
المركز العربي يعلن نتائج استطلاع المؤشر العربي لعام 2022 (العربي الجديد)

سياسة

أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، اليوم الثلاثاء، عن نتائج المؤشر العربي 2022 الذي نفّذه في 14 بلدًا عربيًا، بهدف الوقوف على اتجاهات الرأي العام العربي نحو مجموعة من الموضوعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
الصورة
منشد الثورة التونسية، خالد الفالحي

منوعات

توفي مساء أمس الأحد "منشد الثورة التونسية" خالد الفالحي في حادث مروري عندما اصطدمت سيارته بأخرى في منطقة المحرس بمحافظة صفاقس، جنوب تونس.
الصورة
Getty-Commemorative ceremony for Qasem Soleimani in Tehran

سياسة

القسم الثاني من السيرة الذاتية لـ"فيلق القدس"، الذراع الخارجية الضاربة للحرس الثوري الإيراني، والعنوان الأبرز في الخلافات الإقليمية والدولية مع إيران بشأن سياساتها الإقليمية.
الصورة
فريق لوكاشينكو كان يتأهب لسير الاحتجاجات وفق النموذج العربي

تحقيقات

يواجه الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، الرافضين لنتائج الانتخابات الأخيرة عبر حملة قمع ممنهجة بدأت بقطع الإنترنت عن البلاد والتخلص من زعماء المعارضة، وتفاقم العنف في سيناريو يشبه ما جرى في العالم العربي

المساهمون