بضع كلمات في نهاية الطفولة

بضع كلمات في نهاية الطفولة

22 يوليو 2016
(الشاعر، تصوير: أولغا لوسيا خوردان)
+ الخط -
استعجالات اللحظة 

كان الزمن محقّاً في تحقيق هدفه
في الإقامة حيثما أراد
في الحفاظ على طقوسه وعاداته.

الآن أتفهَّمُ تأخيره ولجلجته
ولحاقه بالنجاحات،
وعناده لإصلاح بضع كلمات في نهاية الطفولة
وبضع كلمات أخرى في الزاوية العرجاء لهذا الشارع
تلك المليئة بالمفاجآت والصمت
كما الحياة.

لهذا اغفري لي سوء تقديري للوقت.
لاستدعائك في ليال بغيضة متشائمة
من أجل تكديس أنقاض وقضايا يومية في الدرج ذاته، بين تعب الأيام وموسيقى الصمت العنيدة.

كان الوقت على حق في اتباع إيقاعه
والحياة في تحقيق غاياتها
كي تبقى هنا
مع كلِّ استعجالات اللحظة.

لهذا، اغفري لي إلحاحي
لأنني لا أعرف لا قواعد ولا كلمات اللغة المنسيّة
لأنني أضعت الدفاتر والمفاتيح وأغنية قديمة مضبوطة الإيقاع والرماد!
كما لو أن الأحلام تضيع
كل يوم
في حماسة الزمن، حيث لا نعير للساعات
أهمية



كي ترى العالم 
(إلى لويس غارسيا مونتيرو)

ثمّة طريقة تجعلنا نتأمّل العالم، دون غضب
دون حقائب ولا رحيل
نتأمّل ما هو أبعد من الطوابع البريدية
ومفارشها المربّعة
أبعد من المنازل الفارغة وسيّارات الأجرة الصفراء.
هناك طريقة مختلفة لرؤية أسلاكه بملابس ممتدَّة للشمس في الشرفات الكبيرة.

لكنَّني لا أعرف شيئاً عن العالم
سوى الوداعات في المطارات
وتطابقها مع حجرتي ومنضدتي
المليئة بالأقلام الفارغة وبالبطاقات التي عفا عليها الزمن
وأدوية الأمراض الشائعة.

والنتيجة أن العالم حزين
دون سينما ودون سيارات أجرة صفراء
ملاعبه الفارغة بعد يوم منهك
ومفارش الموائد المربعة
أغانيه التي تعرّف به في كل محطّة
هي ما يبقي على الضوء والضجيج
كي تتمكّن الدموع من رؤيته بشكل أوضح
بعد ضياع ملامحه ونسيانها.


متشابهان
كلَّ يومٍ تشبه أباك أكثر
يقول لي الناس
بحركاته، بمشيته،
برؤيته الهشة لخطوات البشر.
في طريقة أكله وعاداته بإعداد قوائم دون هدف.

متشابهان - تصيح العمّات وأبناء العمومة-:
تشيران بالطريقة ذاتها، وتفضّلان العزلة
تسيران في طرائق المدينة ذاتها وتتشابهان في إعادة رواية القصص في نفس الأوقات.

تبدوان كساحرين يعلّمان الأطفال خدعاً قديمة
- تقول أمي في بعض الأيام -
ترتديان ملابس لا تليق ألوانها بحالة قلبيكما ولا بنظرتيكما.

كل يوم نشبه بعضنا أكثر
الشخصية والطباع، كأنما هو شكل من البقاء وسط كثير من الغياب،
من الذكريات المحفوظة والأغاني المعادة.
كل ما حصل كان أكثر الأشياء ارتحالاً
في الأرق.



* FEDERICO DÍAZ-GRANADOS شاعر كولومبي من مواليد بوغوتا عام 1974. من دواوينه: "أصوات النار" 2005، "بيت الريح" 2000، "استضافة الخطوة" 2003، و"نسائم اللحظة" 2015. أعدَّ أنطولوجيات عن الشعر الكولومبي الحديث، كما شارك في إعداد أنطولوجيا "الحديقة الواسعة" وهي مختارات لشعراء شباب من كولومبيا وأوروغواي، 2005.

** الترجمة عن الإسبانية غدير أبو سنينة وينشر بالتعاون مع "إلكترون حر"

المساهمون