التعليم الخاص يُثير غضب التونسيّين

التعليم الخاص يُثير غضب التونسيّين

24 سبتمبر 2014
يضطر المتخرجون للعمل في أيّ مجال (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تخرجت كريمة عام 2011، من المدرسة الوطنية للمهندسين (حكومية). لكنّها اليوم، لا تمارس مهنتها، بل تعمل في مركز للاتصالات والإنترنت، مقابل دخل شهري يبلغ 250 ديناراً فقط (180 دولاراً). في المبدأ، تخوّلها شهادتها الحصول على وظيفة في واحدة من كبرى شركات الهندسة، بمرتب يتجاوز 1500 دينار (ألف دولار). لكنّ كريمة، كآلاف المتخرجين، تضطر للعمل في أي مجال، كي لا تبقى عاطلة عن العمل.

تقول كريمة إنّ متخرجي كليات الهندسة الحكومية كانوا، في السابق، الأوفر حظاً في الحصول على وظيفة، نظراً لانخفاض عددهم. لكنّ ظهور عدد من الجامعات الخاصة، أوجد منافسة قاسية للمتخرجين.

عام 2000 شجعت وزارة التعليم العالي، القطاع الخاص على الاستثمار في قطاع التعليم. ومنذ ذلك الحين تصاعد عدد الطلاب المنتسبين إلى جامعات خاصة ومعاهد، ليصل إلى 25 ألف طالب في العام الدراسي 2013/2012. أي ما يمثل 7 في المائة، من مجموع الطلاب المسجّلين في التعليم العالي، الذي يقارب 340 ألف طالب. كما بلغ عدد مؤسسات التعليم العالي الخاصة 46 مؤسسة، متعددة التخصصات، مقابل 198 مؤسسة تعليم عالٍ رسمية. ووفق قانون الترخيص لها، فإنّ المؤسسات الخاصة للتعليم العالي ملزمة بتأمين تعليم، لا يقل مستواه عمّا يدرس في مؤسسات التعليم العالي الرسمية. وهو ما يعتبره كثيرون في تونس اليوم ضرباً من الخيال، في ظل ما يعتبرونه مستوى متدنياً لهذه المؤسسات.

فعلى الرغم من قلة عددها نسبياً، فإنّ ظاهرة الكليات الخاصة، تلاقي اليوم تذمراً لدى متخرجي المؤسسات الرسمية، على وجه الخصوص. ويعود التذمر إلى عدة أسباب، منها جودة التعليم، والربح المالي، وتوسع المؤسسات ذات التمويل الأجنبي التي يعتبرها البعض خطراً، على منظومة التعليم الرسمي في تونس.

في هذا الإطار، نبهت هيئة المهندسين المعماريين، إلى سلبيات مؤسسات التعليم العالي الخاص، التي تدرّس اختصاص الهندسة المعمارية. وأشارت إلى أنّ عدم احترام جودة المستوى التعليمي والأكاديمي، يؤدي حتما إلى إغراق سوق العمل بمتخرجين مستوياتهم الأكاديمية ضعيفة ومحدودة الحظوظ في العمل. وهو ما يضرّ بمستوى كفاءة المهندس المعماري، ويؤثر سلباً على سمعة المهنة.

انتقادات

يتزايد عدد الملتحقين بالجامعات الخاصة، على الرغم من تكاليفها المرتفعة. وتصل الرسوم السنوية للطالب إلى 15 ألف دولار أميركي. ويضطر البعض للاستدانة والاقتراض من المصارف، لتسديدها. وهو ما يفسر أنّ الفقراء أيضاً باتوا يلتحقون بهذه الجامعات.

ويتحدث الأستاذ الجامعي، عبد المجيد رحالي، لـ"العربي الجديد" عن أسباب التحاق الطلاب بهذه الجامعات. يقول إنّ أهم الأسباب هو عدم حصول الطالب على الاختصاص الذي يرغب فيه، في الجامعة الرسمية، بسبب ضعف مجموعه في الثانوية. لكنّ رحالي يشير، كذلك، إلى النتائج السلبية للتعليم الخاص، في قوله إنّ "المستوى المعرفي للمتخرجين تراجع، وتدهورت ظروف العمل". ويطلب بالتالي مراجعة إصلاحية شاملة للمنظومة التعليمية، وإلزام المؤسسات الخاصة بقبول الطلاب أصحاب الكفاءات، ولا سيما في الطب والهندسة.


من جهته، يؤكد كاتب عام نقابة التعليم العالي حسين بوجرّة على ضرورة تنظيم قطاع التعليم الخاص، من خلال ضبط المنهاج والشروط، "بخاصة أنّ أكثر من 50 في المائة من الدروس في الجامعات الخاصة، يقدمها طلاب حديثو التخرج". ويشير بوجرّة إلى وجود منافسة غير شريفة بين القطاع الخاص والحكومي، "تضرب منظومة التعليم، ذلك أنّ المؤسسات الخاصة تقدّم جملة من الإغراءات لطلابها، منها تأمين الوظيفة بعد التخرج".

يشار، في هذا الإطار، إلى أنّ وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق، المنصف بن سالم كان قد أعلن أن الوزارة أوقفت إعطاء التراخيص للمؤسسات الجامعية الخاصة، في مجالات العلوم الطبية وشبه الطبية. لكنّه أعفى 16 مؤسسة خاصة تقدم اختصاصي التمريض وطب البنج، من قراره. كما أشار الوزير إلى أن الوزارة ستمنع مستقبلا إعطاء ترخيص طبي، لأن بعض المؤسسات الخاصة لا تستجيب للشروط العلمية المدققة.

ومع تزايد النقاش، يبدو أنّ بعض المحتجين على المؤسسات الخاصة، يسعون إلى المزيد. وفي هذا الإطار، ينفذ، اليوم، متخرجو كليات الهندسة الحكومية، وقفة أمام وزارة التعليم العالي، احتجاجا على ارتفاع عدد جامعات الهندسة الخاصة.

دلالات