جزائريّات يرتكبن الجرائم

جزائريّات يرتكبن الجرائم

01 فبراير 2015
قضية انحراف المرأة ليست ظاهرة (فاروق باطيش/فرانس برس)
+ الخط -

خلال السنوات الأخيرة، ازدادت نسبة الجرائم، التي ترتكبها نساء في الجزائر. وتشير مديرية الأمن الوطني إلى تورّط 2109 نساء في الضرب العمد، من بينهن 90 قاصرة، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، بالإضافة إلى إحصاء 306 نساء تورطن في قضايا دعارة. كذلك، تلفت إحصائيات الشرطة إلى تورط 427 قاصرة في قضايا سرقة متنوعة، من بينها 93 قضية سرقة هواتف نقالة، بالإضافة إلى اتهام 14 امرأة في قضايا رشوة. يضاف إلى ذلك تورط 48 امرأة في قضايا حيازة واستهلاك مخدرات، وتورّط 33 امرأة في تجارة المخدرات.

وتؤكد إحصائيات مديرية الأمن الوطني تورط 34 امرأة، بينهن قاصرتان، في جرائم القتل العمد والضرب العمد الذي أدى إلى الوفاة. وعن الأسباب التي تدفع هؤلاء النساء إلى القتل، يقول رئيس مكتب المساس بالأشخاص في مديرية الشرطة القضائية طالب حكي إنها كثيرة، منها الانتقام على غرار جريمة القتل الأخيرة التي شهدتها الجزائر العاصمة، بعدما قتلت امرأة زوجة وابني زوجها لرفضه إعلان زواجهما. كذلك، هناك الشرف الذي كان وراء لجوء عدد من النساء إلى القتل. على سبيل المثال، في إحدى الجرائم، استعانت إحدى النساء بشقيقتها وخالتها لقتل ابنتها التي تورطت في قضية أساءت إلى شرف العائلة، على حد قولها. كذلك، تؤدي النزاعات الأسرية حول الميراث إلى ارتكاب الجرائم، بالإضافة إلى السرقة التي تؤدي في بعض الأحيان إلى القتل لإخفاء معالم الجريمة.

أظهرت دراسة لأستاذي علم الاجتماع، بوفولـة بوخميس، من جامعة عنـابة، ومعزوز بركو، من جامعة بـاتنة، حول التغير الاجتماعي والأسري وعلاقته بالسلوك الإجرامي لدى المرأة في المجتمع الجزائري، أن السجينات ينتمين غالباً إلى أسر تورط أفرادها في ارتكاب جرائم.
وتتسم البيئة التي نشأن فيها بانحراف بعض أفرادها، وخصوصاً الوالدين، أو تعرضهن للعنف، فضلاً عن التفكك الأسري واضطراب المحيط الثقافي. وبحثت الدراسة التي شملت 90 سجينة، في العوامل التي تؤدي إلى ارتكاب النساء الجرائم في المجتمع الجزائري، وخصائص البيئة التي ترعرعن فيها. وتوصلت إلى أن المرأة العزباء ترتكب الجرائم بنسبة أكبر من المرأة المتزوجة. كما أن نسب معاودة النساء ارتكاب جرائم هي أقل بكثير من الرجل.

بالتالي لا يمكن حصر الجريمة في سبب معين، بل هو تضافر مجموعة من العوامل، سواء كانت نفسية أو تتعلق بالبيئة الاجتماعية، كالعائلة وتخلي الوالدين عن أدوارهما الاجتماعية في التربية، والتفكك الأسري الذي يتجلى في أوجه عدة كالطلاق أو عدم الانسجام بالإضافة إلى أمور أخرى، وسوء معاملة الآباء للبنات، وعدم احترام رغبة الفتاة في اختيار ما تريد، وخصوصاً الزوج الذي تراه الأنسب. وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسات الأخرى التي يقضي فيها الأطفال وقتاً طويلاً، على غرار المدرسة وغيرها، تعد مسؤولة أيضاً عن تكريس القيم الاجتماعية في الجزائر.

في السياق ذاته، يقول أستاذ علم الاجتماع، أرزقي فزاد: "لا أستغرب انتشار الجريمة بين النساء وإن كنت لا أعتبرها ظاهرة. ليس لدينا مؤسسات متخصصة تهتم بالظواهر الاجتماعية. لذلك يعتمد الإعلام على الإثارة ويسقط في هوة التهويل على حساب الطرح المعرفي. إن قضية انحراف المرأة ليست ظاهرة كبيرة. فمن بين 40 مليون جزائري، هناك أفراد وليس جماعات". يضيف أن المجتمع ليست لديه رؤية واضحة حول طبيعة الجرائم التي ترتكبها المرأة. يتابع: "لا أثق في الإحصائيات التي تصدر بين فترة وأخرى لأن غالبية المؤسسات التي تقوم بها ينقصها التخصص، وينبغي البحث أولاً عن مختلف الأسباب والعوامل التي تؤثر على المرأة وتدفعها إلى ارتكاب الجرائم"، لافتاً إلى أن "العائلة هي المسؤولة عن دفع النساء إلى الشارع".

يرى فزاد أن المجتمع لا يرحم. على سبيل المثال، فإن ظاهرة نوم المرأة في الشارع لم تكن موجودة في الجزائر. لكن اليوم باتت منتشرة بكثرة. نجد نساء كثيرات يضعن الكرتون على الأرصفة وينمن عليه. وغالباً ما تكون الأسباب الطلاق أو تعرضهن لضغوط في البيت، أو التفكك الأسري وغيرها من المشاكل. ماذا عن رأي الناس؟ تؤيد الطالبة نبيلة صروي معاقبة المرأة التي ترتكب الجرائم كما الرجل. لكن يجب البحث أولاً عن الأسباب التي تدفعها إلى ارتكاب الجرائم كالفقر وغياب الوعي، وما يترتب عليها من مآسي اجتماعية. في رأيها، فإن "عجز المؤسسات التربوية عن القيام بأدوارها يؤدي إلى الجريمة".

من جهته، يسأل الموظف أمين بو عقبة: هل يتقبل المجتمع المرأة المجرمة بعدما تدخل السجن وتخرج ويعطيها الفرصة لتعيش حياتها مجدداً؟ الجواب بالنسبة إليه هو لا. يقول: "لن تجد حتى هذه الفرصة وستعيش بين أناس يحتقرونها. سيرفضها أهلها وستكون عاجزة عن الاندماج في المجتمع، لتبقى طوال حياتها مجرمة في نظر الناس، فيما عليها أن تسعى إلى استرداد مكانتها الضائعة في مجتمعها"، لافتاً إلى أن بعض مؤسسات المجتمع المدني تساهم في ذلك.

المساهمون