الترجمة في تونس.. تجديد استراتيجيات

الترجمة في تونس.. تجديد استراتيجيات

17 اغسطس 2016
لوحة "تونس" لـ بول كلي/ ألمانيا
+ الخط -

نظراً للحاجة الملحّة إليها، والتي تتعدّى الجانب العملي إلى البعد الحضاري، لم يعد ممكناً أن تظلّ الترجمة معتمدةً فقط على مبادرات فردية، خصوصاً في البلاد العربية التي تبدو، إلى حدّ ما، في حالة عزلة عن منظومة تداول الأفكار والآداب العالمية.

منذ سنوات، بدأت تظهر نزعة مأسسة قطاع الترجمة، من خلال تخصيص معاهد ومؤسّسات نشر تُعنى بالترجمة، عامّة وخاصّة، غير أن هذه المؤسّسات قد تحتاج، من وقت إلى آخر، إلى مراجعات في الرؤى والسياسات العامّة.

مؤخّراً، أعلن "المركز الوطني للترجمة" في تونس بأنه يعتزم تغيير هيكلته ليتحوّل إلى مؤسّسة تدريب في مجال الترجمة، مع الإبقاء على دوره على مستوى النشر. صباح أمس الثلاثاء، جرى تنظيم ندوة لتوضيح هذه الخطوة في مقرّه في وسط تونس العاصمة، والإعلان عن اسمه الجديد "معهد تونس للترجمة".

الندوة حضرها عدد من الأكاديميين، أغلبهم كانت له ترجمات نُشرت في "المركز"؛ مثل: جلال الدين سعيّد ووحيد السعفي ولطفي عيسى، فيما تداول على الكلمة كل من مدير المركز خالد الوغلاني، ووزيرة الثقافة سنية مبارك، والمشرف على المشروع محمد محجوب.

في كلمته، بيّن الوغلاني ما يمكن أن يعود به هذا التوجيه الجديد لنشاط المركز، والذي لا يقتصر فقط على البعد التدريبي، بل يتجاوزه إلى البحث عن شراكات تتيح للكتاب الذي يصدر عن المركز الوصول إلى الأسواق العربية والعالمية. كما تطرّق إلى تخصيص قاعة عرض في المركز حملت اسم "مكتبة الترجمان" تُعنى - إضافة إلى عرض الكتب التي أصدرها المركز وسيُصدرها المعهد - بتوفير أدوات ووسائل مساعدة للمترجمين.

في كلمة مقتضبة، تحدّثت الوزيرة عن الترجمة كإحدى قنوات "الديبلوماسية الثقافية"، ودعت إلى توسيع دائرة التعامل اللغوي؛ بحيث لا تكون الترجمة في تونس مقتصرة على عملية ذهاب وإياب مع اللغة الفرنسية.

الكلمة الأخيرة خُصّصت للمشرف على المشروع الجديد، أستاذ الفلسفة في الجامعة التونسية، محمد محجوب، والذي قدّم إطاراً عاماً لتبلور فكرة "معهد تونس للترجمة"، حين عاد إلى جهود جيل مؤسّسي الجامعة التونسية ووضعهم برامج تتيح تدريب مترجمين يستطيعون نقل العلوم إلى العربية، قبل تأسيس "المركز الوطني للترجمة" في 2006، والذي قدّم بصورة أفضل جهود المترجمين، مشيراً من موقعه كمدير سابق للمركز إلى أنه كان يهدف منذ البداية إلى الاشتغال على البعد التدريبي، أي أن هذه الخطوة ليست سوى تجسيد لطموح سابق، مشيراً إلى تغيّرات في "طبيعة الاستماع لمشاريع المركز في السنوات الماضية".

يرى محجوب أنه مع نسَق نشر قرابة ثلاثين كتاباً سنوياً، ثمّة جودة مشهود بها للترجمات التونسية في مجالات مختلفة؛ كالفلسفة واللسانيات والتاريخ، معتبراً أن "المعهد" سيتضمّن تحسين مستوى المترجمين ويتيح لـ "المدرسة التونسية في الترجمة" أن تأخذ حظوة أكبر.

يلفت محجوب أيضاً إلى جانب آخر وهو وجود طلب على المترجمين، خصوصاً ممّن تكون العربية لغتهم الأم، ليختم كلمته بالحديث عن "أهمية سياسية وثقافية" لتموقع المترجمين في منظمّات دولية كبرى، مشيراً إلى المنافسة الدولية التي يشهدها قطاع الترجمة.

المساهمون